23 ديسمبر، 2024 8:45 ص

العراقيون يخدعون المالكي ايضا

العراقيون يخدعون المالكي ايضا

المالكي مارس ويمارس خديعة الشعب العراقي ولكن الشعب العراقي يمارس خديعة المالكي ايضا، ويمكنني ان اقول ان علاقة المالكي بالشعب العراقي هي علاقة خديعة متبادلة . كيف  ؟
المالكي رسم لنفسه صورة مخادعة لاتمت الى الواقع باية صله من خلال عدة ادعاءات منها :
اولا :الادعاء بان الاحزاب الاسلاموية الشيعية  هي الممثل الحقيقي والوحيد لعموم مصالح معتنقي المذهب الشيعي ( الشيعة ) رغم ان المرجعيات الدينية الشيعية الكبرى ( التي هي في صراع خفي مع الاحزاب الاسلاموية الشيعية ) جهدت لنسخ هذه المقولة مؤكدة انها تقف على مسافة واحدة من كل الاحزاب السياسية العراقية .وبما ان المالكي ( ضمن هذا الخداع ) هو مرشح الاحزاب الاسلاموية الشيعيه فهو بالنتيجة الممثل الوحيد لعموم مصالح الشيعة وان التعرض له يعني الوقوف بوجه هذه المصالح ، وحسب هذا الخداع يصبح الدفاع عنه في كل الاحوال ( بالنسبة للشيعة ) دفاعا عن النفس وعن ( بيضة الاسلام ) ايضا.
الاحزاب الاسلاموية السنية بدورها ساهمت بتمرير هذا الوهم من خلال ادعائها تمثيل مصالح السنة .
ثانيا : الادعاء بان معارضي المالكي في حقيقتهم معارضون لاستلام الشيعة للسلطة ، فهم لايعارضون المالكي لسياستة التي لاتصلح لبناء دولة المواطنة بل يعارضونه لانه يمثل( حكم الشيعة) .هذه الفرضية ( الوهم )  ماكان لها ان تترسخ في عقول الناس دون اشعال نار الطائفية ، وقد وجدت النخب الطائفية في الجانب الاخر ( السني ) مصلحة كبرى في اشعال هذه النار لأن النخبتين الطائفيتين ( الشيعية  والسنية) ينتفي او يقل مبرر وجودهما دون ان يرتفع لهيب نار الطائفية . وشاهدنا كيف ان  بعض النخب السنية المتطرفة تركز اسباب عدائها للمالكي على كونه (يمثل) حكم الشيعة  ليس الا . وهكذا تشاركت نخب الطائفية شيعيها وسنيها بتمرير خديعة مفادها ان تلك النخب هي التي تمثل مصالح طوائفها ، وكل مساس بها يعتبر مساسا بمصالح تلك الطوائف، وكما لاحظنا فقد سارع طارق الهاشمي للتصريح بان تعرض المالكي له هو في حقيقته تعرض للعراقيين السنة .
المحاصصة نفسها بنيت على هذا الوهم الذي يقول ان ممثلي الاحزاب الاسلاموية هم الممثلون الحقيقيون لابناء طوائفهم . هنا يحاولون دفن حقيقة هامة وهي ان المصالح الوطنية ( سياسية ، اجتماعية ، اقتصادية ) لكل الطوائف والمذاهب هي واحدة فالسني والشيعي بحاجة متساوية الى الاستقرار والامن وتوفير الخدمات ورفع شان العراق وتمتعه بمركز دولي واقليمي مرموق ..الخ ، ليس ثمة مصالح وطنية شيعية تختلف عن المصالح الوطنية السنية ، اما الاختلاف في الاعتقاد ، وهو قديم قدم الانسان، فله باب واحد يمر منه بسلاسه وهو باب الحريات العامة بما فيها حرية الاعتقاد وحرية ممارستها( بما فيها ممارسة الطقوس الدينية ) بما لايضر بالمصالح الوطنية ، وعليه فان مصالح العراقيين جميعهم تقتضي وجود حاكم عابر للطائفية.
لقد رسخت الاحزاب الاسلاموية في العراق وهما كبيرا في اذهان العراقيين مفاده ان الصراع بين الاحزاب الاسلاموية السنية والشيعية هو صراع مذاهب وهو في نهايته صراع بين الشيعة والسنة ، غير ان الحقيقة (التي استشهدت على ايدي النخب الطائفية ) تقول ان الصراع بينهم هو صراع من اجل كراسي الحكم ليس الا.
ثالثا : ادعاء المالكي انه منتخب من قبل الشعب العراقي وكل من يعترض عليه او يطالبه بالتنحي فهو يقف ضد ارادة الشعب العراقي الذي اختار المالكي .
هذا الادعاء تكذبه امور عدة منها منها : 1 – ان المالكي دخل الانتخابات بقائمة دولة القانون التي رفعت شعارات وطنية ( وليست دينية ) وادعت تميزها عن قائمة الاحزاب الدينية الشيعية  التي تضم المجلس والصدريين وغيرهم ، وعلى هذا الاساس صوت من صوت له ،غير انه بعد الانتخابات قام بالتحالف مع تلك الاحزاب الذي ادعى تميزه عنها ويكون بهذا قد خدع ناخبيه 2 –  ان الانتخابات سادتها عمليات تزوير كبرى وقد اعترفت بذلك جهات عدة منها  الامم المتحدة  3 –  ان قانون الانتخابات سمح بتزوير ارادة المواطن فالمواطن ينتخب ( سين ) غير ان صوته يعطى الى  ( عين ) وقد طعنت المحكمة العليا بهذا القانون الذي يصر البرلمان على عدم  تغييره رافضا الامتثال لامر المحكمة العليا 4 – المالكي نفسه لم يحصل على غالبية الاصوات فالذي حصل عليها هو اياد علاوي ، والكل يعرف الظروف التي اوصلت المالكي للسلطة والتعهدات التي الزم نفسه بها ثم تملص منها .. فمقولة ان الشعب العراقي اختار المالكي هي كذبة كالحة السواد.
واذا كان المالكي قد وصل الى كرسي السلطة بالخداع الذي اشرنا الى بعضه فان الشعب العراقي قام بخداع المالكي ونفخ في صورته وضخم من ( انجازاته ) وانكر اخطاءه مما جعل المالكي يصدق انه القائد الضرورة الذي سيكتب التاريخ اسمه بحروف من نور..
المالكي كاي بشر يخطيء ويصيب ولكن عندما يصفق له في كل الاحوال فانه سيصاب حتما بعمى الديكتاتورية التي لاترى الا ( حقيقة ) عظمة الديكتاتور.
يمكن الاشارة الى  بعض مفردات الخداع التي يستعملها مناصرو المالكي لخداع المالكي ودفعه الى السير في طريق الديكتاتورية :
1- ليس في الساحة السياسية من هو افضل من المالكي ،فكل القادة السياسيين الذين يصارعون المالكي ويعرضون نفسهم كبدلاء عنه هم اسوء منه بما لايقاس  .. لقد صدّق المالكي هذا الخداع  وصار من الصعب عليه تقديم اية تنازلات تقلل من هيمنته على مقاليد الامور كلها .
2- ايهام المالكي بان كل معارضيه لايصلحون لتقاسم (الكعكة) معه فهم اما بعثيون او من انصار القاعدة  أوعملاء لامريكا وللدول ( السنية ) المجاورة ، وهذا الخداع ساهم بتعنت المالكي وعدم تقديمه لتنازلات يطالبها به معارضوه ولسان حاله يقول : ( كيف اقدم تنازلات لاعداء العراق ).
3- تبرئة المالكي من المسؤولية عن الدمار الحاصل في العراق والقاء المسؤولية على جهات اخرى مثل :
اليف : مستشارو المالكي . فأنصار المالكي حين يعجزون عن نكران مفردات الدمار والخراب في العراق ومنها استشراء الفساد يلقون باللوم على مستشاري المالكي وكانهم شياطين فرضتهم قوى غيبية على المالكي ولم يختارهم بنفسه لانهم من اقاربه او من حزبه .. المالكي نفسه يلقي باللوم على المفسدين وكانهم اشباح ، وكانه ( هو ) غير مسؤول عن فسادهم بحكم منصبه .. وهنا لايصرحون بعجز المالكي عن مكافحة الفساد فمنطقهم يقول : اعطوا الرجل فرص اخرى واتركوه يجرب ويجرب رغم طوفان الدم .
باء :يكرر انصار المالكي على ان البعثيين والقاعدة ودول الجوار هم السبب وراء تدهور العراق وليس المالكي. وهذا الكلام رغم صحته الشكلية الا انه منطق مضلل فكانه يفترض بهؤلاء العابثين بامن العراق ان   يكونوا غير ماهم عليه ، وكأن ليس من صميم واجبات الحكومة التصدي لهؤلاء ، وكأن عجزها عن التصدي للعابثين بامن الوطن لايستوجب عزلها واستبادلها بحكومة اخرى ..
العراقيون الذين يدافعون عن المالكي رغم كل هذا الخراب ولايحملونه اية مسؤوليه انما  يخدعونه ويلفون حبل المشنقة حول رقبته كما فعلوا سابقا بغيره ..
العراقيون الذين يناصرون المالكي سواء اكان ظالما او مظلوما يتحملون معه ( بخديعتهم هذه ) مسؤولية الدمار القادم..
العراقيون الذين يدعون ان لابديل للمالكي وانه رغم كل الخراب افضل الجميع  انما يخدعونه ويجعلونه  يعتقد ان العراق سينهار اذا غادر كرسيه  .
الصمت هو ايضا خداع. فالحاكم الذي ( يلعب ببلده شاطي باطي ) ويرى الشعب صامتا سيتصور انه راض عنه على قاعدة ( السكوت من الرضا ) فالذين لايرفعون اصواتهم ضد المالكي وضد الاحزاب الاسلاموية جميعها انما يمارسون الخداع باجبن صوره ..
الذين (يحبون) المالكي يجب عليهم فضح كل اخطاء الحكم وفضح كل البطانة المحيطة به ومطالبته بتغييرهم اما القول ان المالكي ( وردة جوري ) غير ان مستشاريه فاسدون فهو منطق مخادع قلناه سابقا عن صدام حتى مكناه من حرق العراق ثم تشمتنا به حين واجه مصيره الاسود .
اننا حين نهتف باسم الحاكم ونضخم منجزاته ونبرر اخطائه  فاننا نساهم بصناعة ديكتاتور جديد ثم نتخلى عنه حين يلتف حبل المشنقة حول رقبته

لو ان المالكي ينصف نفسه لابتعد عن كل المتزلفين ولنصت الى صوت منتقديه لان هذا هو طريق السلامة الذي يجنبه رعب (الحبال )…
حين زار السيد مسعود البرزاني جامعة السليمانية بادرت رئاسة الجامعة الى منحه شهادة دكتوراه فخرية فرفض البرزاني استلامها وقال لهم :
هذا التمجيد المُبالَغ بهِ…  مُمكن ان يُؤثر على اي بشر ويدفعه ربما الى إرتكاب الأخطاء… يؤدي الى صناعة دكتاتور… كفوا عن صناعة دكتاتور ).
نعم كفوا عن صناعة ديكتاتور جديد في العراق.

[email protected]