بعد ان احتج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، على حقه في الخلافة، وحين لم يجد ناصراً له ولا معين، بضع من أصحابه، هجر القوم ولزم بيته لمدة 25 عاماً، لكنّه رغم الهجران، لم يبخل بالنصحية والمشورة، وأجوبة المسائل الشرعية والعقائدية، حرصاً منه على الأسلام في إطاره العام.
إلى أن تراكمت أخطاء السابقَين، حتى وصلت أوجها في عهد الخليفة الثالث، فأتخمت بطون إدارته بالفساد، وسرقت الأموال، فثار عليه أهل مصر، وبعض القبائل معهم، فأردوه قتيلا، وألقوه في الزبالة لمدة ثلاثة أيام بدون دفن، كذلك هذا الحال جرى على صدام والقذافي.
المرجعية الدينية العليا؛ أوقفت الدولة على أكتافها، وتحملت عبئاً ثقيلا، وواجهت صراعاً مريراً مع إدارة المحتل الأمريكي، في وضع دستور جديد للبلد، وإجراء أنتخابات، تأتي بحكومة عراقية تقود البلد، وقدمت النصائح والارشادات، للحكومات المتعاقبة، وشخصت لهم الأخطاء واعطتهم الحلول لها.
حين رأت المرجعية أنه لا يؤخذ بكلامها، أوصدت الباب في وجوههم، وطالبتهم مراراً وتكراراً في تحسين الخدمات، وأنصاف المواطنين، ومحاربة الفساد، إلى أن بحّ صوتها، وآخر ما فعلته معهم، تركها لألقاء الخطبة السياسية في صلاة الجمعة، وكل هذه الأساليب التي أستخدمتها المرجعية العليا، هي أستنكار وأحتجاج على الاداء الحكومي.
نتذكر جيداً، حينما أحتجت المرجعية، والجماهير، وأعضاء من البرلمان، على أداء رئيس الحكومة السابقة، في مطلع ولايته الثانية، حتى كاد هذا الضغط الثلاثي، أن يطيح بالمالكي، ويسحب البرلمان الثقة منه، على خلفية مطالبته وقتئذ بتحسين الخدمات للمواطنين.
لكنّ المالكي بدهائه وخبثه السياسي، عرف كيف يتخلص من هذا الضغط الخانق، ويخرج من عنق الزجاجة، فطلب أمهاله 100 يوم ليقدم ما أريد منه، وكان بهذا الطلب يراهن على كسب الوقت”لحاجة في نفس المالكي”، أنتهى الوقت، ولم يقدم ما مطلوب منه أي شيء، فجدد الأمهال 100 يوم أخرى، حتى حصل على ما يريد من الوقت، ليحدث الفتن، والأزمات، والأنشقاقات الداخلية، فوجه الأنظار حولها، وبالتالي أصبحت المطالبة بالخدمات في خبر كان!
العبادي على خطى صاحبه، ودخل في نفس الجحر، فعندما تعرض إلى نفس الضغط”المرجعي-الجماهيري-السياسي”،راح يماطل، ويخادع، ويفتعل المشاكل، فجاءنا بفكرة حكومة التكنوقراط، وكأنّ الأصلاحات متوقفة على التكنوقراطيين!
نحن نسأله:أليست حكومة أياد علاوي، أغلبها تكنوقراط؟ وحصل فيها الفشل الذريع، والفساد الهائل في الوزارات، كوزير الكهرباء مثلاً! ثم من يضمن إذا جئت بحكومة تكنوقراط، تحقق فيها الأصلاحات؟
المشكلة ليست متوقفة على تغيير الوزراء، بل المشكلة فيك أنت، لأنك عاجز وضعيف في إدارة الدولة، وفي تحقيق الأصلاحات، فلا تسوّف الأمور، وتستغفل الجماهير، وتحوّل الأنظار عن فشلك، في خلق أزمة بينك وبين الكتل السياسية.
الناس والمرجعية، تطالبك في الأصلاح، وضرب الفاسدين، وأنت تريد تريد حكومة تكنوقراط، إن مثلك كالمثل الشعبي القائل:(بعير ويعرج من أذنه)، ولست أعلم هل حكومة الرئيس الامريكي بوش كلها تكنوقراط!؟ وهل وزير خارجيتها السابق كولن باول، تكنوقراط!؟
سيفشل العبادي في تحقيق حكومة تكنوقراط، لأنه عاجز، وربما سيعجل في تحرير الموصل، لكي يغطي على فشله، وينسي الناس أمر الاصلاحات، بل يصبح حديث الساعة، والبطل الذي حرر الموصل!
لكني أقول لك:مهما حاولت في المماطلة والمخادعة، لا تنجح وستسقط كما سقط من قبلك، وأتنبأ لك في عام 2016 بثورة شعبية عارمة تبتلعك!