يوم بعد آخر تمضي حكومة إقليم كردستان الخارجة عن القانون , قدما في تجاوزاتها على السيادة الوطنية والدستور العراقي والسياسات العامة للحكومة الاتحادية , وتتفنن باستفزاز مشاعر العراقيين , سواء كان ذلك من خلال التجاوزات الفعلية على السيادة الوطنية والدستور , أو من خلال التهديد بالانفصال عن الوطن العراقي , فها هي رئاسة حكومة الإقليم تهدد الشعب بإجراء استفتاء لتقرير مصير إقليم كردستان تحت إشراف دولي من أجل إعلان الاستقلال عن العراق , وكأنّ كردستان معنيّة بلوائح الأمم المتحدة وقراراتها الخاصة بحق الشعوب المستعمرة في تقرير مصيرها , وهم يعلمون جيدا أنّ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بحق الشعوب المستعمرة في تقريرمصيرها ,لا تشمل أكراد العراق و لم تأتي لتفتيت وحدة البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة وتهديد الأمن والسلم فيها , ويعلمون أيضا أنّ جميع قرارات مجلس الأمن الدوّلي الخاصة بالعراق قد أكدّت جميعا على وحدة التراب الوطني العراقي .
وفي ظل استمرار هذا التصعيد والتجاوزات على السيادة الوطنية والاستمرار بسرقة نفط الشعب العراقي , يطغي في الجانب العربي صمت وتخاذل لم يعهده الشعب العراقي وقواه الوطنية , فالأحزاب والقوى السياسية العربية غارقة في صراعاتها السياسية على السلطة في العراق , في وقت استغلت فيه القيادة الكردية هذا الصراع السياسي والطائفي ابشع وأقذر استغلال , من أجل المضي قدما في تنفيذ حلمها في الانفصال عن العراق , مستغلة جهل وحداثة بعض السياسيين الشيعة في العمل السياسي , وحقد وطائفية بعض السياسيين السنّة الذين جندّتهم القوى الإقليمية المعادية للحكومة في العراق .
والذي يثير التساؤل هذا الصمت والتخاذل المخجل لرافضي ولاية المالكي الثالثة على هذه التجاوزات الدراماتيكية الخطيرة على مستقبل واستقرار ووحدة البلد , فموضوع السيادة والأمن القومي وثروة البلد النفطية , أمور لا تعني جهة سياسية معيّنة , بل هي أمور معني بها كل الشعب العراقي بكل أطيافه ومكوّناته وقواه الوطنية , فثروة البلد من النفط والغاز ليست ملكا لرئيس الوزراء نوري المالكي أو لحزبه , ليقف الجميع صامتا ومتفرّجا ولا يحرك ساكنا على تجاوزات حكومة مسعود , بإنتاجها النفط من حقول الإقليم وتصديره وبيعه بعيدا عن إشراف وموافقة الحكومة الاتحادية في بغداد , فليس من المنطقي ولا من من المعقول أن ترفض حكومة الولايات المتحدة الأمريكية رسميا هذا التجاوز الخطير وتعلن في بيان لها رفضها القاطع لهذا التجاوز , والأحزاب الشيعية والسنيّة غارقة في صمت هو أقرب لصمت سكان القبور , وليس من المعقول أيضا أن تسري عدوى هذا الصمت المخجل لتشمل وسائل الإعلام والفضائيات وأصحاب القلم من الكتّاب والكاتبات على هذا التجاوز الخطير , وللأسف الشديد أنّ بعض هذه الأقلام المحسوبة قسرا على الوطنية , لا ترى من الوطنية شئ , سوى اختلاق الأكاذيب وترويجها على العامة بحجة مصلحة العراق , وكأنّ كردستان ليس جزءا من العراق .
إنّ تجاوزات حكومة مسعود الخارجة عن القانون , فاقت كل التصورات وتجاوزت كل الحدود المسموح بها , وأصبحت تتصرف بعدائية سافرة , مع العلم أنّ مسعود ينعم هو وأسرته المتسلطة على رقاب الشعب الكردي بأموال وثروات الشعب العراقي , وهو يسرق نفطهم ويتصرّف بعنجهية وعدائية بالضد من سياسات حكومتهم الاتحادية , وقد آن الأوان للعراقيين جميعا أن ينتبهوا ويسألوا أنفسهم سؤالا واحدا , ما المصلحة من وجود الأكراد في الحكومة الاتحادية في بغداد ؟ وهل بالمقابل وجود لمؤسسات الحكومة الاتحادية في إقليم مسعود المنفصل ؟ وهل يساهم الإقليم بشئ في موازنة البلد العامة كما تساهم محافظة البصرة أو العمارة ؟ لماذا يدفع االعراقيون أموالهم لحكومة لا ترتبط بالمركز بشئ عدا الابتزاز والنهب لأموال العراقيين ؟ .
أخيرا اتوجه لكل من يحمل ضميرا حيّا لا زال مفعما بحب العراق , أن يعلن استنكاره ورفضه لما تقوم به حكومة مسعود من تجاوزات على السيادة الوطنية والدستور العراقي , واتوجه بشكل خاص لأصحاب القرار السياسي ورجال الفكر والراي أن يخرجوا من صمتهم وينزعوا ثوب الذّلة والتخاذل ويكونوا صفا واحدا بوجه كل من يريد السوء لهذا البلد .