23 ديسمبر، 2024 7:40 ص

العذاب الأخروي في القرآن 3/38

العذاب الأخروي في القرآن 3/38

الخلاصة
عندما نتأمل التصورين، تصور القرآن، وتصور علي، أو لنقل تصور مؤلف دعاء كميل، عن جهنم، فكأني بعلي – مع فرض أنه هو المؤلف للدعاء حقا – يفهم رحمة الله بأنها من الناحية العقلية يجب أن تلغي جهنم نهائيا، فتجعل نارها بردا وسلاما، ولا تجعلها لأي أحد مَقرا ولا مُقاما، ولكن كون الله – كنت أقول مازحا – تورط فتوعد أن يملأها من الجِنّة والناس، وأن يخلد فيها الذين كفروا به، بل حتى الذين آمنوا به، لكن لم يؤمنوا بالإسلام ونبيه وكتابه وأحكامه، وأصروا على كفرهم، ولولا أنه (تورط؟) – تعالى عن ذلك علوا كبيرا – لعمل بما ذهب إليه عليّ من فهم فلسفي وليس وفق الفهم القرآني لرحمة الله، الذي هو أقرب إلى فهم لاهوت التنزيه الذي أعتمده منه إلى لاهوت الإسلام، أو عموم اللاهوت الديني.

وأنا أستعيد تلك الأفكار التي كانت تراودني أثناء عملية التأليف لكتابي هذا، وجدت أن أقوم بجولة في آيات العذاب الإلهي حسب التصور القرآني، فهو عذاب ذلك الله الذي رسم صورته القرآن ومخيلة مؤلفه. فمررت على كل النصوص القرآنية التي ترد فيها المفردات أدناه، ولا أضمن أنه لم يفتني شيء منها:

نار
جهنم
جحيم
سعير
حميم
عذاب
عقاب
ذلك في أكثر من 630 آية، استخلصت منها (مَن) يا ترى الذين يستحقون حسب القرآن كل ذلك العذاب، هذا من جهة، ومن جهة أخرى استخلصت طبيعة وطرق وأوصاف العذابات الأخروية حسب القرآن. أما بالنسبة لمن يتوعدهم القرآن بالعذاب، فمنهم قد يستحق فعلا ثمة عقابا، ولكن بكل تأكيد ليس حسب التصوير القرآني، ومنهم من لا يستحق العقاب أصلا، وهذا ما بينته في أكثر من موقع من هذا الكتاب وما قبله، بكون دعوى عقاب الله على العقيدة التي لا اختيار للإنسان غالبا فيها، إنما ذلك مما يتعارض بكل تأكيد حتى مع العدل الإنساني النسبي، ناهيك عن تعارضه مع العدل المطلق لله. وفي الحقيقة تحتاج القضية دراسة أكثر استفاضة، مما فعلت، من أجل الخروج بنظرية قرآنية للعذاب الأخروي، بتقسيم المجموعات المتوعَّدة بالعذاب، ونوع العذاب لكل منها، قسوته، مداه، خلوده، أبديته، ربما أقوم بها قبل دفع الكتاب للنشر، أو في كتاب لاحق.