23 ديسمبر، 2024 3:52 م

العراقيون … قلوبهم على ايديهم خوفا من المجهول

العراقيون … قلوبهم على ايديهم خوفا من المجهول

تعــد  الأنتخابات البرلمانية التى  تجرى في هذه الايام ذا اهمية كبيرة لدى الرأي العام في العراق والعالم ، وترجع هذه الاهمية اساساً الى كون اجراءها يمثل اختبارا عمليا لتطبيق حق من حقوق الممارسة الديمقراطية والسياسية ،  ويتوقف نجاحها في الاختبار على شكل وانماط تلك الممارسة ، واستطيع القول وبدون مبالغة ان الانتخابات ستكون هي المعيار الحقيقي والاساسي للعملية السياسية في العراق والمنطقة . ولست احسبني مبالغا اذا تصورت انه قد يتوقف على نتيجة هذه الانتخابات مستوى ونمط السلام الاجتماعي الذي سوف يظلل هذا المجتمع ، بل وقد يتحدد على اساس التزام قوى اجتماعية كثيرة بالاساليب الديمقراطية كوسائل لاحداث التغييرالاجتماعي .
وازعم من جهتي، ان المعيار الحقيقي للنجاح ان تتمخض هذه التجربة عن تمثيل حقيقي وعادل للقوى السياسية والاجتماعية المتواجدة في الساحة العراقية، مع تمكين هذه القوى من القيام بأدوار جادة وفعالة .
فالعراقيون كل العراقيين اليوم قلوبهم على ايديهم خوفاً مما يهيء لهم المجهول. خصوصاً انهم ذاقو مرارة الايام الكالحة، واليوم تتعاظم المخاطر لان المراهنة على العراق هو الثبات والتصدي للفرقة، معتبرين ان هذا الوطن طود لا يتزعزع، فالزوابع والرعود لم تنشئ بعد شرخاً في جدار وحدة العراق ولم تنفذ الى عمق نموذجية التعايش والاخوة بين ابنائه وسوف يبقى عراقاً واحداً بكل قومياته واديانه، والعراق هو البلد الذي نريد ان تبقى هويته واحدة.
تقدم اكثر من 9000 تسعة آلاف مرشح للانتخابات ، فلو كان هؤلاء لا يطمحون للمجد الفارغ وللمزيد من تكريس الثروات والمناصب ، بالمختصر المفيد لو كان كل هؤلاء واولئك يتسلمون سدة الحكم عن طريق مؤهلاتهم العلمية وثقافتهم الواسعة ، وبدافع من غيرتهم على وطنهم لا غير ( كما هي حال القلة النادرة منهم ) وليس على سلالم الطائفية والمذاهب الدينية والقومية وغيرها ، لما كان بالتأكيد  هذا الاقبال النهم على مراكز السلطة والجاه ، ولما كان بالتالي هذا الاقتتال الضاري في الساحة العراقية ، ولما كانت أية قوة غاشمة أو ظالمة في الكون لتزعزع حجرا واحدا في جدار بيتنا العراقي .
شهوة الحكم هذه التي تعمل للصالح الفردي هي ارذل الشهوات واقبحها اطلاقاً. انها اكثر شراً من شهوة الجنس، واقبح من شهوة المال، واخطر من شهوة القمار، وادهى من شهوة المجد، وارذل من شهوة الاكل والشرب، ثم ان جميع هذه الشهوات قد تضر بأصحابها اولاً، وان الحقت الضرر بالاخرين فأن ضررها قليل وغير مؤثر ، فمصيبة ان يصل شخص عندنا الى الحكم، ومصيبة الاّ يصل، لانه اذا وصل عمل لمصلحته الشخصية ومصلحة ازلامه واعوانه من حزبه والاقربين، وحرم الباقين وان لم يصل (وقد ذاق طعم الوصول مرات) وضع العصي في دواليب الواصلين او احراق دواليبه العتيقة احتجاجاً وتنكراً واتهمهم بالعمالة والوصولية والخيانة الوطنية والعمل للمصلحة الشخصية. فلو كانت المناصب خدمة وطنية مجانية لوجه الله تعالى، ولو كانت الرئاسة والوزارة تكريماً لعين المواطن ليس غير، كما هي عند بعض الشعوب الراقية (حبذا لو صارت عندنا كذلك او لقاء اجر رمزي ضئيل وبدون امتيازات) …
.الحاكم في العالم الغربي الذي يقدم مصلحته الخاصة على مصلحة وطنه يُقصى من الحكم ويُنبذ ولا يظهر له اسم على المسرح السياسي او المحافل الدولية . نريد في هذه الانتخابات ان نعود الى تحكيم العقل في اختياراتنا ، وكلما تأخرنا في ذلك نكون قد خسرنا انفسنا ، وشوهنا صورة الانسان العراقي .                                                                          
مانفع بحار البترول المكتنزة في باطن الارض اذا لم تسخر كلها لخدمة العراقيين .  ومن اجل الوصول الى شاطيء الأمان ومن اجل أن تكون خيرات العراق لابناءه .. لذلك  على الناخب ان يختار بمحض ارادته الشخص الذي يراه مناسبا .                                                   
هناك العديد من المرشحين ممن تنطبق عليهم المواصفات المطلوبة فعلا لشغل المكان المناسب تحت قبة البرلمان .. من ناحية التحصيل العلمي والكفاءة والخبرة الميدانية فضلا عن النزاهة والمواطنة الحقة .
فعلينا اولا التعرف جيدا على قابليات المرشح قبل التأشير في استمارة الانتخاب ، عسى ان يكون صوتنا هو الذي يرجح كفة المرشح الوطني الغيور ليمثلنا في الدورة الانتخابية القادمة .