يواجه نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، أوضاعا صعبة وبالغة التعقيد على أثر الانسحاب الامريکي من الاتفاق النووي وسريان الحزمة الاولى من العقوبات الامريکية عليه، خصوصا وإنه يواجه رفضا شعبيا متصاعدا منذ إنتفاضة 28 کانون الاول 2017، حيث وصل سقف المطالبات الشعبية الى حد الدعوة لإسقاطه، وإن هذا النظام الذي مر بظروف وأوضاع صعبة متباينة خلال الاربعين عاما الماضية وکان ماهرا في الخروج منها سالما، يجد نفسه عاجزا عن مواجهة الاوضاع الحالية ولاسيما من حيث إخماد الاحتجاجات الشعبية من جانب، وإيجاد ولو حلول سطحية لمشاکله وأزماته العميقة التي تعصف به.
العقوبات الامريکية وقبل سريانها أدت الى هبوط تأريخي للعملة الايرانية بحيث أدت بالنظام أن يبادر الى إتخاذ مواقف قاسية تذکرنا بتلك التي کان قد إتخذها النظام العراقي السابق حيال التجار العراقيين في خضم أزماته المالية المستعصية، وإن إيحاء المرشد الاعلى الايراني الى إمکانية الاقدام على إعدام من سماهم بالفاسدين، وتأکيده بأنه لن يفاوض ولايحارب أمريکا في نفس الوقت، دليل على عجز هذا النظام وتخبطه ووصوله الى درجة لايعرف کيف يتصرف فيها.
لجوء النظام الايراني للتصعيد بإتجاه رفع مستوى الممارسات القمعية في الداخل والتعويل على أذرعه في بلدان المنطقة وخصوصا في العراق من أجل التخفيف عنه، لايمکن أن يکون مفيدا هذه المرة وإن ماکان مفيدا ونافعا خلال عهد أوباما مثلا، لايمکن أبدا أن ينجح في ظل إدارة ترامب التي تراقب الاوضاع عن کثب، إذ بالاضافة الى متابعتها للأوضاع الداخلية في إيران وإعلانها عن دعمها وتإييدها الکاملين للإحتجاجات الشعبية الايرانية، فإنها تراقب وبصورة ملفتة للنظر أية محاولة من جانب بلدان المنطقة وبشکل خاص من جانب الحکومة العراقية من أجل خرق العقوبات الامريکية والالتفاف عليها، وهذه الحقيقة صارت معروفة في بغداد وليس في وسع الحکومة العراقية تجاهلها وغض النظر عنها لأنها ستواجه عواقب ذلك بأن تشملها عقوبات أمريکية هي في الاساس في غنى کامل عنها.
في خضم کل هذا، فإن تصاعد نبرة التصريحات العنترية في طهران والقيام بتجربة إطلاق صاروخ أثبت الامريکيون من إنه لم يصب الهدف، دليل على ضعف الموقف الايراني، فالشعب الايراني بحاجة لإجراءات عملية بإمکانها أن تخدمه وتحسن وتطور من أوضاعه المعيشية وهو لايستفاد من تصريحات عنترية فارغة يعلم العالم کله بکذبها وخوائها کما إنه لايجد أية مصلحة له من وراء إجراء تجارب صاروخية تعقد الامور أکثر.