على الرغم من اسلوب الاستهانة والاستخفاف الذي تعاطت به الحكومة والبرلمان مع مطالب الجماهير الخاصة بالإصلاحات وتصحيح المسارات العرجاء الفاسدة لشتى الملفات المتعلقة باقتصاد و امن البلد وملف الخدمات الملقى على رفوف زعماء القوى ألسياسيه المهيمنة على البرلمان الهش المنتفع,إلا إن هؤلاء الساسة المتخمين بالفساد ما زالوا يراهنون على ضعف ذاكرة الناس وعدم جديتهم ويأملون في حملهم على إعلان البيعة لهم مرة أخرى ولِذات المسوغات والدواعي الحزبية المغلفة بصبغة مذهبية لا تخلو من مباركة تفوح منها رائحة التقديس والتبجيل المزعومة.
ولعل هؤلاء الساسة محقون في ما يذهبون إليه من انطباع مفاده ” سهولة امتطاء جماهيرهم”..فقد جربوا ذلك مرارا و راهنوا عليه وأحرزوا نجاحات مثيره تمثلت في احتفاظهم بمواقع النفوذ وصناعة القرار منذ التغيير 2003 وحتى اليوم,ولا شك إن هذه القيادات السياسية أدركت ان العراقيين عموما غير جديين في رفضهم لسياسة ما,وإنهم منقسمون على أنفسهم وبشكل عام فإنهم يدورون بفلك هذه القوى والأحزاب ولم يتبلور عن أنشطتهم الاحتجاجية قوة جماهيريه معتد بها قادرة على التنافس و قلب الطاولة على رؤوسهم..وبالفعل فكل ما قامت به الجماهير يفتقر إلى عنصر المطاولة ويندرج ضمن توجهات و توجيهات هي أصلا منبثقة من رحم تلك الأحزاب التي تؤمن بالتأجيج كوسيلة ضغط على أي شريك.
وعلى هذه الأسس والتصورات تستمد الأحزاب ضمانات البقاء كشركاء لا يقبلون بشريك جديد فضلا عن تقبلهم و قبولهم بالتنحي وفسح المجال أمام تطلعات و قوى جديدة أخرى تسهم في التغيير( المرجوّ على خجل) من عامة الشعب !
والآن وبعد كل هذه الحلقات المكررة الخالية من الحبكة و التجديد أما آن للمواطن أن يستفيق؟ثم أليس مخجلا أن يرجو احدنا الحلول من (صنّاع الأزمات)؟!!
اعلم إن تلك الاستفاقة من الصعوبة بمكان لكنها ليست مستحيلة,خاصة إذا ما واجه المواطن نفسه بشجاعة بمسالة كيفية تعامل الحكومات المتعاقبة مع أي مطلب شعبي والذي تمثل بتوجيه العقوبات الجماعية ألمستفزه والاستخفاف بكل احتجاج فضلا عن بعض أعمال القمع..فكلما رفض الشعب إجراء تعسفيا عززوه.. وكلما نادى بإقالة وزير فاسد كرموه !! وكلما احتجّ على سوء الأمن والاقتصاد بادروا بمضاعفة السوء والأمثلة كثيرة جدا,فلماذا لا يبادر العراقيون إلى فعل يعاقبهم به ويكون بداية حل..كأن يكون مقاطعة الانتخابات ؟ لا اعلم لماذا لا ينتفض العراقي بهذا الاسلوب قليل الجهد والكلفة ..عالِ المضمون والهدف؟
إن الأحزاب العراقية تجد في المواطن وإصبعه قيمة في هذه اللحظة, ومن ثم يلقون عليه وأمامه وخلفه صفائح القمامه !!
لا اعرف وصفا أكثر من إن الناخب العراقي لا يلدغ من حزب مرتين..إنما ألف مره, وبعد كل مرة يقول هل من مزيد فاني رهن إشارتكم !
ليتنا ندرك إن التغيير لا يحدث بالشعارات..إنما بخطوات وأفعال تلقي بالفاشلين خارج أسوار جنتهم الخضراء…
لأجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه لابد من مقاطعة انتخابات معدّه نتائجها سلفا لنفس تلك الوجوه الكريهة والأنفس المترعة بالقبح.