4 نوفمبر، 2024 11:52 م
Search
Close this search box.

العثمانيون والمذابح الدموية بحق المسيحيين

العثمانيون والمذابح الدموية بحق المسيحيين

في 24/ نيسان من كل عام تصادف الذكرى السنوية لمذابح الارمن، ومذابح سيفو للمكون الكلداني السرياني الاشوري، تلك المجزرة التي نفذت من قبل الحكومة العثمانية التي اختارت لغة الدم والحقد والعنصرية في التعامل مع الاقليات، لتكون اول جريمة ابادة جماعية عرقية في القرن العشرين، شارك فيها الجندرمة والعصابات ومجاميع كبيرة من الشعب العثماني الدموي في عام 1909 ولغاية 1918 مما ادى الى أنهاء حياة ما يقارب من “مليون ونصف الى مليونين” بريء منهم نساء واطفال وشيوخ وشباب.

قبل مائة عام اصدر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني قرارا ً بإبادة شعب اصيل له تاريخه من اتباع الديانة المسيحية في الإمبراطورية العثمانية ” تركيا حاليا ً ” بحجة مطالبة الارمن بالانفصال عن الامبراطورية، ونفذ الامر عدد من القيادات الفاشية العاملة في البلاط العثماني، ويأتي في مقدمتهم (المجرم طلعت باشا وزير الداخلية، والمجرم انور باشا) وبدعم فيما بعد من حزب الاتحاد والترقي، وكان القرار اشارة كافية لهدر الدم، وبدأت عمليات القتل وبطرق مختلفة منها .. الذبح، والرمي بالرصاص، والشنق، والرمي من الاماكن المرتفعة، وفي الانهر، ودفنهم احياء، وعمليات الحرق، والتمثيل بجثث القتلى، والسحل لحد الموت، والاعتداء على الكنائس ومن ثم تحويلها الى جوامع، وسلب وتدمير ومصادرة الممتلكات، وسبي واغتصاب النساء والفتيات وتشويههم وقتلهم فيما بعد، وقد تمت كل هذه المجازر الوحشية بيد عناصر النظام العثماني المستبد، وبمشاركة عامة الشعب التواق لإبادة من لم يكن مسلما ً، وجميع هذه الجرائم حدثت في مدن ” ساسون – ماردين – وان – جزيرة بوتان – نصيبين – طور عابدين – هكاري – ارض روم – ديار بكر – اسطنبول – اضنه – اديمان، ومئات القرى الاخرى.

وعندما كانت عمليات القتل الجماعي مستمرة في العديد من المناطق قامت الحكومة العثمانية بعمل غادر ليس له مثيل اذ اوعزت الى تشكيل لجنة ثلاثية، تكون ابرز اعمالها اطلاق سراح اعتى المجرمين من السجون العثمانية، مقابل مشاركتهم في عمليات القتل والاعتداء على النساء وتصفيتهم نهائياً !!، فتم توزيعهم على شكل مجاميع في الطرق التي سوف يسلكها النازحون من الارمن وبقية الشعب المسيحي، فتم اجبار

الضحايا على الخروج من الاراضي التركية، وكانت قوافلهم تتجه نحو سوريا وروسيا وايران واليونان والعراق .. فوقعوا بيد هؤلاء المجرمين ليمارسوا معهم ابشع الاساليب الوحشية، فمن وقع في ايدهم يقتل، ومن نجا وصل الى دول الجوار، او مات من العطش او الجوع او البرد في الجبال والوديان .. ثم قامت الحكومة بفعل شنيع آخر عندما بدأت بتأجير القصابين وبسعر ليرة عثمانية واحدة يوميا ً مقابل قيامهم بذح ابناء الشعب الارمني !! فأصبحت الجثث كالتلال في تلك المناطق .. كما طلبوا من الجنود الارمن الذين كانوا يخدمون في الجيش العثماني بحفر قبورهم قبل قتلهم !! بعدها تم سلب ممتلكات هذا الشعب من بيوتهم ومحلات عملهم، وجمعها ومن ثم بيعها بابخس الاثمان.

والغريب ما يجري اليوم على الساحة الدولية حيث ترفض الدولة التركية بشدة الاعتراف لغاية الان بتلك المذابح وبالإبادة الجماعية التي وقعت، وتنكر الحقائق، بل هي تلعب على وتر من ان هناك كانت اضطرابات وحرب اهلية، رافقتها مجاعة، وان عدد القتلى مبالغ فيه وجرى تضخيمه، وتعترض بكل قوة على كل دولة تعترف بهذه الابادة.

مائة عام من الانتهاكات والتجاوزات، والدم يسيل والعالم يشاهد والشرعية الدولية عاجزة عن ان تتخذ القرارات التي تنصف الشعوب الاصيلة في بلدانها وتحميها من دعاة الكراهية والحقد ، والسؤال المحير هو لماذا السكوت من قبل مجلس الامن الدولي حامي الشرعية الدولية في العالم على عدم معاقبة من قام او يقوم بعمليات الإبادة والجرائم ضد الإنسانية ؟.

واخيرا ً نجح الناشطون من ابناء الشعب الارمني في المحافل والهيئات الدولية من الحصول على قرار من كافة القوى السياسية في البرلمان الأوروبي على ( اعتبار يوم 24 من نيسان يوم لذكرى الإبادة الأرمنية ) ويدعو تركيا لتتصالح مع ماضيها وتعترف بالإبادة الأرمنية، وتشرع في المصالحة الحقيقية، وهذا القرار وهو تأكيد للقرار الذي اتخذ في عام 1987 والذي يعترف بالأحداث التي جرت بحق الأرمن بين عامي 1915- 1918 على أنها إبادة وفق تعبير القانون الدولي، وبعد صدور القرار خرج احفاد سفر بلك بتظاهرة امام الاتحاد الاوربي في بروكسل احتجاجا ً على القرار، والاخطر كلام سفير تركيا لدى الاتحاد الاوربي يقول فيه ” ان البرلمان الاوروبي

يرتكب مرة جديدة خطأ تاريخيا ً مهينا ً لتركيا وشعبها، وهذا امر غير مقبول لأنه احادي الجانب اتخذ دون استشارة او حوار فلا قيمة قانونية للقرار، ولا أهمية له بالنسبة لتركيا ” .. فماذا سيقول المتابعون؟ هل الاتحاد الاوربي شيء ثانوي، وقراراته غير ملزمة؟ اذن لماذا تم تأسيسه؟ ولماذا تحاول تركيا وبكل السبل الانضمام له وهي تقول لا قيمة قانونية للقرار، فماذا عن القرارات الاخرى؟.

ومن الدول التي اعترفت بهذه المذابح قبل صدور القرار الاخير كانت:

” ايطاليا – فرنسا – المانيا – بلجيكا – سويسرا – هولندا – كندا – السويد – الارجنتين – فنزويلا – تشيلي – لبنان – اورغواي – اليونان – ليتوانيا – سلوفاكيا – بوليفيا – بولندا – روسيا – القبرص – والفاتيكان”.

وبعد مائة عام لا يزال المسيحيون مضطهدين في بلدانهم الشرق اوسطية، والمجتمع الدولي موقفه هزيل وضعيف، وان ما قام به العثمانيون قبل قرن من الزمان ضد الشعب المسيحي، اليوم تقوم به عناصر داعش الضالة دعاة الخلافة لتكريس الحقد، وتنفيذ مشروع عنصري وطائفي، وهي مشابهة من حيث السلوك والتنفيذ، لتلك الجرائم التي يعاقب عليها القانون الدولي لكونها من جرائم الابادة الجماعية، والجرائم ضد الانسانية، حيث يتخذون من نهج مجموعة منحرفة السلوك العفن مثل ” ابن تيمية، ابن القيم، محمد عبد الوهاب، ابن باز” لتحطيم القيم الانسانية والحضارية، من خلال افساد عقول الشباب لزرع الرعب في صفوف المؤمنين العراقيين من اتباع الديانات والمذاهب الاخرى في مدينة الموصل، وبلدات سهل نينوى.

[email protected]

أحدث المقالات