18 ديسمبر، 2024 9:42 م

العبادي يحقق “انتصاره” الثاني بجدارة على الكورد

العبادي يحقق “انتصاره” الثاني بجدارة على الكورد

من حيث تقويض سلطات إقليم كوردستان وثلم حقوق ومكتسبات مواطنيه وتشذيب كيانه الدستوري، لا تختلف معركة الموازنة التي ربحها العبادي اليوم عن معركة كركوك التي دارت رحاها بشكل دراماتيكي يوم 16/10/2017، ففي غياب تام للكتلة الكوردية، و تواطؤ ملفت بين جناحي الكتلة العربية اللدودين، أقر البرلمان، أخيراً اليوم 3، آذار/2018 موازنة العام الجاري 2018، بعد أكثر من ثلاثة أشهر من الأخذ والرد والمشاحنات والمساومات، حيث كانت اللجنة المالية قد ثبّتت تسلم مكتب رئيس البرلمان مشروع الموازنة يوم 30/11/2017، بعد الدوام الرسمي.

يعد إقرار الموازنة بهذا الشكل خرقا لتوافق المكونات الرئيسية الثلاثة، الذي قامت عليه العملية السياسية بعد 2003، وهي سابقة خطيرة من شأنها، إذا لم تُستدرك، أن تعمق شرخ الوحدة الوطنية الذي أحدثه استفتاء الإستقلال الشهير، وليست تهنئة العبادي الفورية “لجميع” أبناء الشعب العراقي، في هذا المقام، بإقرار الموازنة الا تدليساً فجاً، الا اذا كان لا يعترف اصلاً بكون الكورد جزءاً من الشعب، في ظل غياب وعدم رضا ممثليهم وعدم مشاركتهم، بالتالي في عملية الإقرار.

بغض النظر عن مصداقية معطيات الواقع التي التزمت بها الحكومات العراقية بعد 2003، ووضعت على أساسها الموازنات السنوية السابقة في العراق الجديد، وهي على كل حال إفتراضية بسبب عدم إجراء التعداد السكاني، ، وأصبحت الآن بقدرة قادر نسبة سكانية قاطعة ومجاملات سياسية، ، فإن التغييرات التي احدثتها حكومة العبادي على حصة إقليم كوردستان والتعمد في استخدام مسميات ومصطلحات غير دستورية، لا يمكن فهمها الا في سياق الحصار المقيت المتواصل الذي يفرضه العبادي على الإقليم من خلال استمرار قطع الموازنة وعدم دفع رواتب المواطنين والحضر الجوي الدولي على المطارات وغلق الطرق البرية مع محافظات الإقليم، خصوصا اربيل ودهوك، وتعطيل القيود المدنية للناس ومنع تواصل العالم مع الإقليم ما كان ذلك ممكنا من خلال رفض زيارة اي مسؤول دولي إلى أربيل.

العبادي بذلك يحشر قيادات الإقليم في زاوية حرجة أمام مواطنيهم وأمام مسؤوليتهم التاريخية في صون وحماية المكتسبات التي دُفع فيها ثمن باهض، وقد رأينا كيف انهم جميعا تجاوزوا خلافاتهم وتناحرهم اليومي واصطفوا جبهةً واحدة في معركة الموازنة، وسوف يكون من الصعب على العبادي، في ظاهر الحال الحاضر على الأقل، شق الصف كما فعل في معركة كركوك لأن المسألة هنا متعلقة بقوت عموم الناس وليس فئة معينة أو مجموعة محدودة يهون التضحية بها ولو مؤقتاً لتحقيق المصلحة العامة، وربما أجبرهم العبادي بسياسته العدائية هذه إلى غلق الباب من ورائهم على بغداد مرة أخرى والعودة إلى مرحلة 1991-2003.