رسالتي موجزة للسيد حيدر العبادي: إذا وضعت يديك على خدك .. وانت رئيسا لمجلس وزراء من التكنوقراط …لانتظار مجلس النواب بخلافاته السياسية واطماعه بالحفاظ على مصالحه، وعدم خضوع احزابه لسؤال (من اين لك هذا؟)، فانت ليست بأكثر من منتظر لثورة الشعب ولات ساعة مندم !!!
ولست ممن يحزنون عند الفرح، نعم فرحت مع العراقيين بانتهاء استخدام مصطلح المحاصصة ونهضة حكومة السيد العبادي ربما بتشكيلتها الجديدة لمكافحة الفساد ولكن هناك الكثير من ارث المظالم مطلوب اليوم طرحه بقوة من قبل المثقف العراقي ليقول كلمته ويمضي دون خوف او وجل بعد ان فجر فينا السيد مقتدى الصدر ينابيع الاعتصام وحق الاعتراض ، مشكلة السيد العبادي اليوم مواجهة دولة نخرت بسوسة فساد سياسي عمودي تبدأ بحل اللجان الاقتصادية لهذه الأحزاب التي تقتات على مائدة اللئام في عقود الفساد ولكنه لم يتطرق حتى الان الى لجان الموظفين في كل الأحزاب ومنها حزبه وبقية قوى التحالف الوطني واتحاد القوى والتحالف الكردستاني ، فالجميع لهم لجان تعنى بتوظيف قياداتهم والتعامل مع موظفين يقبضون رواتبهم من الدولة ويعملون في مكاتبهم الحزبية، او يعلمون في دوائر الدولة لصالح احزابهم، ناهيك عن جيوش المستشارين، وجيش اكبر من المتقاعدين على وفق الامر 9 من أوامر الحاكم باسم الاحتلال بول بريمر التي ما زالت نافذة ، فيما تواجه الحكومة استحقاقات اقتصادية يرى العبادي انه نجح في ادامة توفير رواتب الموظفين لكن سؤالي ماذا عن كل الذين يتمتعون بامتيازات السجناء السياسيين ومؤسسة الشهداء وهي امتيازات تبدو مقدسة حتى عند العبادي نفسه !!
مطلوب اليوم ان نتحدث عن صفقات الفساد واليات محاسبة المسؤولين، واذا كان العبادي ومسؤولي هيأة النزاهة ومكاتب المفتشين العاميين وديوان الرقابة المالية لا يعتبرون تقارير ” ارنست ويونغ ” التي تم إطفاء موقعها على الانترنيت ، وتقارير مفتش عام الجيش الأمريكي في العراق ، او تقارير وحدة استخبارات المعلومات الاقتصادية البريطانية عن العراق، وكل جهات دولية ، هي بلاغات رسمية للتحقيق فيها، بات مطلوبا منه وهو يتراس مجلس مكافحة الفساد ان يعمم اليات تقييم المعلومات عن الفساد في العراق من خلال الرصد والمتابعة لما ينشر من فضائح مدوية حول عقود جولة التراخيص – على سبيل المثال لا الحصر- ليس بعقلية الموظف العمومي الذي يركب موجة من وضعه في منصبه الوظيفي عبر محاصصة الأحزاب المقيتة ، بل بعقلية المحامي العام عن اموال الدولة وحقوق المواطنين ، ولا اريد ان العن الظلام بل أشعل لك شمعة وأكثر في نفق الفساد المظلم، وهذه الأفكار لعل وعسى تستفيد منها في مجلس مكافحة الفساد واستنهاض اعمال الجهات الرقابية لعل أبرزها:
أولا: الغاء امتيازات المتقاعدين وفقا للأمر 9 من أوامر الحاكم المدني بول بريمر وهي ضمن صلاحيات مجلس الوزراء، ومن ثم تقليص اعداد مجلس النواب وتحويل رواتبهم الى منحة خلال انعقاد دورة اعمال مجلس النواب ولا يمنحون اية رواتب تقاعدية بعدها وهكذا الامر لمجالس المحافظات وإلغاء مجالس الاقضية، وإلغاء الحمايات الشخصية عن المتقاعدين.
ثانيا : المطالبة بإدراج الوظائف العامة ضمن جداول تناط مهمة التعين بها الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء وعندك جيش من الموظفين والمستشارين بلا عمل، بالإمكان تشكيل هيئة أولية منهم بديلا عن مجلس الخدمة العامة المتعثر في مجلس النواب لحين تشريعه ، واطلاق سياسات عامة من مجلس الوزراء لحلول مجزية في ملفات ما زالت قوانينها تتعثر في مجلس النواب بما هو متوفر من منافذ قانونية لعل ابرزها التجاوز على المال العام في مراقبة العقود الحكومية ومراقبة تنفيذ الموازنة العامة بتقارير فصلية معلنة من جميع الوزارات على اقل تقدير .
ثالثا : حين تفتخر بانك تراس مجلس مكافحة الفساد، فاجد من اللازم عليك ان تراجع معايير الشفافية الدولية والسياسات العامة لعمل حكومتك وفقا لما تعتمده وحدة استخبارات المعلومات الاقتصادية البريطانية وهي احد مصادر الشفافية الدولية ، وكما قلت انهم قربين منك ضمن التعاون مع ما وصفته بالجهات التنموية الدولية ، فضلا عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لوضع معايير وسياسات عمل للجهات الرقابية التي تسمح قوانينها ومنها قانون هيأة النزاهة وديوان الرقابة المالية لمنع الفساد ومكافحته بذات الأساليب الحديثة المعتمدة من قبل هذه الجهات الدولية ،والا كيف يمكن تفسير ان الشفافية الدولية تمتلك من المعلومات عن الفساد اكثر مما تمتلكه الجهات الرقابية في مجلسك العتيد ولم تنجح في منعه ومكافحته ؟؟
هذه المشكلة يمكن حلها بمراجعة الكثير من القوانين العراقية التي تسمح لمجلس الوزراء إصدار التعليمات والاوامر لدوائر الدولة باعتماد معايير وسياسات عامة تقترب ولا اريد القول تطابق معايير وسياسات تلك الجهات الدولية ، بما يؤكد ان نجاح محاربة الفساد يمكن ان ينجح فقط حين تخضع الدولة لسياسات عامة طاردة للفساد تبدأ بالعقود الحكومية ، ولا تنتهي بالحكومة الالكترونية ، عليك ان تسال عن أسباب تأخر التزامات الوزارات في نقل التعاملات الحكومية مع المواطن الى المستوى الالكتروني ، يأتيك الجواب ببساطة ان وزراء المحاصصة ومدراءها العامين جاهلين بالتعامل مع الحاسوب لذلك اوجدوا وظيفة جديدة في الحكومة هي وظيفة”IT ” للتعامل مع ابسط الأمور مثل البصمة الالكترونية وبرامج العمل الإدارية على الحاسوب ، فمثلا معاملة نقل ملكية مركبة لا تحتاج الى اكثر من دقائق على الحاسوب ، فيما تحتاج الى يوم واكثر ودفع رشى للانتهاء منها ؟؟ لان شرطة المرور ما زالت لا تخضع مثل هذه المعاملات لنظام الكتروني يحتاج فقط الى ضابط شرطة يتعامل مع الحاسوب ويقوم بأخذ البصمة الالكترونية للبائع والمشتري فحسب ؟؟ ومثل هذه الأمور يقاس عليها بقية أفعال الفساد في الدولة.
رابعا : وضمن ذات معايير الجهات الدولية التي تتعاون معها لابد لك من إيجاد سياسات وظيفية عامة للشفافية وتداول المعلومات عن تنفيذ الموازنة العامة والكشف عن الذمة المالية لقيادات الدولة والأحزاب وحاملي هويات غرف التجارة وأصحاب الشركات والقوانين العراقية تحتوي على الكثير من الأمور التي تخولك اصدار أوامر وتعليمات لها قوة القانون بدلا من انتظار قانون الشفافية لتداول المعلومات المتعثر ايضا في مجلس النواب، وهو ذات الامر في مراجعة وقياس أفعال الفساد على مستوى الدولة وهناك دراسة جادة ورصينة قدمت الى المؤتمر العلمي لهيأة النزاهة هذا العام عن قياس أفعال الفساد في العراق ومدياته، لكنها لم تأخذ طريقها للتنفيذ حتى الان ، وتبدأ بقياس الفساد السياسي على مستوى الرئاسات الثلاث والأحزاب واموالها التي تمول اكثر من 50 محطة فضائية واكثر من 200 صحفية وموقع اخباري ناهيك عن مؤسسات المجتمع المدني الممولة من هذه الأحزاب !!
ومرة أخرى أوكد .. إذا وضعت يديك على خدك .. وانت رئيسا لمجلس وزراء من التكنوقراط …لانتظار مجلس النواب بخلافاته السياسية واطماعه بالحفاظ على مصالحه الحزبية، وعدم خضوع احزابه لسؤال (من اين لك هذا؟)، فانت ليست بأكثر من منتظر لثورة الشعب… ولات ساعة مندم !!!