الحلقة 11 والأخيرة
دون تردد قال :«لقد حاولت بيعها ب(٤۰۰۰) دولار قبل شهر ولكن صاحب المعرض قال بأنها لا تساوي سوى(٣٫٥٠٠) دولار. أرادت سميرة أن تطيل الحديث معه وتثبت للأخرين أنها تفهم في بيع وشراء السيارات، عندها أردفت قائلة :«هل تبيعها ب(٣٫۷٥٠) دولار. أنا أشتريها منك والدفع فوراً».دون تردد قال سلام:«بعتك أياها، وخذي الأوراق الان». توقفت سميرة مرة أخرى عند حافة الطريق السريع. توقف أمجد خلفها ولكن لم يترجل أحداً من سيارته. فتحت سميرة حقيبتها وأخرجت كمية من الدولارات وهي تقول:«خذ هذه نقودك!! تأكد من أنها غير ناقصة». لم يصدق سلام ما كان يدور حوله. لم يعتقد أن هذه المرأة جادة إلى هذه الدرجة. لم يبدأ بِعد نقوده. ظل ينظر أليها مذهولاً. قالت سميرة:«ماذا تنتظر. أبدأ العد تأكد منها». وبأنامل مرتجفة راح يعد النقود. عدها مرة أخرى. بعدها قال:«هذه ثمانية آلاف وليس ٣٫۷٥۰.». قالت:«لا يهم خذها كلها، لقد أشتريتها بهذا السعر. لأنها تساوي هذا المبلغ ولا أريد ان اكون ظالمة معك. خذ الأوراق ستبقى بأسمك ولكنها من الناحية الشرعية سيارتي. في أي وقت أطلب منك تسجيلها بأسمي تفعل ذلك، هل توافق على هذا الشرط. هؤلاء الأشخاص الجالسين في المقعد الخلفي هم الشهود الشرعيين لي ولك. هل توافق على ذلك؟». قال: نعم أوافق». وقال الجميع:نعم نحن نشهد بذلك». قالت ضاحكة:«حسناً، تمت الصفقة. إذهب الأن إلى سيارتك وليأتي أمجد هنا، أتبعنا إلى محل شراء الذهب». إندفع خارجاً من سيارة سميرة وهو يحمل الثمانية آلاف دولار مع كافة أوراق السيارة. عندما وصل إلى سيارته خرج أمجد منها وهو يقول لصديقه سلام:«هل وافقت سميرة؟».لم ينطق سلام بحرف واحد سوى أنه أحتضن صديقه أمجد يقبله بشغف على خديه ثم دفعه قائلاً:«أذهب إلى سيارة سميرة أنها تريدك الأن فوراً». إنطلقت سميرة بسيارتها بسرعة جنونية وخلفها سلام يحاول اللحاق بها قدر الأمكان. كان الجميع منذهلين بما فيهم-نوار- الذي ظل ينظر أليها بأندهاش وأعجاب في نفس الوقت.
كانت خالدة و-وفاء- تجلسان في حديقة الدار بأنتظار الذاهبون إلى محلات الذهب لتطريز هذا اليوم الفريد من نوعه في تاريخ البشرية يوم لم يحدث مثله حتى في حكايات الف ليلة وليلة. كانت وفاء تنظر إلى خالدة بأعجاب شديد جداً- وهي تأخذ رشفة من قدح الشاي الذي كان في يدها بين فترة وأخرى. دون تردد قالت:«هناك شيء يحيرني في أمرك ولا أجد له تفسيراً، أنتِ أول أمرأة رأيتها في حياتي تخطب زوجة لزوجها. هل هناك سر معين في حياتك أم أنتِ تهدفين إلى شيء أخر.». نظرت أليها خالدة بتحدي وقد أرتسمت على شفتيها أبتسامة باهتة نوعاً ما. حاولت أن لا تجيب على تساؤلاتها وتترك الأمر على حاله ولكنها أرادت أن تقول كل شيء في داخلها وتريح نفسها من صراعات داخلية طويلة منذ زمن سحيق. عندها إندفعت قائلة:«قبل كل شيء أريدكِ أن تعديني بأنك لن تقولي أي شيء لأي مخلوق مهما كان.» حينما وعدتها خالدة بعدم القول لأي شيء لأي أنسان طالما أنها على قيد الحياة، وستدفن معها في قبرها كل حرف سمعته منها. تنفست خالدة الصعداء وإستعدت للبوح بكل ما يجول في خاطرها، وبدأت حديثها قائلة:«منذ أن عرفت أن نوار يحب فتاة معه في نفس الجامعة وكانت الفتاة التي هام بها تدعى-وفاء-، تحولت حياتي إلى جحيم لا بل إلى عذاب حتى هذه اللحظة. عرفت من شقيقته الكبيرة أن الفتاة الجامعية تعيش مع والدتها فقط وحالتهما المادية بسيطة نوعاً ما،لا بل نستطيع أن نقول-فقيرة-، تشجعت قليلاً وبدأت أعمل في الحقل الزراعي ساعات طويلة جداً كي أزيد كمية المحاصيل الزراعية ونستطيع أن نحصل على نقود جيدة بعد بيع المحاصيل. كنت أتفق مع والدي أن أعمل ليلاً ونهاراً مقابل أن يعطيني كمية جيدة من النقود كي أوفرها لزواجي. كان والدي يفرح بهذا الأصرار والتحدي.وبالفعل جمعت نقود جيدة. قررت أن لا أكون كباقي الفتيات الشابات من بنات قريتي. لن أنتظر في البيت إلى أن يأتي شاباً معيناً لخطبتي. قررت أن أخوض معركة شرسة مع التقاليد الأجتماعية والعادات السائدة في قريتي أنذاك. صممتُ على قيادة المعركة بنفسي وشن الهجمات المباغتة ليلاً ونهاراً كي أصل إلى هدفي الذي رسمته لحياتي وبأي ثمن كنت قد تحدثت إلى كل فتاة في مجتمعنا الريفي-أقصد قريتنا- وحذرت كل واحدة منهن بعدم الأقتراب منه، ومن تحاول الأقتراب منه ولو بحسن نية فأنها ستموت فوراً وأقطع أوصال جسدها إلى قطع صغيرة جداً وكنت جادة في ذلك. لكن وفاء الفتاة الجامعية كانت العدو الكبير الخطر جداً الذي لا يمكن الوصول أليه أبداً حتى لو أستعملت كافة الأسلحة التي في حوزتي. كنت أتقرب من شقيقته بشكل جنوني وملفت للنظر. كنت أذرف الدموع الحارة جداً كي أدر عطفها. كنت أخبرها بأن اليوم الذي ستزف به-وفاء- إلى نوار معناه موتي الحقيقي، وقررت فعلاً أن أنتحر عندما يزفونها أقصد-وفاء- اليه، كي أحيل ذلك الفرح الكبير إلى مأتم حقيقي. كنت أطلب من شقيقته أن تجعلني أنظر إلى كافة الصور التي يلتقطها نوار في الجامعة مع –وفاء- … سرقت قسماً منها كي أحتفظ بها معي. كلما نظرت إلى صورتها كانت الدماء تغلي في عروقي وتحيلني الى عذراء متوحشة إلى أبعد الحدود. حينما وصلني خبر زواج وفاء من مدرس الرياضة- كان يوم ولادتي الحقيقي-. بدأت اتقرب من عائلته أكثرمن الأول وأخيراً طلبت منه أن يتزوجني لأنني مصيره الوحيد وهو مصيري الوحيد، وأخبرته عدة مرات بأنني سأقتل أي فتاة في القرية أذا تزوجته. وبسبب الظرف العائلي الذي كان يمر فيه وبسبب تقديمي له كل ما يتطلب من نفقات الزواج، وافق وتزوجنا. الحق يقال – كان كريماً معي في كل شيء – وخصوصاً حقوقي الزوجية. لكنني كنت أشعر أن روحه في مكان بعيد على الغم من أن جسده كان قريباً جداً مني. لم أهتم لذلك في البداية لأنني كنت أقول لنفسي طالما أنا حصلت عليه، فهو لي وحدي، ولا أهتم أذا كان ذهنه هناك أثناء ممارسة الحب أو شيء من هذا القبيل. حينما شاهدت الوشم على فخذه الأيسر وهو أسم – وفاء – شعرت بحزن دفين ولكنني تجرعت العذاب. طلبت منه أن أبدل أسمي إلى – وفاء – كي يكون ذلك الوشم يحمل أسمي بَيْدَ انه لم يستحسن الفكرة وأخبرني أن ذلك يعود للزمن القديم. قررت مع نفسي أن أقرأ كافة الكتب التي كان يدرسها في الجامعة، لا بل حفظتها عن ظهر قلب. كنت أتفوق عليه أحياناً عندما كنا نتكلم في مواضيع تلك الكتب. حفظت كل أشعار شكسبير باللغة الانكليزية، وكذلك أشعار أليوت… وغيرهم. بعد أن كبرنا وأصبحت رغبتي للحب الجسدي ليست كما كانت عليه عندما كنا شباب يافعين وخصوصاً بعد أن أصبحت لدينا بنت في سن الشباب. كنت أشاهده يتألم كثيراً لأنه كان لا يزال يملك طاقة كبيرة من الرغبة الرجولية إلى الجنس الأخر. جاءتني فكرة إقناعه بالزواج من فتاة عذراء أخرى على شرط أنا التي أختارها له. في البداية كان يسخر مني لأنه كان يتصور أنني كنت أريد أن أختبره فيما أذا كان لا يزال يرغبني أم لا. عندما لم أجد الفتاة التي أنا أريدها تركت الموضوع بعض الشيء ومن ثم تولدت لي فكرة أخرى آلا وهي الدراسة في جامعة أهلية مقابل ثمن على أن أدرس نفس أختصاصه آلا وهو التخصص في مادة اللغة الأنكليزية.في البداية ضحك قائلاً:«بعد ما شاب راح للكتّاب». أي عندما شاخ المرء أراد الدراسة من جديد. عندما رأى أصراري على ذلك قال بأن الأمر متروك لي لأختيار الزمان المناسب. بالمناسبة لقد أنهيت الدراسة الأعدادية بتفوق-.». سكتت قليلاً وراحت تنظر إلى السماء البعيدة وكأنها تطلب منها مساعدتها في سرد كافة الوقائع التي حدثت معها منذ زمن ليس بالقصير، أما – وفاء – فقد كانت تحدّق في عيني خالدة مذهولة لدرجة الخوف. لم تتصور أنها يمكن أن تسبب كل هذا العذاب لمخلوقة بشرية من جنسها طيلة كل هذه السنوات التي مرت. تمنت في سريرة نفسها أن تقدم لهذه المرأة شيئاً ما يريحها من هذا العذاب وهذا الصراع الذي كان يلسعها بسياطه القاسية على مدى دهرٍ سحيق. أرادت وفاء أن تتكلم بَيْدَ أن خالدة أشارت أليها بالصمت كي تنهي ما كانت قد بدأته من أعترافاتها لأول مرة أمام – غريمتها – التي أقضت مضجعها سنوات طويلة وأحالت روحها إلى كومة من المعاناة التي ليس لها حدود. أخذت خالدة نفساً عميقاً ثم أردفت تقول :«حينما عرفت أن الشاب الذي جاء لخطبة أبنتي الوحيدة ما هو إلا أبن تلك العدوة اللدودة لي فكرت بالرفض أولاً ولكن لم أستطع لأن هناك شيئاً دفيناً يحثني على القبول آلا وهو التعرف عن قرب على تلك الشخصية – الأم- التي لطالما حسدتها في داخلي على ذلك الحب المقدس الذي كان زوجي يحمله في قلبه تجاهها. عندما شاهدت سميرة أحببتها بشكل لا يوصف لأنني كنت أرى فيها ذاتي وشبابي المفقود. في لحظة سريعة جداً جاءتني نفس الفكرة القديمة – فكرة تزويج زوجي من فتاة أنا أختارها, كانت تملك كل الصفات والمواصفات – أن صح التعبير – التي ستجعل نوار يعيش معها سعيداً – أو هذا ما أتصوره -، وفي نفس الوقت عادت لي فكرة الدراسة في الجامعة الأهلية أو ربما السفر فوراً وحدي إلى – لندن – لأنهاء البكلوريوس والماجستير والدكتوراة حتى لو وصلت إلى عمر متقدم جداً. فكرت أن إخُذكِ معي. وفي نفس الوقت أعطي نوار فترة مناسبة جداً للتمتع بزواجه الفريد من نوعه.». هنا لم تتحمل – وفاء- الصمت دون قول شيئاً معيناً :«هذه فكرة جيدة جداً. أقصد فكرة السفر إلى لندن للدراسة. سأبدأ بدراسة الماجستير والدكتوراة. سأكون متقدمة عليكِ بعدة سنوات دراسية ولكن مع هذا سأحاول أن أجد عمل في أحدى الجامعات البريطانية لحين أنهاء دراستكِ ونعود معاً للتدريس في نفس الجامعة التي تخرجنا منها أنا ونوار. سنكون عجائز ولكن هذا لا يهم. سأحاول أن أرضي جزءاً من طموحي الذي لم أستطع تحقيقه من قبل. لديّ نقود كثيرة وستكون كافة مصاريفكَ على حسابي الخاص لحين أنهاء الدراسة والعودة. أنا مدينة – لنوار- بثلاثة دنانير سأحاول أن أعيدها له عن طريقكِ.». ضحكت خالدة وهي تقول:«هذا كرم كبير منكِ ولكن أستطيع تحمل مصاريف دراستي، فلدي قطع ذهب كثيرة سأبيعها وأدرس بثمنها….». صمتت خالدة، ولكنها بعد فترة وجيزة قالت:«سيكون اليوم الأول لزواج – نوار – من سميرة ، هو نفس اليوم الذي أسافر فيه إلى لندن…. لأنني لا أستطيع أن أبقى في نفس البلد الذي يقضي فيه زوجي ليلة زفافه مع فتاة غيري. أتمنى من الله أن يعينني على ذلك اليوم كي لا أفقد حياتي إلى الأبد قبل أن أصل إلى هدفي».
أقلعت الطائرة في الساعة الحادية عشرة ليلاً من مطار البلد الذي شهد قبل سنوات صراعات قبلية شديدة، ومات فيه رجالاً ونساءاً وأطفالاً كثيرون دون أن يرتكبوا أي ذنب سوى أنهم ينتمون إلى البلد الذي لم يعرف الراحة والهدوء منذ بداية تكوينه. ولا نعرف من هو السبب؟؟ هل هو الأنسان نفسه أم هي الحياة هكذا ما هي إلا مزيجاً من الصراعات والحروب على مدى التاريخ. جلست خالدة قرب النافذة وجلست وفاء ملاصقة لها. كانت كل واحدة تمسك بيد الأخرى كأنهما توأمان يخشيان الأفتراق بعد فراق طويل. لم تنبس أي منهما ببنت شفة. كانت خالدة تنظر من النافذة حيث أضواء العاصمة الملونة في كلِ مكان كأنها زهور متناسقة الألوان في حديقة الزوراء. كانت الدموع تنهمر من مقلتيها لدرجة أنها لم ترى الاضواء بوضوح. دون توقع مدت وفاء يدها وراحت تمسح دموع خالدة بمنديل ناعم كالحرير دونه أن تقول لها أي شيء. التفتت خالدة إلى وفاء وأخذت يدها وراحت تقبلها بحرارة وتبكي بدموع وصوت يمزق نياط الأفئدة. تركتها وفاء تبكي وتبكي وتبكي حتى جفت دموعها تماماً.
أما – نوار- فقد كان واقفاً في الشرفة الكبيرة للفندق الذي كان يحمل صفة خمسة نجوم ببدلة العرس ينظر إلى السماء الزرقاء وينفث دخان سيكارته في الفضاء المفتوح والدموع تنهمر من عينيه بشدة وراح يردد مع نفسه دون أن يهتم لزوجته الشابة – سميرة- التي كانت تقف إلى جانبه بثوبها الأبيض الغالي الثمن جداً :«آه… آه… آه… يا لهذا الزمن الذي لا يرحم. آه من هذا العالم الذي لا يرحم كان لي قلباً واحداً والأن أصبح لي قلبين هناك في الفضاء يتجهان نحو المجهول. كيف أنتِ الأن يا خالدة في قلبي، وكيف أنتِ الأن يا وفاء الأنسان وروح الجسد. كيف أستطيع فراقكما؟؟ لماذا تركتماني في هذا العالم الوحشي الدموي؟؟ هل يعقل أنكما سائرتان وحيدتان هناك في العالم المجهول ؟؟ من أنا ؟؟ ولماذا أنا هنا ؟؟ هل جئت إلى الحياة كي أتعذب هكذا؟؟». وراح يبكي بصوت مسموع. تركته سميرة حتى يفرغ من دموعه ومناجاة ذاته. بعد فتر وجيزة قادته من يده اليسرى إلى داخل الجناح الكبير الذي لا يسكنه إلا رجال الأعمال الكبار. أزاحت عنه سترته بيديها الناعمتين ثم وضعتها بهدوء في خِزَانة الملابس. أجلسته على الفراش الوثير جداً. جلست قربه وراحت تداعب شعره بهدوء وهي تقول بصوت أنثوي يفتت قلوب أقسى الرجال :« لا تحزن يا حبيبي.. وأسمح لي أن أقول كلمة حبيبي لأنني لم أقلها في حياتي لأحد. إنسى الماضي وعش في الواقع الحاضر. إترك الماضي فأنه لن يعود فهذه هي سنة الحياة. حاول أن تقطف ثمار اللحظة التي أنت فيها، لأن البكاء على الأطلال لا يجلب سوى العناء والدمار. سأعوضك عن وفاء وعن خالدة، لديّ طاقة لا يمكن أن تتصورها سأجعلك تنسى الماضي والحاضر والمستقبل. الأن أنت لي وحدي وأنا لك وحدك فلا تفكر بالقرية ولا تفكر بوفاء ولا خالدة.. فكر بسميرة فقط وركز على رجولتك وحيويتكَ على هذه الثمرة الناضجة التي تنتظر هذا اليوم منذ ٢٩ سنة، تناولها كلها ولا تترك أي شيء منها، فأنها لك وحدك ولا يحق لأي أحد أن يشاركك فيها مهما كانت جنسيته وإنتمائاته القومية والعشائرية. إجعلني أحلق في فضاء الحب الخالد والرغبة التي لا تعرف الحدود. كن معي روؤفاً لأنني عذراء جامحة منذ أن جئت إلى هذه الحياة. حاول أن تكسب قلبي في هذه الليلة التاريخية في حياتي ولا تحاول أن تكسب الجسد فقط لان الجسد فاني والروح تبقى إلى الأبد». وراحت تخلع ثوب العرس بهدوء وتضعه في خزانة الملابس لتبقى في ملابس كلها من الحرير المستورد. نظر أليها بذهول. لم يتصور أن هناك على وجه الأرض فتاة تشبهها أبداً. كانت حورية في جسد انسان. تلاحقت أنفاسه وجفت كافة السوائل في بلعومه. شعر بالدوار لأول مرة منذ زمن طويل. دون وعي قادها من يدها فأستجابت له بهدوء. أستلقى إلى جانبها وراح يدقق النظر في عينيها اللتان تشبهان لؤلؤتان تلمعان. قبّل كل واحدة منهما بهدوء. سافرت يده إلى كل جزء من أجزاء جسدها الذي كان ينبض بعنف. دون وعي سحبته اليها وراح كل واحد منهما يرتشف رحيق الحب من كل زهور الأرض النابتة عند الحقول الخضراء. رقصت الطيور عند السواقي وتدفق الماء يسقي مزروعات حقولهما بخرير وهدير موسيقي ليس له مثيل. وتلاحقت الأنفاس وضاع الماضي في الحاضر وتحول الحاضر إلى مستقبل زاهر ينعم بالمحبة والشوق الذي لا ينتهي عل مدى ساعات الليل الطويل. وتحول الحزن إلى فرح لم يسبق له مثيل. وتراخت الأعصاب لتبدأ نشاطاً مكثفاً يمتد لفترة معينة من الزمن لتعود طبول النشوة تعزف الحانها الشجية من جديد على وقع التنهدات المنبثقة من أعماق النفس البشرية التي لا تعرف السكون والهدوء وكان ذلك العرس الكبير.
تمت…..