لا يمكن النظر الى الأحداث الكبرى، بمعزل عن أسبابها ومسبباتها، ولا يمكن عزلها حتى عن المؤثرات الثانوية، وحدث كبير بحجم ما جرى في 30/4/2016، حينما تم أقتحام مجلس النواب العراقي، بالطريقة التي كشفت هشاشة العملية السياسية العراقية برمتها، يحتاج الى قراءة الخلفية والحدث ذاته، والآتي من ما يعقبه من أحداث.بدءا؛ لم تكن لدينا أزمة سياسية، وكانت الأمور تسير بشكل طبيعي، وكان يجب أن يتم المحافظة على ذلك التسيير، خصوصا ونحن نعيش واقعا صعبا، يتمثل بمعركتنا مع الإرهاب الداعشي، الذي يحتل أجزاءا واسعة من أرضنا العزيزة، وبالمشكل المالي الناتج عن هبوط أسعار النفط بشكل كبير.تظاهرات ما يسمى بالمجتمع المدني، ومعهم حلف البعثيين والشيوعيين، كانت هي البداية؛ وهي بداية برعاية مكشوفة، من سفارات غربية معروفة، وبدعم عربي؛ هو ذاته الذي دعم تحركات جماعات مشابهة، في بلدان عربية أخرى، باتت أنقاضا الآن!لأكثر من عام؛ كانت التظاهرات تراوح في مكانها، لكنها وبمرور الوقت تلقت دعما من الحكومة، وتحولت شيئا فشيئا؛ ونتيجة لهذا الدعم والقبول الحكومي، الى هراوة بيد الحكومة ورئيسها، للضغط على القوى السياسية، وللتخلص من من آثار ظرف تكليف السيد العبادي برئاسة الحكومة، وهي آثار ترتب عليها شيء كثير، إن على الصعيد علاقة السيد العبادي بحزبه، أو على الصعيد الوطني بعدما بدت الصورة، وكأن منصب رئيس الوزراء مُنح للسيد العبادي، بإرادة قادة كتل سياسية بعينها..وتتذكرون ليلة الهرير! صحيح أن لدينا مشكلات كبرى، بعضها يرتبط في أسس العملية السياسية ذاتها، وبعضها الآخر يرتبط بقلة الخبرة السياسية، وأخرى متعلقة بالفساد المالي والإداري والسياسي، ورابعة متعلقة بالمحاصصة السياسية، وكان يتعين معالجتها من الأسفل، بتشريعات قانونية، وببناء أداري سليم، وبضرب الفساد، مع المحافظة على وتيرة القتال ضد داعش ومن وراءه!السيد رئيس الوزراء لم يسلك هذا المسلك، وظن أن المشكلة بالوزراء، معتنقا في ذلك أطروحة المتظاهرين ومن ظاهرهم، لا سيما أن وراء دعم التظاهرات؛ إرادة سفاراتية ـ إن صح إستخدام هذا المصطلح، بالتخلص من القوى السياسية الإسلامية، ومن الحشد الشعبي، الذي قلب موازين السفارات إياها رأسا على عقب، حينما غير المعادلة خلافا لإراداتها.ليس صدفة أن الحشد الشعبي قد تشكل بالكامل، من أعضاء وأنصار القوى السياسية الإسلامية، وأن ليس بين مقاتليه “فرد” واحد، ينتمي الى ما يسمى بالمجتمع المدني، أو الى الشيوعيين واليساريين، ومخطيء من يعتقد أن الذين كانوا يرددون”ايران بره بره”، والذين ردحوا ضد اللواء قاسم سليماني، مستشار الحشد الشعبي العراقي، كانوا يشتمون أيران ذاتها، بل كانوا يريدون إخراج القوى السياسية الإسلامية، من المعادلة السياسية العراقية، وكانوا يهتفون بالحقيقة ضد الحشد الشعبي، وضد من أفتى بتشكيله.. في صدد عملية الإصلاح، فإن إبدوعة التكنوقراط التي جاء بها السيد العبادي، كانت هي بوابة الأزمة، وهي كلمة حق أُريد بها باطلا، والذين أقتحموا البرلمان وأهانوا السلطة التشريعية، دخلوا من تلك البوابة وليس غيرها!كلام قبل السلام: في الصورة يقف السيد العبادي إزاء أريكة بيضاء، منتشيا بإنتصاره على البرلمان!سلام…