ان عملية الإصلاح هي عملية تغيير تدريجي تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية ، وحتى الامنيةفي الدولة عموماً،وتكون خاضعة لضوابط وأسس قانونية ، وتسير بشفافية وسلمية عالية بعيداً عن التصادم والعنف ، وتاتي استجابة لمطالب الجماهير المنادية بالإصلاح ، وان طرح مفهوم الاصلاح هو اعتراف واضح بوجود تقصير في بنية الحكومة منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الان ، وتقصير في الأداء من قبل الحكومات المتعاقبة على حكم البلاد ، كما انه خضوع واعتراف لدور المرجعية في توجيه المتصدين للعمل السياسي والحكومي ، وأعتراف بقدرة الجماهير على قول كلمتها وقدرتها على التغيير ، وبما يحقق ضمان أمن واستقرار البلاد .ان المطالبة بالاصلاحات ليست بجديدة من قبل المواطن العراقي ، اذان الشارع كان مصراً في مطالبه ، خصوصاً وان الجميع يعلم حجم الفساد المستشري في موسسات الدولة ، والسرقة والنهب للمال العام من قبل المتنفذين ، والمحصنين بأحزابهم وكياناتهم السياسية . ان عملية الاصلاح التي أعلن عنها السيد العبادي ، واجهت الكثير من العقبات ، خصوصاً مع عملية التوافق السياسي والتي بنيت العملية السياسية عليها ، وهي اساس تشكيل الحكومات المتعاقبة ، هذه الإصلاحات التي أعلن عنها منذ شهر آب الماضي ، والتي صوت عليها مجلس النواب بالإجماع ، فَلَو راجعنا تلك الإصلاحات والتي شملت محاور عدة والتي منها الاداري والمالي ، وتقليص شامل للامتيازات كافة للرئاسات الثلاث ، والغاء مناصب نواب الرئاستين الجمهورية والوزراء ، وغيرها من مناصب في السلطتين التنفيذية والتشريعية ، وغيرها من مناصب غير ملامسة للواقع ولمفهوم الاصلاح ، خصوصاً مع بقاء المواقع وبقاء الامتيازات لنواب الرئيس ، وما يلغى يعاد بطريقة اخرى ، فلا نعلم ما هي الإصلاحات وما زال نواب الرئيس يشغلون القصور في المنطقة الخضراء ، ويحصلون على نفس الامتيازات . ان الحديث عن الإصلاحات في البلاد حديث ذو شجون ، وان عملية تحقيق الإصلاحات بات مستحيلاً ، بعد مرور اكثر من اثني عشر عاماً من الفوضى السياسية والأمنية ، وسيطرة داعش على عدة مدن عراقية ، وانهيار اقتصادي واضح يأتي بالاتساق مع الانخفاض الملفت لاسعار النفط ، وتفشي الفساد ، الامر الذي يجعل عملية الاصلاح تكون تنظير دون تطبيق .لقد بات من الواضح لاي متابع ، يرى ان الإصلاحات التي يقوم بها السيد رئيس الوزراء لم تصل لحد الان الى جوهر عملية الاصلاح ، وان ما يقوم به من إجراءات ما هي الا عملية ترقيع لا اكثر ، ثم ان عملية تغييرالوزراء لا تمثل الاصلاح الجوهري بقدر ما هي عملية ترقيعية للمواقع دون تغيير الاليات والسياسات ، والتي تنظر للواقع نظرة انتقائية ، فلم نرى اي اصلاحات تغيير بنود الدستور المختلف عليه بين الكيانات ، او القوانين الصدامية والتي مازالت فاعلة ونافذة المفعول ، او لم يقم السيد العبادي بعزل محافظ او رئيس مجلس محافظة على خلفية ملفات الفساد ، والتي ينبغي ان تكون ضمن الإصلاحات والتي أعلن عن عزمه القيام بها ، كما هي مطالب جماهيرية ، وان عملية تقليص الوزرات فهي ليست الا عملية دمج دون الالغاء ، وبقاء الموظفين والبناية قيد التشغيل وبنفس الصلاحيات . ان الإصلاحات التي قامت بها الحكومة لحد الان ما هي الا ذَر الرماد في العيون ، كما انها محاولة لجر البساط من تحت اقدام الكيانات السياسية ، والقيام بإصلاحات تتفق وروية السيد العبادي وحده ، وتنفذ اجندته الحزبية ، دون ان يكون لباقي الأحزاب اي دور او وجهة نظر ، بدليل ان التظاهرات الصدرية شعرت ان الإصلاحات ما هي الا توجيه الرأي العام الى دعم العبادي في اجراء الإصلاحات ، دون ان تلامس شخص السيد العبادي ، والذي ينتمي لحزب سياسية ، فأين التكنوقراط في شخص رئيس الوزراء ؟!!كما ان عملية الاصلاح لن تخرج من دائرةالتوافقات السياسية ، فهذا موقف الكرد والذي كان واضحاً ، في ان اي عملية إصلاح وتغيير يجب ان تخضع للتوافق السياسي ، ناهيك عن الموقف السني والذي جاء متسقاً مه مطالب بعض اعضاء التحالف الوطني والذي طالبوا ان تكون عملية الاصلاح شاملة ، وان تخضع لآليات ورؤية واضحة، وغلق ملف للهيئات المستقلة والتي تدار بالوكالة منذ اثني عشر عاماً ، الامر الذي جعل العراق يكون في مقدمة الدول الفاسدة إدارياً ومالياً . عملية الاصلاح ينبغي لها ان تشمل المظاهر السياسية ، وتصفيةالمظاهر الطائفية ، وإخراج البلاد من حالة التشرذم والانقسام ، وان تشمل الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وإعادة بناء الدولة على اسس علمية ومهنية صحيحة وتفعيل دور السلطة التشريعية والرقابية ، والسعي الى توحيد الجهود والخطاب السياسي ، في محاربة العدو المباشر “داعش” وانهاء وجوده في البلاد ، وان تكون السياسية بقدر نهضة الجماهير لنداء “الجهاد الكفائي” ، وان تكون هناك نهضة سياسية واقتصادية على الفساد المستشري في موسسات الدولة كافة ، والسعي الى بناء دولة المؤسسات لا دولة الحزب الواحد والشخص الواحد .