شعب كتب عليه أن لا يرى الراحة أبدا, شعب خط على جبينه الموت الأحمر, شعب نقشت على جسده المعاناة, شعب عاش بين نهرين من النار, حضارته الدم, ثقافته القتل, صروحه مبنية على أجساد أبناءه, ينتشي على المجازر, ويسكر على اللوعات والآهات, ويطرب على سماع الأنين, هذا هو حال شعب العراق, هكذا هو منذ أن أبصرت عينها الحياة, شعب كتبت عليه اللاحياة في الحياة.
هذا تاريخ العراق منذ القدم تاريخ مملوء بالقتل وسفك الدماء وفساد وجور الحكام, لم يرى الراحة مطلقا, شعب حكم عليه أن يعيش بين القتل والإرهاب والتشريد والتطريد والترويع والتهجير والنزوح, وبين الفساد والظلم والطغيان والجور, شعب لا إلى السماء صاعد, ولا إلى الأرض نازل, معلق بين إجرام المليشيات وإرهاب داعش.
مجزرة ترتكبها داعش, وترد عليها المليشيات بمجزرة أخرى!! تقطع الرؤوس هنا وتنحر الرقاب هناك!! هذا يقتل باسم الإسلام, ويرد عليه المقابل باسم المذهب والطائفة, والعكس صحيح, السني يُقتل, والشيعي يُذبح, بنفس الوقت, والجناة والقتلة لا من السنة ولا من الشيعة!! بل هم مصاصي دماء, ليسوا من جنس البشر لكنهم بصورته.
عوائل, أطفال, نساء, شيوخ, شباب, مدن, قرى, أبيدت, محيت بأهلها, والسبب إنها وقعت في وسط صراع بين قاتل مليشياوي وإرهابي مجرم, ابن المنطقة الغربية قُتل, وابن الجنوب ذُبح, والسبب هو الفساد والإفساد عند المسؤول والمتصدي والحاكم, لأنه من أوجد هذا القاتل وذاك الإرهابي, هذه هي معاناة العراقيين اليوم فهم يعيشون بين إرهاب داعش من جهة وإجرام المليشيات من جهة, بين القتل والتهجير والترويع وبين فساد وظلم المسؤول.
يقول المرجع الديني السيد الصرخي الحسني في محاضرته العقائدية التاريخية الثالثة والثلاثون والتي ألقاها يوم الخميس 12 / 2 / 2015م , متأسفا ومتألما على ما يجري في العراق وعلى ما يعيشه العراقيين من معاناة بسبب فساد المسؤولين وإجرام المليشياويين وداعش, يقول سماحته …
{ … عندما يدخل ما يسمى بداعش إلى مكان ما نحن نتأسف جدا عندما نفقد الأعزاء والأحباب من أبنائنا من الوسط من الجنوب من الغربية من العشائر المغلوب على أمرها التي وقعت ضحية بين المتخاذلين، بين المرتزقة، بين الفاسدين في الدولة وبين ما يسمى بداعش من جهة أخرى… أبُيدت عوائل أُبيد أشخاص قُتلت مجاميع قُطعت الرؤوس، نُكل بالإنسان هنا وهناك, التكفير ينكل ويقتل والمليشياوي ينكل يقتل، بشاعة في بشاعة قباحة في قباحة…هذا الذي نتأسف عليه ونتأسف منه، نقول بأن مثل هذه التوجهات استطاعت أن تغلب الآخرين وتنتشر هذا الانتشار وتكسب الناس ليس بالدليل الذي تملكه، لا تمتلك دليل، دليلها سقيم مريض فارغ عناد مغالطة ليس أكثر من هذا لكن بالعمل حتى الأعمال كثير وأغلب الأعمال هي أعمال وحشية خارجة عن الدين والإسلام غير مقبولة، لكن الإجرام المقابل، الجريمة المقابلة، القبح المقابل، الفساد المقابل اكبر وإضعاف ما يحصل منهم !! فإلى أين تلتجئ الناس ؟ وقعت بين هذا وذاك ماذا تفعل ؟ ناس مجردة ناس لا تملك السلاح لا تملك القوة لا تملك القدرة للدفاع عن نفسها ماذا تفعل؟ قبيح وأقبح، شر وأشر، فاسد وأفسد وليس لها وليس عندها الأخلاق…}.