مرّةٌ هي الحقيقة والأكثر مرارة تسويفها وعدم الأهتمام بها .
العراق مبتلى بقيادات لاتعرف سوى الفخفخة الكذابة ونهب ثروات البلد وبأي ثمن كان حتى لو بالتحريض على سفك دماء الناس أو التفريط بالأرض والعرض وهنا الحقيقة القاسية التي نتلمسها منذ اكثر من عشر سنوات !
الجهل والفوضى كان واضحاً لدى حكام العراق وعلى مايبدو ان هذه الصفات كانت متعمدة ليتحول العراق الى ماهو عليه الآن . الشعب العراقي عرف ولو بوقت متأخر أن احزاب السلطة في زمن الدم قراطية لاتعرف سوى مصالحها ومصالح الدول التي تربت ونشأت فيها . فرخرج الشعب عن بكرة ابيه معارضاً ومحتجاً لما حل به من ظلم وجور مطالباً بأصلاحات حقيقية تعيد النظر بالعملية السياسية التي اشاعت الخراب في البلد . وبالرغم من ان الأمل في الأصلاح كان ضعيفاً لكن الشعب ومعه مرجعياته ارادوا استثمال هذا الأمل الضعيف فواصلوا المطالب بألأصلاح وهم الآن يدخلون اسبوعهم السادس دون جدوى ودون أي شيء يذكر .
أتذكر ذات يوم من العام 2005 وكنت حينها أُدير ملف الأعلام في احدى الجامعات العراقية وكانت بدايات الديمقراطي التي حاول البعض توظيفها على انها فوضى . في ذلك اليوم خرج بعض الطلبة في تلك الجامعة متظاهرين داخل الحرم الجامعي يطالبون بما ليس للجامعة صلاحية في تقديمه عندما وصلت التظاهرة امام بوابة رئاسة الجامعة خرج مساعد رئيس الجامعة وكنت معه لسماع مطالبهم وهو اجراء حضاري ان تستمع لمطالب مجموعة تجرج عليك متظاهرة . حاولنا انا والسيد المساعد ان نستمع لما يريدون ونقل طلباتهم الى رئاسة الجامعة وقلت لهم ان مساعد رئيس الجامعة يستمع لمطالبكم وسيتحدث اليكم وكان في ذلك الوقت الأستاذ المساعد الدكتور هاشم العلاق وهو شخصية اكاديمية مرموقة ويحمل اخلاق عالية جدا . وعندما تحدث وقبل ان يكمل جملته الأولى قاطعه احد الطلاب بالقول وباللهجة الدارجة ( أكلك انت طالعنا من التبريد وخدودك حمر احنا مانريد واحد يضربنا مورفين ) !! على الفور شعرت بغضب كبير كيف لطالب ان يتحدث من أستاذ وتدريسي بهاذا الشكل فلم اتمالك نفسي فقلت له ( أسمع . الذي يتحدث معك مساعد رئيس الجامعة ومن المعيب عليك ان تتحدث معه بهذا الأسلوب غير اللآئق ) وأذا بشخص ملتحي من بين الطلاب يقول ( يعني احنا ال — واشار الى الجهة الحزبية التي ينتمي لها . يعني احنا غير مؤدبين ؟ قلت له فسرها بطريقتك وانا على استعداد للذهاب الى مرجعك لكي استفتيه وأسأله أِن كان يقبل ان تتجاوز على من علمك حرفاً . سكت لكن مشكلة كبيرة حدثت معي وتهديدات أنتهت بأن اقدم لهم اعتذار ولم اقدم الأعتذار . أقول هذه الديمقراطية التي حاول البعض تسويقها على انها فوضى وقتل ونهب .
لكننا اليوم ومع الأسبوع السادس للتظاهرات المطالبة بالأصلاح نقول للعبادي لانريد من يعطينا المورفين والمخدر فأنت فاشل وضعيف ولاتستطيع تقديم أي شيء سوى ظلم الناس والتعتيم على جرائم ارتكبت في الحكومات السابقة . ولنا فيما نقول اسباب ومبررات …
منذ بداية تشكيل حكومة العبادي كان عليه ان يبحث عن حلول لمشكل صنعها وتعمد صنعها ذات الحزب الذي ينتمي البه وكان يمكن له أَن ينقذ حزبه والأحزاب المتحالفة معه في الخراب والتدمير ! لكنه كان غير مكترث لمآسي الناس لينتهج ذات السياسة التي انتهجها سلفه في اهمال الناس والأنشغال بما يسمى بالتحالف الوطني والحصص والطائفية ورؤساء الكتل فأزدادت المآسي للشعب ليطفح الكيل أمام شباب يضحي ويموت من اجل ان يبقى ساسة مخربون لايعرفون سوى الأمتيازات والتصريحات الموتورة .
بعد اكثر من ستة اسابيع على الأحتجاجات الشعبية نجد أَن العبادي مثله مثل حنون الذي لم يزد في الأسلام خردلة ! فلا أصلاح ولا صلاح والبلد يزداد تدهور في كل مناحي الحياة . اليوم حديث الشباب في الشارع هو الهجرة ومايحصل عليه المهاجر من حقوق تحفظ له كرامته بعد أن فقد الأمل في البلد واليوم عمليات الخطف وصلت ذروتها أَن يذهب ضحيتها وكيل وزير العدل حين يتم اختطافه من وسط بغداد !
أي بلد أصبح العراق وأي حكومة تدير شؤون البلد ؟
العبادي اليوم يفقد فرصة عمره التي كان عليه استغلالها لينقذ حزبه والأحزاب التي معه لو أنه التزم بما طالبت منه المرجعية والشارع من اصلاحات حقيقية . ولكنه كان منحازاً لنصائح الشياطين ليراهن على صبر الناس محاولاً تسويف التظاهرات والأحتجاجا بينما الظلم والجور والجوع والقحط على حاله ويخرج علينا بين الحين والآخر بما يسميه حزم اصطلاحات على انها اصلاحات لاتسمن من جوع ولاتغني من فقر ,
اليوم العبادي يخسر الشارع ويخسر المرجعية ويخسر الدعم الدولي خاصة بعد ان فتحت الأبواب للمهاجرين وهي خطة ستكون قاصمة للحكومة خاصة وانها لن تفهم الواقع العراقي بعد ان انشغلت في المنطقة الخضراء وتحصيناتها . اليوم الشعب العراقي اصبح لايثق بالعبادي ولن يثق به بعد الآن لأنه كسلفه اصبح متمرس في التسويف والمماطلة ومن دون ان يدري فَوَّت عليه فرصة لأنقاذ اصحابه !
لو أنه بادر وحقق اصلاحات حقيقية لكان قد ربح الشعب لكنه اليوم في الوقت الضائع وبالنتيجة فهو فاقد للأهلية كحاكم وفق المصدر الرئيسي للسلطات وهو الشعب الذي يعيش بين مهاجر ونازح وجائع ومظطهد ومغيب ومعتقل . لن تحصل على اي تفويض بعد اليوم ايها العبادي مادمت تخاف مجلس النواب الذي شارك في قمع الناس وغمط حقوقهم وهو المجلس الذي يطالب الشعب بحله . فأنك استخففت بالعراقيين وتستمر بظلمهم والله بيننا نحن الشعب المظلوم والمغلوب على امره وبينك . وسينتصر الله عز وجل للشعب المظلوم . ولن تنفعك الأحزاب التي تتحالف معك فكان لها دورها في التخريب والنهب والسلب . لقد كنا لك ناصحين كتبنا وناشدنا وتوسلنا لكنك استخفيت بنا وحتى اليوم ولو انك التزمت بالشيء البسيط من نصائحنا لماوصل الحال الى مانحن عليه . البلد اليوم ياعبادي على كف عفريت ومن يقول لك عكس ذلك انما هو شيطان لايعرف الحقائق او انه يعرفها لكنه متمكن من التدليس والتسويف . البلد مفلس وهو يخوض حرب ضروس مع الأرهاب الذي صنعته سياساتكم . البلد مقسم ومنقسم عليكم لكن الشعب سيبقى يجاهد من اجل الخلاص ومعه كل المرجعيات الشريفة واحرار العالم وعقدة الطائفية التي زرعتموها ستذوب بين العراقيين عندما يشعرون ان قيادة وطنية ستذهب بهم الى بر الأمان …
لعن الله من خرب العراق وقتل ابنائه . ولعن الله من نهب ثروات البلد . ولعن الله من سخر اموال الشعب لأغراض مصالحه الحزبية القذرة – والله اكبر على كل ظالم