من الطبيعي ان تجد الجميع يدعو الى اختيار الصالح و الكفوء للمناصب العليا في الدوله بعد ان فشل من تولى زمام الامر على مدى اكثر من عشرة اعوام على تحسين الوضع الامني على الاقل ؛ و من بين من وجهوا هذه الدعوى هم المراجع العظام في النجف الاشرف ؛ خصوصاً بعدما مطالبة الشعب و وسائل الاعلام لهم بممارسة دورهم الكبير الذي اصبح يفوق دور الدستور العراقي الذي من المفترض ان يكون المرجع الاول في العراق مع جل احترامي للمراجع و رأيهم السديد , و بالفعل اصدروا الفتاوى التي تحرم انتخاب الفاسد و الفاشل , و تحريم بيع الاصوات او البطاقات الانتخابية , و قبول الهدايا و العطايا من المرشحين للانتخابات , مستغلين من خلالها (الهدايا) حاجة الشعب الذي لم يرى شيئا من المسؤولين في دورتين السابقتين.
و لكن و على الرغم من الاستجابة التي قدمتها المرجعيه من خلال الفتاوي, نجد ان الكثير من الاسئلة التي تجعل الشعب في حيرةً من امره , فهو ملزماً يتنفيذ الفتاوى المقدسة و لكنه في الوقت نفسه يجد ان الواقع يحول دون ذلك او تنفيذها بالشكل المطلوب ان صح التعبير ؛ و بالتالي لن تكون للفتوى اهمية او نفع و لا يمكن الوصول الى الغاية التي تسعى اليها المرجعيه و قبلها الشعب ؛ و من هذه الاسئلة من هو المرشح الكفوء و الصالح الذي يجب انتخابه ؟ و هل هو موجود ؟ و هل يحق له الترشح ؟ و غيرها من الاسئلة التي تعتبر مثار جدلاً و حيرةٍ للمواطن العراقي ؛ و اردنا ان نجيب على الاسئلة اعلاه نجد ان المرشح الكفوء و الصالح لا يشمل جميع المتواجدين اليوم في الساحة السياسية اللذين اثبتوا بجدارة انهم ليسوا اهلاً للمسؤولية و الا ما الذي يجبر المرجعية على اصدار هكذا فتاوى ان كانوا جميعهم اشراف ؟! اما بالنسبة للسؤالين الاخيرين فالاجابة تكاد تكون مرتبطة فأذا كانت الاجابة نعم (أي وجود مرشحين اكفاء و تنطبق عليهم الشروط القانونية و المواصفات التي بينتها الفتاوى) فهل بأمكانهم الترشح امام القادة و الرؤساء و المسؤولين و تهديد وجودهم على رأس السلطة و عدم شمولهم بقوانين المسألة و العدالة و الاجتثاث و في ابسط الامور استخدام التسقيط السياسي و توجيه الاتهامات دون دليل ملموس و ابسط هذه التهم هي الارتباط بالقاعدة و دعمها و غيرها من العقبات التي تواجههم فقط لانهم اعلنوا الترشح و ينالون استحسان الناخب و لهم الرغبة و القدرة و الكفائة التي يجتاجها العراق في هذه المرحلة ؟ بالطبع لا يمكن ان نجد مثل هذا النوع فالبعض منهم لم يمنع الترشح و حسب بل منع من التواجد في العراق نفسه في واحده من ابشع انواع الممارسات اللاخلاقية التي تمارس من قبل السياسيين حفاظا على مناصبهم.
ان الفتاوى التي جائت بها المرجعيه امراً لابد منه لسبباً واحد و هو منع السياسيين من استغلالها (المرجعيه) من اجل الكسب الانتخابي و تضليل المجتمع و بالتالي نأي المرجعية عن نفسها و ابتعادها عن الاتهامات و ايضاً الواجب الذي يحتم عليها ان تمارس دوراً يتناسب مع ما لها من حضوراً قوي في المجتمع العراقي ؛ و لكن الواقع لم يعد السيطرة عليه في ظل الممارسات التي تقوم بها الاحزاب المتنفذة التي تملك القرار و المال , التي لا يمكن ان تسمح حتى للمرجعية نفسها ان تكون سبباً في خسارة المناصب و الامتيازات فكيف اذا كان الشعب هو الذي يعارض؟ و ايضاً ان اللذين سبقوا و ان ترشحوا هم انفسهم سيترشحون للانتخابات القادمة لاسباب بيناها ابرزها ان المرشحين الجدد منعوا من الترشح لسبباً او لاخر و بالتالي نجد ان الشعب سيكون مجبراً على اختيار الصالح من بين الفاسدين و لكم ان تتخيلوا كيف سيكون اصلح الفاسدين.