تركيبة العراقي انه يعيش الأزمة ويتفاعل معها إلى أبعد الحدود حتى ترهقه لكن من دون أن يبحث عن سببها أو من يقف خلفها ولم يعش يوما أزمة مهما كان نوعها سواء كانت عاطفية أو دينية أو معاشية وهو يعرف من صنعها ووقف خلفها ونماها حتى تفاقمت وعلى مر تاريخ العراق . كان العراقي يخرج من أزمة خاصة إلى عامة وبالعكس ليعيشها بجدارة وتطحنه رحاها من دون معرفة صانعها اللهم عدا الشماعات الجاهزة التي صنعها اعلام السلطة واستعارها منه المجتمع احيانا مثل .. امريكا . إسرائيل. الاستعمار . أعداء الشعوب . عملاء الرجعية .. عم البنية . خالتها . الزمن . الظروف . غياب الحظ . المكان . المعتقد وهكذا سار العراقي مع الأزمات يعيشها بتفاعل عميق ويجهل من أتى بها ففي بداية تسلط البعثيين في السبعينات حدثت أزمة( الحنطة ) المشهورة وعاشها العراقي بكل قوة جاع ولهث خلف توفيرها وأنفق ما يملك من أجل توفيرها لعياله واكل البذور المسمومة ومات من مات وعرف كل تفاصيلها ومعاناته لكنه حتى الساعة لم يعرف من صنعها ومن غذاها ومن وقف خلفها واطالها عدا انه عرف من أعلام السلطة ان الأزمة من صنع ( أعداء الشعب ) مع يقينه ان الشعب لا عداء له مع احد لكنه صدق كلام الحكومة وعاش الأزمة وما ان تجاوزها حتى نساها في ظل ظروف أزمة قاهرة أخرى وهكذا توالت الأزمات حتى وصلنا إلى فساد الملح أو أزمة الرواتب التي لا تشببها أزمة ولم يعاني من مثلها العراقي حتى في فترة تأميم النفط في النصف الأول من سبعينات القرن الماضي يوم تم استقطاع جزء من الرواتب وإعادته بعد تسعة أشهر بنجاح التأميم وأزمة الرواتب الجديدة تماما على العراقي هي أزمة من نوع جديد لكن العراقي تعامل معها بنفس طريقة ازماته القديمة ولكن بضجيج أعلى وشكوى اكثر مرارة من دون أن يبحث عن من افتعلها أو صنعها ووقف خلفها ليرعب بها العراقيين حتى من غير اهل الرواتب وقد تحدث هذه الأزمة شرخا في حياة العراقيين وطريقة تعاملهم مع ازماتهم وربما تخدمهم في دفعهم للبحث عن سبب الأزمة ومن افتعلها ووقف خلفها علما ان لا ازمة حقيقية وقد تستطيع الحكومة توفير الرواتب عن طريق حلول كثيرة وخيارات متعددة لكن واضع الأزمة استطاع شل حركة الحكومة وإدخال الرعب في قلب العراقي واخافه من غدا بلا راتب حد بدأ العراقيون بإيجاد بدائل على طريقة العطارين القديمة( هاك صوفه وانطيني علك ) لكن بعد أن ابدلوا الصوف بالسمنت والعلك بالراتب .