10 أبريل، 2024 3:55 م
Search
Close this search box.

العرافة والمشعوذ والدجال..تعددت الاسماء والهدف واحد

Facebook
Twitter
LinkedIn

تعددت الاسماء والهدف واحد .. افراغ جيوب السذج من الاميين والمثقفين ومن الفقراء والأغنياء وهي معادلة يصعب تفسيرها والسبب تواجد النقيضين في مكان واحد، ولأجل هدف واحد والمضحك بالأمر انهم اتفقوا على ان يكونوا محل سخرية حفنة من النصابين والمتخلفين معظمهم لا يعرف حتى مسك القلم إلا انه عرف كيف يبني لنفسه عرشا ومملكة عبيدها من كل الالوان يقفون بالطابور امام بابه طمعا بحلول الهية تحل طلاسم قضيتهم وكلهم امل في ان الحل يكمن خلف الباب في غرفة الدجل والشعوذة في فنجان او امام مرآة او بين اسطر قاموس . وطبعا الحل لا يقدم مجانا، انه مقابل ثمن احيانا يصل الى مبالغ خيالية، وهذا دليل على انه ليس الفقراء وحدهم من يزور هؤلاء، فمن يدفع مبالغ كبيرة كهذه ليس من المعقول ان يكون فقيرا بل انه يملك الكثير، وهذا الامر هو ما جعل بعض المشعوذين اغنياء وحتى انهم صاروا لايتعاملون بالعملة المحلية مستغلين حاجة السذج من الناس الذين قد يدفعهم احيانا اليأس الى طرق ابوابهم صاغرين ذاعنين لكل مطالبهم وأحيانا يدفعهم الجهل لطلب حاجتهم من المشعوذين والدجالين او قد يلجأون لهؤلاء بسبب الهالة الاعلامية التي يحظى بها مشعوذ ما او عراف او دجال وهذا ما نلاحظه حاليا من خلال وسائل الاعلام والفضائيات التي سخرت جزء كبيرا من بثها لمصلحة هؤلاء انطلاقا من مبدأ (فيد واستفيد)، وللعلم بعض من هؤلاء يمارس المهنة ابا عن جد وكأنهم يتوارثون هذه الكرامات التي انعم الله بها عليهم وخصهم دون باقي البشر . وهم يواكبون عجلة التطور من خلال ارتفاع الاسعار ومن خلال وضع روتين صعب لمقابلتهم او لتطبيق برنامجهم العلاجي او استخدام رموز ومصطلحات غريبة وحديثة تميزهم عن اسلافهم البسطاء . وهناك قضية مهمة وهي انهم يتلونون بلون البيئة المحيطة بهم حيث انهم يتناغمون مع هذه البيئة ومتطلباتها ويستغلون نقاط الضعف لدى افرادها وينفذون من خلالها، ومثال على ذلك انهم قد يستخدمون العلاج بالقرآن والاستخارة به في المناطق الشعبية الفقيرة التي يغلب عليها الطابع الديني بينما يستخدمون القاموس او الفنجان في المناطق التي يكون مستواهم المعاشي والاقتصادي عال او قد يستخدمون علم الفلك في المناطق الراقية ويقرأون لهم الطالع من خلال النجوم ويكشفون لهم المستور بأبراج الحظ اعتمادا على الخرافات والأكاذيب وحتى طلباتهم تختلف تبعا للمناطق ونوع الزبائن، فإن كان الدجال يطلب في الاحياء الفقيرة من الزبون الفقير عظم ديك لفك السحر او تزويج الفتاة او كشف السارق فأنه في الاحياء الراقية او الزبائن الاغنياء يطلب منهم عظم هدهد او عظم طائر او حيوان نادر ليظهر للزبون خطورة الأمر المحدق به وصعوبة حله وبذلك تنطلي الحيلة على الزبون المسكين او المغفل الساذج .
هنا نكون قد وفينا جزء من الظاهرة وتكلمنا عن المشعوذ والبيئة التي يمارس عمله فيها وعن الزبون وأسباب لجوئه للدجالين وأمور اخرى والان سنتناول المشكلة من جانب اخر باعتبارها ظاهرة اجتماعية سلبية يجب مكافحتها ونتحدث عن اسبابها وطرق علاجها .
ان مراجعة هؤلاء بكل مسمياتهم يعتبر مشكلة اجتماعية خطيرة وهي بمثابة افة تنخر عظم المجتمع وتؤخر عملية تطوره وأسباب هذه الظاهرة يكمن اولا بسوء الاحوال المعيشية لشريحة كبيرة من المجتمع وهذا الوضع قلل من فرص التعلم والثقافة لدى اغلب افراد هذه الطبقة وبذلك الجأتهم الحاجة لمثل هؤلاء والأمر الثاني عزوف الشباب عن الزواج بسبب البطالة او ارتفاع مهر الفتاة وبذلك افرزت هذه المشكلة مشكلة اخرى وهي العنوسة لدى الفتيات مما اضطرهن الى مراجعة السحرة والعرافات لتزوجيهن والسبب الثالث هو ضعف العلاقة بين الفرد والمؤسسة الدينية مما اوجد نوعا من الفراغ الديني استطاع هذا المشعوذ ان يسده ويأخذ مكانة المؤسسة الدينية التي كان من المفترض ان يلجأ اليها الشخص بدل هؤلاء إلا ان ضعف اداء المؤسسة الدينية دفع الناس الى مراجعة غيرهم والأمر الاخر هو ضعف اداء المؤسسات الحكومية التي تقاعست عن تقديم الخدمات للمناطق الفقيرة وكذلك لم تتعامل مع جميع ابناء الشعب بمعيار واحد مما انتج نوعا من التفاوت في جميع مجالات الحياة .
ولعلاج هذه الظاهرة يجب على الجميع ان يقوم بواجبه على اكمل وجه وأولهم المؤسسات الدينية حيث يقع على عاتقها العبء الاكبر  من حل هذه المشكلة ويتمثل ذلك بأنه يجب ان يكونوا على تماس مباشر مع المواطنين ودون وسطاء وان تكون ابوابهم مفتوحة للجميع وان يشعر المواطن بأنه يتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها غيره ولا يوجد فوارق تبعا للقومية والطائفة والمذهب او تبعا للمناطق والسكن وان الكل سواسية، كما يجب اصدار فتاوى تحرم التعامل مع هؤلاء ولأي سبب كان وأيضا على هذه المؤسسات تسهيل المعلومة الدينية حين ايصالها للمواطن وان لا يصعبوا الدين لأنه سهل ووجد لخدمة الناس وتسهيل امورهم وتوضيح طرق تعاملهم فيما بينهم لأن الدين المعاملة . هذا فيما يخص المؤسسات الدينية اما بالنسبة للدولة فعليها ان تلاحق هؤلاء اينما كانوا وتسد عليهم كل المنافذ وتبث برامج توعية يتم من خلالها فضح الاعيب هؤلاء المشعوذين وكذلك انتاج اعلان يبث باستمرار يبين زيف ادعاءاتهم وكيفية استغلالهم لحاجة الناس لتحقيق الربح والثراء وأيضا اسعاف المناطق الفقيرة وتقديم كل الخدمات لهم وحثهم على التعلم وكذلك القضاء على البطالة من خلال توفير فرص العمل للشباب وتسهيل عملية الزواج بمنح الشباب قروضا ميسرة ودون فوائد لتمكينهم من إنشاء بيت الزوجية ، وهناك مسؤولية تقع علينا نحن كأفراد وعلينا النهوض بها وابسطها هي عدم السماح لهؤلاء بممارسة عملهم داخل احياءنا وهذا حق مكفول لنا فيما لو اننا اجتمعنا ورفعنا طلب بغلق هذا المحل او ترحيل هذا الشخص وهي طريقة قانونية لأنها تقينا ضرر هذا الشخص وان لم نستطع فعلينا بحث اسرنا بعدم التعامل مع هؤلاء وبذلك ينتفي عملهم لعدم وجود مراجعين لهم . اذن المسؤولية هي مسؤولية الجميع ولا يتحملها طرف واحد وبذلك يكون حلها سهل لأنه يتوزع على جميع شرائح المجتمع ومؤسساته المدنية والحكومية . 

* باحث نفسي/ مدير البيت الامن للايتام   

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب