قال الشاعر الكميت بن زياد ألآسدي ما ينطبق على واقعنا العراقي :-
نقتلهم جيلا وجيلا نراهم .. شعائر قربان بهم يتقرب
تعرف هويات الشعوب من خلال ما تحسنه , ونحن اليوم لا نحسن التعامل مع مياهنا , والمياه جعلها الله حياة لكل شيئ حي , ولكن شرط الماء الصالح للحياة أن يكون غير أسن ” ومن ماء غير أسن ومن لبن لم يتغير طعمه ” مياهنا في العراق ملوثة , ونحن نلوثها بأيدينا بطريقة لم يسبقنا أحد اليها قديما وحديثا , فأنهارنا أصبحت مكبا للنفايات , ومصبا للمياه الثقيلة , وشوارعنا وساحاتنا مكبا للقمامة , كل ذلك يحدث ونحن عندنا أمانة للعاصمة ميزانيتها تعادل ميزانية عدة وزارات , وعندنا وزارة صحة ميزانيتها تعادل ميزانية أحدى دول الجوار , وعندنا وزارة بيئة وهي أسم على غير مسمى , وعندنا وزارة بلديات لم تستطع توفير الماء الصالح للشرب فأضطر المواطنون لتركيب أجهزة تصفية في منازلهم , أو شراء الماء المعقم بألآوزون والذي لم تثبت صحة تعقيمه دائما كما أصبح عمال النظافة يشحذون من أصحاب المنازل والمحلات لتأمين قوتهم , ونتيجة لهذا الواقع المؤلم والصادم , أصبح وجود تلك المؤسسات التي ذكرنا ها لافائدة تجنى من ورائها مادام وجودها وعدم وجودها سيان , فلما تظل مليارات المال العائدة للشعب العراقي تذهب هدرا , فلتعطى للشعب حتى يتحمل هو مسؤولية سلامة مياهه ونظافة شوارعه وساحاته وتصبح النظافة والصحة وسلامة البيئة مجهودا جمعيا , وتبقى الدولة تراقب وتنظم أليات العمل في المراحل النهائية , وفي هذه الحالة يمكن أستعادة نشاط الشعب كأفراد ومجموعات بعد أن يصبحوا مكتفين ماليا , ويمكن الحفاظ على هيبة الدولة وعدم التفريط بالمال العام الذي أصبح هدرا بسبب دوائر ووزارات فاشلة .
أما أستعادة نقاء السياسة وأستعادة أصالة الثقافة , فيتم من خلال أعادة النظر بمفوضية ألآنتخابات , وهذا لايتم مالم يتم أنجاز قانون ألآحزاب حتى لايبقى مجالا للآحزاب الطفيلية ولا للآحزاب العميلة المرتبطة بالخارج مهما كان هذا الخارج صديقا أو غير صديق ؟
أما أستعادة أصالة الثقافة , فيتم من خلال : جعل الكتابة ليس قرارا شخصيا كما يحدث اليوم خصوصا في المدونات والمواقع ألآلكترونية التي لاتخضع لرقابة خبراء الكتابة وفنها , والمرحلة الثانية جعل طباعة الكتب ليس قرارا تجاريا كما يحدث عند دور النشر , وجعل المجالس الثقافية وما تتضمنه ليس قرارا فرديا وجاهيا , وأنما يعطى للمفكر وللمثقف المتميز دور الريادة , وللآخرين دور الوسيط الشعبي وألآجتماعي كصاحب البيت الذي تعقد فيه المجالس الثقافية أو صاحب المكتب كأن يكون فردا أو حزبا أو شركة أو مؤسسة , والمرحلة ألآخيرة تكون في جعل الفضائيات وأستضافتها ليست قرارا مزاجيا خصوصا في البرامج السياسية والثقافية والفنية والعلمية , فلكل من هذه المستويات تصنيف وتنظيم يعرف بالخبرة والممارسة وأعتماد غزارة التأليف ونشر الكتابة في ألآماكن المعروفة ثقافيا وأشتهار صفة المحاضر المعترف به في مختلف المناسبات , بهذه الطريقة يمكننا توجيه الوعي الثقافي وتطويره , ومن خلال ذلك يمكننا أعادة هوية العراق الحضارية بعد أعادة هوية المواطنة والشعور بالمسؤولية عبر تطبيق حازم وصارم للقانون , وأستبدال هوية الطوائف والمذاهب والكيانات بهوية المواطنة والوطن , وتشجيع ثقافة ألآستثمار عبر تنظيم ألآقتصاد المتنوع والمتوازن , أن تغيير قواعد وأسس العمل الحزبي يخلصنا من التكاثر الطفيلي للآحزاب الفاشلة , والصرامة في تطبيق القانون يفتح أمامنا معادلة وضع ألآنسان المناسب في المكان المناسب , وأحترام مناخات الثقافة , يفتح لنا طريق أكتشاف المثقف الموهوب والمفكر المبدع وبذلك نودع مرحلة الفوضى والتخلف, وننقذ دولتنا من الفشل , ونلتحق بنادي البناء والتقدم.