حسنا فعل القائد العام للقوات المسلحة السيد حيدر العبادي باصداره قرارا ديوانيا يقضي بفلترة المنظومة العسكرية وتبديل معظم القيادات الامنية في اول اجراء جذري كان الجميع ينتظره بفارغ الصبر لما يمثله هذا التغيير من امل بغد افضل في ضوء ما يعانيه الشعب العراقي ومدنه وقراه من استهداف مباشر من قبل المجاميع الارهابية المرتبطة بداعش وبالبعث الصدامي في ظل تقادم تلك القيادات الامنية الفاشلة والمتهرئة.
وليس هذا فقط بل ان امر الرئيس العبادي ونيته في تسليم ملف المدن الى منتسبي وزارة الداخلية ورفع السيطرات من داخل المدن يمثل قرارا حكيما ومكملا للقرار الاول لان الاسراع بهذا الاجراء سيترك انطباعا جيدا لدى المواطن العراقي خاصة في بغداد وسيشعره بقدرة الدولة على التحرك بثقة وبصورة مهنية بعيدا عن الروتين وسيمنحه حزمة من الاطمئنان باجراءات الدولة وجديتها في توفير الامن وتقليل الحواجز والعقبات التي يواجهها المواطن يوميا في ذهابه وايابه.
ومع ان التغيير تاخر بعض الوقت كما يعتقد البعض ممن كان مستعجلا في تقديراته ورغباته الا ان ما قام به العبادي امر منطقي وواقعي لانه بحاجة الى مثل هذا الوقت لمعرفة نقاط الضعف والقوة لدى المقالين ولدى البدلاء وحتى لا تكون التغييرات مجرد زوبعة اعلامية.
ان الواقع والايام والاشهر والسنوات الفائتة كانت تصرخ بجنون وتفضح ما كان يجري في دهاليز السياسة والامن من جرائم وفضائع وبيع وشراء للمناصب الامنية وعلى اعلى المستويات مما تسبب بانهيار الوضع الامني وتوسع منطقة سيطرة وسطوة التنظيمات الارهابية حتى سجلت الاشهر والسنوات السابقة ابشع الجرائم واعظم الكوارث التي تسببت باستشهاد الاف المواطنين الابرياء وتهجير عشرات الالاف من العوائل المظلومة وفقدان ما يقارب ثلث الاراضي العراقية.
ان التغيير امر مهم لكن العلة ليست في التغيير لنفسه بل يجب ان يقترن التغيير باحداث نجاحات حقيقية على الارض خاصة مع ما يشهده الشارع العراقي من وهج الانتصارات الكبيرة التي يحققها ابناء القوات المسلحة والحشد الشعبي وليس على القيادات الامنية الجديدة الا العمل باخلاص وجدية والاقتراب من هموم وواقع الجنود والضباط والمراتب ومشاركتهم افراحهم واحزانهم والعمل باخلاص والابتعاد عن الفساد المالي والاداري والاخلاقي.
ان ما كان يجري في المؤسسة العسكرية في الفترة الماضية من اثام وذنوب تجدها مباشرتا في فساد صفقات شراء الاسلحة وفي تعيين القادة الغير اكفاء والغير مهنيين وفي بيع المناصب وفي استغلال الجنود وفي نهب مستحقات الجنود والمراتب وفي الفساد في طعام وشراب الضباط والجنود.
ان اجراءات التغيير والاقالة للقادة الامنيين مقدمة صحيحة لتصحيح المسار ومعاقبة الفاسدين والفاشلين ومكافئة المخلصين والمضحين لكن المهمة لن تنتهي الى هذا الحد لان المهمة صعبة جدا وتحتاج الى جهود مضاعفة ونوايا مخلصة وقوانين صارمة حتى لا يتكرر الفشل من جديد.