في تاريخ البشرية الكثير من الأساطير والقصص، منها ما هو حقيقي ومنها من نسج الخيال، المُهم إن هذهِ القصص والأساطير تحمل في طياتها وما بين سطورها الدروس البليغة والعِبر ومنها هذهِ الأسطورة.
يُحكى إن هُناك أسطورة قديمة مُلخصها إن مملكة سادها الفساد والفوضى والسلب والنهب والقتل، وقد استفحلتْ هذهِ الظواهر إلى درجة كبيرة وفشلتْ كُل المحاولات والإجراءات للحد منها التي أقلقتْ(الملك) مما حدا بهِ ان يجمع حاشيته ووزراءه ومُستشاريه لمُناقشة هذهِ المشاكل والخروج بصيغ وإجراءات من شأنها أن تقضي على هذهِ (الفوضى) ولكي يسود القانون. استمع الملك إلى مُقترحات الجميع وكانتْ جميعها أي المقُترحات سبق أن طُرحتْ.. وبعد لحظات رفع أحد الحاضرين يده طالباً الإذن من الملك، فإذن الملك لهُ وكان المُقترح أن يعين الملك(مجلس قضاء) في مركز المدينة ويكون دوامه على مدار الساعة ليلاً ونهاراً، وبقرب هذا المجلس(المحكمة) ينصب عمود طويل يُعلِق في أعلاه(ناقوس) كبير يرتبط به حبل، والذي يشكو من مظلمة يأتي ويُحرك الحبل فيُقرع الناقوس فينزل القُضاة على الفور للاستماع إلى شكوى المُتظلم، شريطة أن يكون التحقيق فورياً وكذلك الحُكم وأمام الناس وفي(قلب) المملكة.. كان هذا هو المُقترح. استمع إليه الملك وكذلك الحاضرون من الوزراء والمستشارين، فأقر الملك أن يعتمد هذا المُقترح على الفور وأن يُنفَذ. انتشر الخبر في جميع أنحاء المملكة وعلم الناس بهذا الإجراء وتناقلوه فيما بينهم وبدأوا يترقبون ويهمسون في ما الذي سيجري.
وفي اليوم التالي نُصِب العمود وعُلِقَ الناقوس وجلس(القضاة) في مقرهم الجديد للاستماع إلى مظالم الناس وشكواهم، فقُرِعَ الناقوس كثيراً ونظر القُضاة في المظالم وحكموا (بالعدل) وعلى الفور وأمام الناس وحسب قوانين المملكة. وفي اليوم الثاني(قلّت) أصوات الناقوس! وهكذا.. كُل يوم يمر تتناقص (مظالم الناس).. ومرتْ الأيام وساد الأمن والأمان لان الناس(ارتدعوا) بعد أن شاهدوا بأُم أعينهم تلك الإجراءات والأحكام الفورية والعادلة. وبمرور الأيام نسي الناس(الناقوس) فلم يسمعوا (قرعه) المدوي.
وفي ليلة شتائية باردة حيث الناس ينعمون بالدفء والأمان قُرِعَ الناقوس وبشكل مُدوّي أهتزتْ لهُ المدينة، فخرج الناس مذعورين لمعرفة الموضوع، وكذلك(الملك) انتفض هو الآخر وأرسل أحد حُراسه لمعرفة الموضوع.. ولما وصلوا إلى مكان الناقوس لم يجدوا أحداُ قُرب الناقوس بل وجدوا حِصاناً هرماً مُتعباً!! ضحك الجميع وعاد كُلٍ إلى بيته لينعمَ بالدفء والأمان وبأحلام سعيدة في(عهدهم الجديد).
ولما وصل حارس الملك أخبر سيده عن ذلك(الحصان المسكين).. فتألم الملك وأمر أن يعرف قصة ذلك الحصان، وفعلاً نُفِذ أمر الملك. وبعد التحري والتقصي قدّم للملك تقرير بأن ذلك الحصان يعود إلى(فُلان بن فُلان) التاجر المعروف، وعندما هرم الحصان وأصبح عاجزاً لم تعدّ لهُ أية فائدة اطلق صاحبه(التاجر) عنانه إلى غير رجعة. تأمل الملك كثيراً في حكاية هذا(الحصان المسكين) المظلوم فأصدر اوامره إلى القُضاة أن ينظروا في (مظلمة) هذا الحصان. وبعد المُداولات والسؤال والجواب تم استدعاء التاجر صاحب الحصان وقصرّوه وألزموه أن يتحمل جميع مصاريف الحصان من أكل وشُرب ورعاية. وبهذا (تقول الأسطورة) ســــادتْ العدالة على الإنسان وعلى(الحصان)( أنتهتْ الحكاية).
أقول: إننا بأمس الحاجة إلى نواقيس تُعلّق.. لكي يسود القانون ويُحاسب الخارجون عن القانون وعلى الفور.حينها يشعر المواطن انه يعيش في ظل دولة القانون .قال تعالى(ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب)