23 ديسمبر، 2024 6:03 م

العراقيون وتعظيم الاقزام

العراقيون وتعظيم الاقزام

لعل من المشاكل التي تعانيها النفس البشرية وعلى مختلف المراحل التي يمر بها الفرد انها دائما امارة بالسوء ولا تؤدي بالذي يطلق العنان لها الا الى الخسران المبين ومع ذلك يصر الانسان وبغض النظر عن عقيدته او وضعه الاجتماعي او الافكار التي يتبناها الى امتطاء صهوة هذه النفس الغرارة وهي في نفس الوقت لا تقصر في هذا المجال فتضرب به كل حجر ومدر ولا تكون نهايته الا خزي في الدنيا وعذاب في الاخرة وهذا الكلام وان كان الخوض فيه ليس بجديد ولا بالأمر المستحدث فالجميع مجمعون على هذه الحقيقة اي حقيقة النفس الامارة بالسوء وانها تزين لصاحبها الامور وتزخرف له كل قبيح ولكن الغريب او الذي يستوجب الدهشة ان هذه النفس الامارة بالسوء لا تقتصر سيطرتها على صاحبها فقط بحيث تجعله يرى نفسه في مصاف الاوصياء والاولياء وقد يتوفق عليهم في بعض الاحيان انما الغريب ان هذه النفس الامارة تدفع بصاحبها الى ايهام غيره بانه ذو شأن عظيم على الرغم من انه من اراذل الخلق خلقا ومنطقا فتجعل ذلك الشخص يصدق بانه على خير ويتقمص الدور ويركب الموجة ويعتقد انه من جنس اخر من البشر فيتصرف غير تصرفات الناس ويتكلم بغير كلامهم ويطلق العنان لنفسه فيصدق عليه المثل العراقي المعروف (شاف ما شاف شاف …. واخترع) بل اكثر من ذلك ان هذه الداء الذي يمكن ان نسميه تعظيم الاقزام والذي يعاكسه تمامه تقزيم العظماء بدأ يستشري في مجتمعاتنا واصبح المصابون به بهذا الداء لهم اليد الطولى في كل شيء ويصبح صاحب القرار منفذا لإرادتهم كالببغاء وكما يقول الشاعر الذي يصف حال الخلفاء العباسيين في فترة من الزمن (خليفة بين وصيف وبغا يقول ما قالا له كما تقول الببغا ) وليت شعري فقد كان هؤلاء افضل حالا منا فهو وان كبر مقتهم وجبروتهم ولكنهم قلائل ولا يشكلون نسبة في المجتمع واما حالنا فأسوء بكثير من ذلك فاصبحنا ننعق مع كل ناعق ونميل مع كل ريح ولا نحتاج فقط الا حساب على الفيس ابوك لنقوم بتوزيع الجنان وتقطيع النيران وتوزيع الاخلاق وبحسب المزاج ناسين او متناسين ان ورائنا كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا حصاها وان ورائنا يوما يخسر فيه المبطلون ..