أصدر معهد الاستشراق التابع لاكاديمية العلوم الروسية عام 2014 كتابا يقع في 524 صفحة من القطع المتوسط بعنوان – الادب الروسي والعالم العربي , وهو الكتاب رقم 1 والذي سيعقبه الكتاب رقم 2 . مؤلفة الكتاب هي الاستاذة الدكتورة الميرا علي زاده الباحثة في معهد الاستشراق , وهي باحثة روسية ( من أصل أذربيجاني ) ولدت في لينينغراد ( بطرسبورغ حاليا ) , وسبق لها ان أصدرت العديد من الكتب و نشرت الكثير من الدراسات والمقالات في المجلات الاكاديمية الروسية المتخصصة حول هذا الموضوع , والتي كانت – ولا زالت – تتابع بدقة ومثابرة موضوعة الادب الروسي في عالمنا العربي وكيفية تعامل الادباء والباحثون والمترجمون العرب معه .
يتناول هذا الكتاب الفريد والطريف والمتميز والممتع حقا ما نشره الادباء و الباحثون والمترجمون العرب حول مختلف جوانب الادب الروسي و الادباء الروس, ويحتوي على فصلين . الفصل الاول يتناول طرق انتشار الادب الروسي في العالم العربي , والفصل الثاني يتناول آراء العرب وكتاباتهم حول غوغول وتورغينيف وتشيخوف بشكل خاص .
نظرا لسعة هذا الموضوع فاننا نود ان نكرس سلسلة مقالاتنا هذه للادباء و الباحثين والمترجمين العراقيين فقط الذين تحدثت عنهم مؤلفة الكتاب , ونتمنى ان نتوقف في مقالات اخرى لاحقا عند الادباء و الباحثين والمترجمين من البلدان العربية الشقيقة الاخرى , وخصوصا من مصر وسوريا ولبنان والجزائر .
العراقيون , من ادباء و باحثين ومترجمين , و الذين جاء ذكرهم في هذا الكتاب ( حسب تسلسل حروف اللغة العربية) هم كل من –
ادمون صبري // اكرم فاضل // انور شاؤول // ايمان احمد // بدر شاكر السياب // جليل كمال الدين // جميل نصيف // حسب الشيخ جعفر// حسن البياتي // حياة شرارة // خليل حسني // خيري الضامن // ذو النون ايوب // سامي محمد // سعيد الحكيم // شاكر خصباك // شاكر نوري // صباح الربيعي // ضياء نافع // عادل العامل// عامر عبد الله // عباس خلف // عبد الآله أحمد // عبد الجبار وهبي // عبد الرزاق الشيخ // عبد الملك نوري // عبد الوهاب البياتي // عدنان سليم // علي الشوك // غائب طعمه فرمان // غازي العبادي // غانم محمود // فاروق عبد القادر // كاظم السلطاني // كامران قره داغي // محمد يونس// محمود احمد السيد // مرتضى الشيخ حسين // مرزوق بقتاش // نازك الملائكة // نجيب المانع // نعيم بدوي // يوسف عبد المسيح ثروت // يوسف عز الدين .
الاسماء كثيرة جدا كما هو واضح اعلاه ( وربما توجد اسماء اخرى فاتني ايجادها و الاشارة اليها ), ولا يمكن لمقالة واحدة طبعا ان تعرض مساهماتهم في عملية نشر الادب الروسي في العراق , اذ ان هذا موضوع واسع جدا, ابتدأ في اوائل القرن العشرين ولا زال يتفاعل مع مسيرة الحركة الادبية العراقية لحد الان , ويحتاج – من وجهة نظري – الى لجان متابعة مستمرة ودائمة من اجل جمع مواده و ترتيبها بلا شك و لهذا فاني ساحاول هنا ان اسجل رؤوس نقاط اولية في كل حلقة حول عدة اسماء فقط , اذ ان طبيعة كل حلقة من الحلقات لا تسمح بالاستطراد أكثر , وسأعود الى هذا الموضوع لاحقا لأهميته الثقافية والتاريخية في مجال العلاقات الفكرية بين العراق وروسيا من وجهة نظرنا . الاسماء التي وردت في هذا الكتاب والتي أودٌ التوقف عندها في هذه الحلقة هي ما يأتي –
* 1- اثار اهتمامي الاشارة الى اسمي بدر شاكر السياب ونازك الملائكة في فهرس الاعلام في هذا الكتاب , اذ اني لا
* اعرف – حسب معلوماتي المتواضعة – مساهمتهما في مجال الادب الروسي في العراق , وعندما دققت الموضوع تبين ان هناك اشارة
واحدة اليهما في هذا الكتاب (ص.177) جاءت في هامش حول دورهما الرائد والمتميز في حركة الشعر العربي الحديث ليس الا , ولا علاقة لهذا الهامش – بالتالي – بالادب الروسي في العراق
2 – جاء اسم عبد الوهاب البياتي في هذا الفهرس ايضا , ولدى التدقيق تبين ان المؤلفة اشارت اليه في نفس الهامش حول حركة الشعر الحديث , اما المرة الثانية فقد جاء اسمه ( ص.154) باعتباره مترجما لقصيدة الشاعر الروسي السوفيتي سوريكوف عن الحرب العالمية الثانية والمنشورة في مجلة (الطريق ) البيروتية ( العدد 2-3 لعام 1959 ), ولا توجد اشارة هناك عن اي لغة ترجمها البياتي , علما ان هذه القصيدة تكاد ان تكون شبه مجهولة للقراء تقريبا و لم تشغل مكانتها في مؤلفات البياتي الشعرية اللاحقة .
* 3- جاء اسم جميل نصيف في (ص.176) باعتباره خريج جامعة
* موسكو وتدريسي في جامعة بغداد , وفي( ص. 180) باعتباره مترجما لمقالة منشورة في مجلة الاقلام ( لعام 1984 عدد 12) حول ما كتبه بيلينسكي عن ( موجالوف بدور هاملت ), وهذا كل ما جاء عنه.
يعرف القارئ العراقي والعربي طبعا اسم هذا الباحث العراقي الكبير ونشاطاته الثقافية الواسعة والمهمة في مجال الادب الروسي تأليفا وترجمة , هذا النشاط الذي ابتدأ منذ عودة جميل نصيف الى بغداد بعد انهاء دراسته العليا في كلية الآداب بجامعة موسكو في نهاية الستينات من القرن العشرين والى سفره الى لندن في بداية القرن الحادي والعشرين . لقد اصدر جميل نصيف العديد من الكتب الضخمة والمترجمة عن اللغة الروسية بالذات في العراق, و اعيد طبعها في بلدان عربية اخرى فيما بعد , والتي اصبحت في الوقت الحاضر مصادر اساسية لدراسة الادب الروسي في العراق والعالم العربي ايضا , واشير الى بعضها هنا على سبيل المثال وليس الحصر وهي – ( في سبيل الواقعية ) , ( موسوعة نظرية الادب “عدة اجزاء ” ) , ( بوشكين ) , ( قضايا الفن الابداعي عند دستويفسكي )….الخ ,
اضافة الى البحوث الكثيرة التي قدمها جميل نصيف في مجال الادب الروسي في المجلات والاصدارات الاكاديمية المتخصصة والمؤتمرات العلمية في العراق والعالم العربي ايضا , ومنها مثلا دراسته الشهيرة عن قصيدة بوشكين ( النبي ) ( انظر – الاستشراق – سلسلة كتب الثقافة المقارنة / دار الشؤون الثقافية العامة / بغداد 1991 ) , ونشر الكثيرمن المقالات المترجمة حول الادب الروسي , وباختصار فان جميل نصيف يعد واحدا من أبرز الاسماء العراقية في مجال الدراسات حول الادب الروسي في العراق في النصف الثاني من القرن العشرين , ولم ينعكس كل ذلك في هذا الكتاب , ويتطلب هذا الامر – من وجهة نظرنا – توضيحا بلا أدنى شك .
4- الاسم الآخر الذي ذكرته المؤلفة ايضا لمرة واحدة ليس الا هو جليل كمال الدين (ص.178) , باعتباره مترجما لمقالة عن دستويفسكي منشورة في مجلة الاقلام لعام 1971 , ومن المعروف ان جليل كمال الدين نشر طوال حياته ( 1930 – 2014 وليس 2011 كما جاء في الكتاب ) الكثير من الكتب والدراسات والمقالات حول الادب الروسي تأليفا واعدادا وترجمة مثل كتابه المعروف عن مكسيم غوركي ( ضمن سلسلة اعلام الفكر العالمي – بيروت ), وترجمته لمجموعة من قصص غوغول الشهيرة والتي صدرت طبعتها الاولى في موسكو والثانية في بغداد ..الخ , ولم ينعكس كل ذلك النشاط الابداعي المتميز في هذا الكتاب مع الاسف.
5- جاء ذكر الاديب العراقي الرائد عبد الملك نوري مرة واحدة ( ص.156) باعتباره قد عرض مضمونا وجيزا لكتاب صادر باللغة الانكليزية عن ماياكوفسكي في مجلة ( الثقافة الوطنية ) البيروتية لعام 1954, وهي ملاحظة دقيقة وذكية وطريفة فعلا .
نتابع الموضوع في الحلقة القادمة حول الاسماء العراقية الاخرى .