لسنا بحاجة إلى إثبات حقيقة الواقع المزري الذي يعيشه العراق وشعبه في كل المجالات، وانه آل ويؤول وسيؤول من سيء إلى سوأ، ولسنا بحاجة إلى إثبات حقيقة إن ما جرى ويجري هو بسبب تسلط الفاسدين الفاشلين الطائفيين، لأن ذلك بات من البديهيات التي يدركها الجميع، وهو تشخيص توصل إليه الشعب المنتفض ولو متأخرا، كما انه لا يوجد بصيص أمل في خروج العراق من المحن والماسي التي أغرِق فيها في ظل بقاء نفس المتسلطون، وهذا أيضا مما لاشك فيه ولا يحتاج إلى تبيان، وعليه فان العراقيين أمام خيارين، إما أن يواصلوا مسيرتهم التي بدؤوها في التظاهرات وزيادة زخمها، والتي كشفت لهم الكثير من الأمور والقضايا التي ينبغي أن تزيدهم إصرارا على المضي، كونها أثبتت لهم أن أولئك الذين انتخبوهم بأمر المرجعية ماضون في فسادهم واستخفافهم بالوطن والمواطن،
خصوصا وان السائرون إلى كربلاء قد عاشوا ذكرى ملحمة الحسين وثورته في الإصلاح والتضحية والانتصار للمظلومين والمحرومين، ورفض الفساد والظلم والذل، ومن المفترض أنهم قد تغذوا من عطاء النهضة الحسينية الذي لا ينضب، واكتسبوا طاقة تمنحهم الصمود، وحرارة لن تبرد إلا بتحقيق أهدافهم ومطالبهم في التغيير الحقيقي الجذري وبناء عراق مدني امن مستقر ينعم فيه الجميع،
أو أن الشعب يصيبه التباطؤ (لا قدر الله) أو التلكؤ أو التراجع أو التقاعس عن التظاهرات ومسيرة الإصلاح والتغيير، وهذا هو ما يراهن عليه الفاسدون ومن يقف ورائهم ويدعمهم، وهذا معناه مزيد من الدماء والقتل والجوع البؤس والحرمان والإذلال والنزوح والتهجير….، وهذا ما أكد عليه الناشط والمتظاهر الصرخي الحسني في بيانه الموسوم “من الحكم الديني (اللا ديني) .. إلى .. الحكم المَدَني”، الذي وجهه للمتظاهرين حيث كان مما قال فيه مانصه :
(( أعزائي ، منكم نتعلم وبكم نقتدي أيها المتظاهرون المصلحون هذه نصيحتي لكم فاعْقُلوها ولا تضيّعوا جهودكم وجهودَ مَن سمِع لكم وخرج معكم وايَّدكم ودعا لكم واهتمّ لخروجكم وآزركم ، فلا تخذلوهم ولا تخيبوا آمالهم لا تتخلوا عن العراق الجريح وشعبه المظلوم ، إيّاكم إيّاكم ، لأن التراجع يعني الخسران والضياع وإنّ القادم أسوأ وأسوأ فالحذر الحذر الحذر … ولا ننسى أبداً هتافات أفواه وضمير وقلوب الجماهير المظلومة المسحوقة {{ بإسم الدين.. باگونة الحرامية }} . ))
فطريق الإصلاح والتغيير إنْ كان فيه تعب ومشقة وتضحيات، فهي لا تقارن مع حجم المعاناة والمآسي والويلات والمهالك والخسائر والانتهاكات والضياع والجرائم التي حلَّت بالعراق وشعبه، والدماء والأرواح التي سُفِكت وتُسفَك وستُسفَك في ظل بقاء أولئك المتسلطون، فالعقل والشرع والأخلاق والتاريخ والإنسانية والتجربة وإشعاعات النهضة الحسينية الوضاءة تدعوا الشعب المنتفض إلى مواصلة مسيرتهم حتى النصر، فهذا هو طريق الأحرار والشعوب التي تنتفض لحقوقها ولكرامتها وإنسانيتها، لأنهم يدركون انه لا حياة ولا امن ولا أمان ولا نعيم مع الظالمين والفاسدين والسارقين…..