23 ديسمبر، 2024 5:46 ص

العبادي يقود انقلاباً عسكرياً

العبادي يقود انقلاباً عسكرياً

القرار الأخير الذي اصدره رئيس الوزراء والقاؤد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي باعفاء عدد من ضباط وقادة الفرق والألوية في وزارة الدفاع وإحالة عدد منهم الى التقاعد تعد خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح نحو تصفية المؤسسة العسكرية والتي تفشى فيها الفساد الاداري والمالي بصورة كبيرة جداً حتى وصل الحال الى بيع المناصب والرتب العسكرية بالالاف الدولارات في حكومة المالكي ، بل الأكثر من ذلك الاختلاس الكبير والسرقات الواضحة في الصفقات التجارية والتي نالت كبار قادة الوزارة والقائد العام للقوات المسلحة آنذاك ، وهذا ما يعد مؤشراً خطيراً في تفشي ظاهرة الفساد في مفاصل الدولة حتى وصل الى اخطر موسسة الا وهي المؤسسة العسكرية والتي هي مسؤولة عن حماية أمن وحياة المواطنين ، وهذا ما شاهدناه من فساد كبير وخطير في سقوط ثلاث محافظات بيد الارهاب الداعشي ، وانسحاب قادة الفرق التي كانت ترابط في الموصل ، وسيطر الدواعش على مدينة الموصل ،والسيطرة على معسكرات الجيش العراقي   وسرقة ما يقدر ٢١ مليار دولار من أسلحة ودبابات ومدرعات وأسلحة ثقيلة ومتوسطة الخ .
هذه الإجراءات التي قام بها السيد العبادي من اقالة كبار قادة الجيش ، وإجراء عدد من التغيرات في مفاصل المؤسسة العسكرية وتعيين آخرين بدلا عنهم تعد خطوة مهمة جداً في طريق تصحيح المسارات الخاطئة ، وإصلاح واقع هذه المؤسسة ومحاربة الفساد التي تفشى ونخر مفاصلها الحيوية  ، اذ لاشك ان هذه الخطوات والتغييرات في مفاصل هذه المؤسسة  يساهم كثيراً في تغيير المعادلة على الارض في محاربة الارهاب الداعشي و تطويقه تمهيدا لطرده خارج البلاد ، والسعي نحو تهدئة الأوضاع الأمنية  في البلاد. عموما ،والذي ينعكس بالإيجاب  على المفاصل الاخرى المهمة في الدولة العراقية سواء في الاقتصاد او الجانب السياسي  ك ونجاح مفهوم الديمقراطية المتلكئ في النظام السياسي الجديد في البلاد .
الى جانب هذه الخطوات والتي تعد مهمة ، من الضروري جداً  اعادة النظر في مجمل الخطط العسكرية والأمنية ، لتطويق خطر “الارهابعثي” وتحرير المناطق التي سقطت بايديهم ، وإعادة النازحين الى مدنهم وقراهم ومنازلهم .
كما يجب ان لا ننسى الجهود الكبيرة والموقف المشرف لرجال الحشد الشعبي الذين هبوا ببسالة تلبية لنداء المرجعية الدينية العليا ، في الدفاع عن المقدسات والمدن التي دخلها إرهابيو داعش الذين عاثوا خراباً وفساداً فيها ، من خلال وضع اليات قانونية صحيح تضمن انخراطهم في صفوف الجيش العراقي ، لأن هولاء هم نواة الجيش العراقي المستقبلي الذين اثبتوا جدارة وهمة عالية في دفع خطر الدواعش في اكثر من جبهة من جرف الصخر الى آمرلي وآخرها بيجي التي تم تحريرها مؤخراً.
 ان إجراءات السيد العبادي الاخيرة والمتعلقة بإلغاء مكتب القائد العام، وإحالة قادة عسكريين يعتقد بأنهم وراء “نكبة” العاشر من حزيران الى  التقاعد بانها تأتي على خلفية وجود “ولاءات” لضباط في ذلك المكتب الى المالكي ، وفشل المكتب في إدارة ملف الأمن خلال السنوات الماضية، كما يخشى ان تكون إحالة كبار الضباط الى التقاعد، بداية لتهريبهم خارج العراق، وطمس حقائق ماجرى في الموصل وتكريت ، وضياع اي خيوط في ملاحقة الفاسدين الذين كانوا السبب المباشر في سقوط هذه المدن ، كما انه يهدف الى تعزيز عمل المؤسسة العسكرية على أسس مهنية ومحاربة الفساد بمختلف أشكاله” لعل السؤال الذي يطرح نفسه الان هو: الى أي مدى سيؤثر هذا القرار على مستوى أداء القوات الامنية في الميدان؟ لاسيما تلك المتخصصة في مجال مكافحة الارهاب، والتنظيمات الإرهابية (داعش) التي تحاول خلق توازن عسكري على الارض من خلال فتح جبهات والانسحاب من اخرى ، خصوصا ان تنظيم “داعش” يعاني حاليا من التفكك وعدم الثقة لاسيما بعد مصرع عدد من كبار قادته، ومجهولية مصير آخرين، نتيجة الغارات الجوية التي يشنها طيران الجيش العراقي بالتعاون مع طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، فضلا عن إنضمام العشائر الى القوات الامنية العراقية في القتال ضد هذا التنظيم الذي باتت نهايته قريبة في العراق .