يوم تكليفكم سيدي الرئيس كان ابتلاءً عظيماً والقاءً للحجة على كل من يدّعي الاخلاص ودق ناقوس الخطر في شوارع وساحات العراق ان حي على خير العمل وان الصلاة خير من النوم لهذا ساسمح لنفسي برجائكم التوضيح لكل مواطن في خطابكم الاول بالقول ( انتهى عصر الظلمات وسنبدأ بنية خالصة للتوجه لبناء البلد بروح طاهرة مخلصة فمن كان معنا فليشمر عن ساعده ومن كانت وجهته الى دنيا يصيبها او امرأة ينكحها فهجرته الى ما هجر اليه ولايتعب نفسه معنا فسوف نكون له بالمرصاد ).
لابد لي دولة الرئيس في الوقت الذي اشكركم فيه اشد الشكر لاستقبالكم لي ان اقدم احلى واعز تبريكاتي للشعب العراقي اولاً ولشخصكم الكريم ثانياً متمنياً من الله العلي القدير ان يعينكم على ما ابتليتم به من تركة تهد الجبال وانها والله لشجاعة وتضحية يشهد لها التاريخ انكم تقبلتم تسلم هذه التركة المتعبة راجياً من كل عراقي مخلص وكل سياسي يتمتع ولو بجزء من المصداقية ان يكون عوناً لكم في سبيل بناء البلد والتخلي عن اسلوب وضع العصى في العجلة اشباعاً لغايات مريضة لاتمت لحب الوطن باي صلة كالمناصب والولاءات للتنظيمات والمكاسب الدنيوية الزائلة فانا اعلم والله يعلم ماتتمتعون به من تاريخ نظيف وامكانات وطاقات كامنة جبارة تراكمة عبر بناء تاريخي ضخم منّ تعالى به عليكم، ولهذا فانا ممتن لفخامة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم على اختياره الموفق هذا سائلينه تعالى ان ياخذ اصحاب الكتل السياسية هذه الحقائق على محمل الجد والتقدير ليس لكم ولكن اخلاصاً لوطنهم واحتراماً لانفسهم وسجلاتهم التاريخية لانني ادرك وكما اراه من تاكيد عبر كل وسائل الاعلام على انكم آخر امل في عيون الطفل العراقي المشرد والطاقات العراقية المهمشة وصرخات الثكالى والارامل المغلوبة على امرها، فلنا ان نتصور سيدي الرئيس لو لم تتحقق اي نسبة من هذا الامل التاريخي الرهيب على يدكم كرجل يتمتع بهذا التاييد والمحبة التي لم تاتي من فراغ انما من خلال الاطلاع على تاريخكم النظيف ومستواكم الفاخر، نعم لنا ان نتنبأ من الان ان اللعنة الحقيقية ستقع على رؤوس ابناء هذا الشعب العظيم الكريم صاحب اعرق تاريخ بين شعوب الارض مالك لاغنى ثرواتها وعندها سوف لانجني الا الخيبة والاحباط الذي افهم تماماً بانكم تدركون ماهي النتيجة التي ستفرض نفسها بعد ذلك فنحن اذن في زاوية حرجة ووضع نهائي لايقبل الخطأ.
كما اننا بحاجة لرد الاعتبار للدعوة المباركة ودفع الحيف الذي اصابها من خلال السياسات الماضية لرسم صورة ناصعة تليق بما استشهد من اجله كوادرها العظام لتستعيد بريقها وسمعتها التي كانت تتمتع بها.
هذا الامر سيدي الرئيس ليس بالمستصعب فقط بل بالمخيف الى حد الرهبة فما عليكم الا الاتكال على الله والعمل بما يمليه عليكم ضميركم غير عابهين لاي ارادة غوغائية متكلين بذلك على اثنين لاثالث لهما نعم اثنين ( الله تعالى والشعب ) فتذكر دائماً ان الشعب هو الظهير الحقيقي الذي لاينضب مهما كان ضعيفاً او مغلوب على امره في ظرف من الظروف.
ولكي نكون قريبين من بعض اكثر فانني اعلمك بانني لست حمودي الدولة الذي تكلم عنه الكثير ووصم باسمه عهدي صدام وسلفكم انما انا حمودي العراقي البسيط الذي جاءك محباً وفي عينيه الامل الكبير فيكم مدركاً بانكم سوف لاتخيبون املي وان لديكم من الهمة وقوة الشخصية التي تطمئنني للقول بثقة عالية ان قدرتها ستظهر مع
الزمن لكل عراقي بانها قادرة على تحطيم كل من يحاول تخطيها واعادة البلد الى حالة الفوضى والفساد الذي استشرى على كل المستويات خلال السنوات المنصرمة مما ادى الى ضياع هيبته.
لقد اطلعت كما تعلمون سيدي الرئيس ( فانتم اعلم بالدار والذي فيها ) على امور يشيب لها الرأس اخبرني بها حمودي الدولة بعد سعيه استغفار ذنوبه عن الصفقات الرهيبة التي كانت تعقد وفنادقها في دبي وعمان وعن بيع المناصب وعن عمليات غسيل الاموال ومافيات السيطرة على تقاليد الامور في الدولة وعن كيفية ابتداع الاساليب وتكييف القوانين بالاتجاه المراد واسلوب التسقيط المقيت لكل من يعترض السبيل الجارف وعن وعن…. الخ كلام مفاده ( لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا) حتى يصل الامر لمقولة ( لم يفعل بني امية مثقال ما فعل بني العباس ) لهذا ليس لك الا الدعاء في مواجهة الحيتان لتدعوا ( اللهم اعطني ظهراً قوياً ولاتحملني حملاً ضعيفاً ) .
انها بحق مهمة ( انتزاع النجاح من الفشل ) بسبب تسلمكم لدولة متهرأة فاشلة في اغلب المجالات.
اعلم سيدي الرئيس انك الان ليس بالرجل الضعيف فانت قوي بتاريخك وامكاناتك واسناد الشعب لك وما لديك من اوليات عن العهود السابقة التي هيأها الله لك لكي تكون سلاحاً بيدك دون التشهير بذلك او استعمالها لاجل الابتزاز الاعلامي فهذا ليس من ديدنكم واساليب السياسة اللعينة التي تستطيع بسهولة ركوبها فانت تدرك سبر غورها باعتبارها فن الممكن وتمرير الامور من خلال خلق الازمات وغيرها ولكن انت انشاء الله لم تاتي الا لاثبات المصداقية والغاء هذه الاساليب المكشوفة التي فهمتها انا ولو انني ابن الشارع البسيط . اما الاخرون فلا يستطيعون مجاراتك مهما حاولوا وعلوا او تضخموا بعد ان كبرت كروشهم وزادت اوزانهم اللحمية ولكن (لاتحسبن الشحم فيمن لحمه ورم ) فهم اعلم بانهم لايملكون الا الطاعة لك وللقانون ورغبة ابناء البلد في تطويره والتخلص من حالة العبث التي انهكته وادت به الى ما نحن عليه.
فلايمكن وصف العراق اليوم الا كبلد يزخر بكثرة الفساد المالي والاداري وسن السنن السيئة كتعيين الاقارب ووضعهم في المناصب المرموقة وانتشار حالات التسلح وكثرت السيطرات وكاننا في ساحة لعب للشرطة والحرامية لهذا يمكننا بوصفة بلد لعبة ( الشرطة والحرامية ).
ومن هذا المنطلق المخلص لابن العراق الذي يدعو بحرقة ويتمنى ان يرى يوماً حكومة تعتز به وتحترمه وتعطيه حقه دون عناء ليفتخر بها ويحب بلده وانتماءه له لينام قرير العين مثله مثل بقية البشر وليذكر بحق ويسجل التاريخ بانكم ( مؤسس دولة العراق الحديث ) وما ذلك على الله ببعيد فقط ان صدقت النوايا فكل ما نحن بحاجة اليه متوفر في بلدنا الذي حباه الله بكل الخيرات.
لقد كان برنامجكم دولة الرئيس مثلجاً للصدور وهو بالتاكيد بحاجة الى همم عالية وطاقات جبارة لانجازه وتاكد انني وانا اراقبكم في ليلة منح الثقة قرأت كل ما تصبون اليه فانا قد اتمتع بالفطنة والذكاء احياناً (والكفها وهي طايره ) كما يقولون وان كنت مسكيناً بسيطاً فانا ابن العراق. لقد فهمت بما لايقبل الشك انك اعطيت الرسالة القوية الواضحة لكل من يعنيه الامر وما انت مقدم عليه شاء من شاء وابى من ابى عندما قلت (اننا فدايين ولاتهمنا المواقع ) ولكن اسمح لي ان ابين وجهة نظري فيما ارى من الضروري فعله:
تقسيم الامور الى قسمين:
الاول : ستراتيجية العمل . والثاني : انجاز الملفات الضرورية.
ستراتيجية العمل تنفذ على مديين كما بينته انت من تصنيف مخطط جيد في العمل باستراتيجية قريبة المدى واخرى بعيدة المدى، وذلك على مستويين الاول شكلي ظاهر للعيان والاخر على مستوى ستراتيجي يمهد لامور اعمق واكثر بعداً في اداريات الدولة.
فهنالك امور شكلية يكون انجازها واضحاً لابن البلد بسرعة وتزرع الثقة في نفسه وتريحه عندما يراها وربما لها علاقة ستراتيجية ايضًا كحل قضية الحواسم والبطالة ومظاهر التسليح الشعبي الى ما ذلك من امور مشابهة.
اما الجوانب الستراتيجية فانتم اعلم بها :
* كمعالجة ملف دول الجوار ووضع الحلول الناجعة بين المركز والاكراد او بين السنة والشيعة …الخ.
* ومن الستراتيجيات المهمة وضع قانون او خط اداري يتم تبنيه بشكل دقيق هو اعطاء الحقوق للموظفين وتعريفهم بواجباتهم في المقابل ، بحيث يتم تبني ما يسمى (التعاقد الوظيفي) فما ان يستلم الموظف واجبه حتى يلتقي به مسؤوله ويخبره بما اوجب له القانون من حقوق ليستلمها دون نقص ولكن عليه ان يفهم بان عليه واجبات يجب عليه ادائها وعدم التهاون فيها لكي يكون النظام الاداري لدينا منظبط ونتخلص من حالة التسيب وعدم المساوات بين الموظفين لننطلق الى حالة الانتاج. واعطاء القطاع الخاص اهمية في بناء الدولة كما اشرتم لذلك انتم.
* جرد الملفات الضرورية واسناد كل منها الى اناس مخلصين واكفاء وتعيين سقف زمني لتقدم الانجاز فيها.
* تحديد امور اساسية في انجاح العملية السياسية للبلد كضبط وضع المفوضية العليا للانتخابات باعتبارها الاساس في بناء العملية الديمقراطية وكذلك اعطاء مفوضية حقوق الانسان دورها الرائد وبقية الهيئاة المستقلة واهمها هيئة النزاهة.
* عدم كبح دور مجلس النواب كما حصل في السنوات الماضية ومساندت دوره الرقابي فهذا من شانه المساهمة في اعادة هيبة البلد وهو ماسوف يحسب لكم ولا تقعون بخطأ الحسابات كما فعل غيركم متوهمين من ان سيطرتهم على زمام الامور سيحسب لهم.
* اما حول موضوع مراقبة الكابينة الوزارية فلابد من مراجعة الامر كل ستة اشهر لمراقبة ما هو منجز وانتم اعرف بالامر مع اعطاء الوزير مسؤولية مهمة خاصة ضمن الوزارة وتحديد سقف زمني لانجازها.
وهذا المحور مرتبط طبعاً بمحور مفوضية الانتخابات فلابد من اصلاح وضعها باعتبارها الاساس في العملية الديمقراطية ان صلحت صلح ما سواها لهذا فمن الضروري التخلص من حالة التخلف التي تعيشها وترك اتباع اسلوب كثرت الاوراق الذي يوجب زيادة في الموظفين للمتابعة ومن ثم زيادة في المصاريف وتاخر اعطاء النتيجة . واتباع اسلوب العد الالكتروني بادخال التكنولوجيا الحديثة كما هو معمول به في الدول المتقدمة فهو اسرع بحيث يمكن اعلان النتيجة في نفس اليوم لابعاد شبهة تزوير الانتخابات وتقليل الكلفة.
وهنا لديكم دولة الرئيس خيار جيد يحصنكم من الوقوع في فخ الكيانات والاعيبها وتسويف المهام وهو امكانية الدعوة الى انتخابات جديدة بعد سنتين من حكمكم فيما اذا لم يثبت الجميع حسن نواياهم وبذل الجهد المخلص للتعاون في طريق البناء. ويمكنكم التخطيط وتمهيد الامور لذلك منذ الان، فليس هنالك
من امر مخباً ونحن نعمل باخلاص والحقيقة تحب النور ولاتعمل في الظلام كما يعمل خفافيش الليل واعداد طبخاتهم الفاسدة وتدبير امورهم بليل. فبعد سنتين لابد ان تفرز الانتخابات وضعاً افضل وستكون انت على راسها بالتاكيد وستكون المدخل العملي لجعلكم ( المؤسس الحقيقي لدولة العراق الحديث ).
* العمل على انجاز الامور المعطلة “رغم اساسيتها لبناء البلد ” كالاحصاء السكاني والقوانين الاخرى مثل قانون الاحزاب والنفط والغاز ، وكذلك مجلس الخدمة العامة … الخ وقد ذكرتم اكثرها في منهجكم الموقر.
اما محور الملفات التي لابد من حسمها :
* واهمها الملف الامني طبعاً واسمح لي راجياً ان لا اكون متعدياً لحدودي بطرحي للدكتور الربيعي لاحدى وزارتي الامن باعتباره جريء يمتلك ثقة بالنفس وذو خبرة في هذا المجال ولعلمي بامتلاكه حساً امنياً بل انه ذيب لايستهان به.
* وهنالك من الملفات مايعتبر موضوع منفصل لوحده ومتعلق بستراتيجية الحكم كملف النزاهة كما اسلفنا. فلايمكن تعيين رئيساً لهيئة النزاهة ثم بعد فترة يتهم بالفساد فهذا امر مشين يشير الى تهرء الدولة فلايجب تعيين رئيساً لهيئة نزاهة البلد الا بعد التأكد من اخلاصه بشكل لايقبل الخطأ وان اتضح غير ذلك فيما بعد فلايجب التشهير به فهو امر لايحسب للحكومة بل عليها وعلى من جلبه.
* وملف الدول الاربعة ( تركيا والاردن والسعودية وقطر ) فهو ملف خاص متعلق بوزارة الخارجية طبعاً ومن ركائز ستراتيجية الدولة كما اشرنا كذلك ، فمن الضروري ان يتولاه رجل مخلص ذكي لبق الحوار ويتمتع بخبرة ودراية بهذه الدول ويتمتع بثقة كاملة بالنفس ويسلح بدعم محترم من قبل الدولة.
* واخيراً وليس آخراً ، الملفات العديدة الاخرى كملف التحشيد الشعبي الذي من الافضل تحويله الى المحافظات لتتولى كل محافظة مسؤولية امنها مع تحديد جهة ترتبط بكم وتتابع الامر، وملف المصالحة الوطنية، والملف الفدرالي، وملف الاستثمار، وملف الاسلحة وانتشارها بيد العوام، وملف ما يسمى بالمتجاوزين ( الحواسم )، وملف الخدمات ومن اهمها الكهرباء، وملف البطالة، وملف مراقبة السوق العراقي واهمه موضوع الخبز ومراقبة تلاعب المخابز وهو امر مرتبط بوزارة التجارة…الخ.
دعائي لكم ولبلدنا بالنصر والظفر والتوفيق وهو تعالى من وراء القصد.