تسارع الاحداث لا يعني بالضرورة قيام الحرب بين امريكا وروسيا ، ولكن يعجل في نشر الفوضى والخراب في المنطقة تمهيدا للتقسيم ، الذي تسعى اليه كل الاطراف ، للخروج من ورطة تنظيم داعش المزعوم ،الذي فجر الشرق الاوسط بالحروب الطائفية ،وأثبتت الاحداث في العراق وسوريا ،انه نتاج مخطط عالمي منظم ومدروس منذ عقود ،لتدمير وتقسيم المنطقة ،تشترك في اطراف لها مصالحها المشتركة الاستيراتيجية ،ومنها امريكا وإسرائيل وإيران وروسيا ،فهي من صنع داعش لها الغرض ،صنعتها الغرف ودهاليز السياسة الامريكية-الصهيونية ، ودعمتها ايران ونفذتها روسيا ،فعندما نقول داعش ،هي صناعة امريكية اسرائيلية وإيرانية ،نعم هي هكذا ، حتى وان حاربتها الان وتحاربها غدا تطبيقا لبيت الشعر العربي (علمته الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني )، الم تسلح وتدرب وتمول امريكا القاعدة وبن لادن في افغانستان ،لمواجهة الاتحاد السوفيتي حتى اخرجته من افغانستان ، وهكذا الان في العراق ،وسوريا واليمن وغيرها ، المصالح هي من يحدد مصير الامم ،نعم الدول العظمى ذات المصالح الاستيراتيجية بعيدة المدى ،هي من صنع بعبع داعش ،بطريقة او بأخرى ،خططت لها ام لم تخطط، لان النتيجة هو ان داعش تخدم مصالح هذه الدول وتنفذ ارادتها بإرادتها ام رغما عنها ،لكن النتيجة واحدة لدى ألطرفين، وهي ادخال المنطقة (هنا بتخطيط ووعي كامل من الدوائر الامبريالية )، في اتون الحروب الطائفية والقومية والاثنية والمذهبية حتى بين المذاهب نفسها ،والتي لن تنتهي بنهاية التاريخ ، كما هي الان ،لذلك سنلقى نظرة على تحالف رباعي وخماسي وسداسي يتشكل في العراق ترعاه وتقوده روسيا وإيران كتحالف مضاد وند لأمريكا وحلفائها ألغربيين بطلب ومباركة حكومة حيدر العبادي وبدفع من التحالف الوطني( الشيعي)،الذي يتلقى اوامره من ملالي وحكام طهران،ومعارضة الاطراف الاخرى في العملية السياسية (علاوي-البرازاني-اسامة النجيفي وكتلهم)، في وقت يشهد العراق معارك تحرير لمدن وقصبات وقرى ونواح، من قبضة تنظيم داعش بقيادة ورعاية امريكية بالطائرات والصواريخ والعتاد والمستشارين وقوات النخبة،اذن معركة العراق مع داعش كما تزعم هي معركة امريكا،في حين معركة سوريا مع داعش كما تزعم هي معركة روسية ،لذلك هناك مأزق للعبادي وورطة مع الطرفين ،فلا هو يريد اغضاب امريكا التي تحرر مدنه من داعش، ولا الخروج عن طاعة الولي الفقيه وروسيا التي اغرقت معسكراته ،بالسلاح الحديث والطائرات والخبراء وإنشاء تحالف رباعي ومركز
معلوماتي، هو الاول من نوعه في الشرق الاوسط للتجسس على (الاعداء)، باطنيا وداعش ظاهريا ، فهل يستطيع العبادي امساك العصا من الوسط،وارضاء جميع الاطراف ،وهنا لابد من التوقف عند مصير ألعراق الذي يعنينا مصيره، اكثر من مصير العبادي وحكومته وتحالفه وولاءه،والأحزاب الايرانية التي تقود العراق بطائفية قل نظيرها في التاريخ على الاطلاق،نحن هنا ام مصير امة بأكملها ، الامة التي لا(تسوى فلس) بدون العراق ، فمأزق العبادي الروسي انه رهن العراق لعقود من الزمن لمصالح روسيا التي عادت من شباك العبادي الى المنطقة بتحالف عزز وشرع تواجدها وأعلن عن عودتها بحجة محاربة (التطرف الاسلامي وفصائله الارهابية ) كما تسميها في العراق وسوريا وهي تضع كل من يعارض الاسد ونظامه ويريد تغييره بأنه (داعشي ويجب محاربته والقضاء عليه)، وهكذا روسيا القت صواريخها على الجيش الحر والنصرة وأحرار الشام والفتح وو..وداعش في سوريا ، ووضعتهم كلهم في سلة الارهاب الدولي، وهي تنسى ان عملها وإجرامها هذا هو معنى الارهاب الدولي ، في حين تلقي ربيبتها في الارهاب امريكا الاسلحة والصواريخ على الجيش الحر والمعارضة في سوريا،اليس هذا تناقضا واضحا في ألتطبيق وملتقى في الاهداف ،العبادي الان يمارس دور اخر من يعلم الجنرال،فروسيا تحشد اسلحتها وطائراتها في المعسكرات والمطارات العراقية ،وتقصف داعش في اماكن لا تتعارض مع اهداف امريكا في العراق ، وروسيا فتحت مركزها في قلب بغداد للتجسس المعلوماتي بعيد المدى برعاية ومباركة ايرانية ،وميليشياوية لقادة الميليشيات ، حيث لا تسمح ادارة مركز المعلومات ،حضور اي ممثل لوزارة الدافع او حكومة العبادي ،من اجتماعات المركز والإطلاع على اعماله التجسسية ،خوفا من تسربها للجانب الامريكي ،بمعنى ان روسيا وايران أليوم هي من يدير العراق امنيا وسياسيا وعسكريا،واعتمادهما على الميليشيات الايرانية في العراق (وفد التحالف الوطني في روسيا)،في تنفيذ اجندتهما في العراق،وإعلان التحالف الرباعي هو مقدمة لتواجد ابدي ايراني-روسي في العراق ، هنا ورطة ومأزق العبادي الذي يجب ان يدفع ثمنه لأمريكا التي دعمته وأقصت نوري المالكي من اجله ، وهي فاتورة على العبادي دفعها عاجلا ام اجلا ، ولكن متى يحصل هذا اعتقد ان الانتهاء الامريكي من تحرير المدن العراقية من قبضة داعش ،سيكون العبادي (أضحية العيد الامريكي)، التي ستذبحها ادارة اوباما، ابتهالا للانتصارات على داعش ،وقد هيأت البديل منذ هذه اللحظة ،وسربت الاسم للرأي العام ،0عصام الخرسان)،ادارة اوباما الان لا تلتفت الى ما يجري في سوريا والعراق ،فهي تغض النظر ، ولا ترد على طلبات (بوتين وروسيا) للحوار وتبادل المعلومات والجلوس على طاولة حوار تنسيقي بينهما في العراق وسوريا ، والاتفاق على خارطة طريق لا تتقاطع مصالحهما هناك ، ولكن ادارة اوباما سدت اذانها
واحدة من طين والأخرى من عجين كما اعلن (بوتين نفسه على العالم وقال ان امريكا لاترد على طلباتنا )، ماذا يعني هذا ،يعنى ان امريكا تعمل منفردة في تنفيذ استيراتيجيتها في العراق وسوريا ، ولا تبالي لتحالف مهزوز لا قيمة له ،امامها ، تحالف المهزومين ، فإيران مكبلة باتفاقية نووية معها لا تستطيع الحراك والخروج من اسارها وطاعتها ، وروسيا تريد اعادة الهيمنة والسيطرة على المنطقة بالاعتماد على (احصنة طروادة )، وهي احصنة تعبانة ومنهكة هي سوريا والعراق وإيران ، ولدى امريكا ورقة مهمة ضاغطة ضد روسيا وهي قضية (اوكرانيا)، فهي اذن لا تعير لهذا التحالف التعبان اي اهتمام ،فلا ترد على طلبات بوتين وغيره ، وهي ماضية في مشروعها ومحاربة داعش وغيره في المنطقة ، نعم العبادي في مأزقه يعبر عن حالة الاحباط الذي تعاني منه العملية السياسية كلها ، وهي منقسمة ومتصارعة فيما بينها ، ولا امل من الخروج من هذا المأزق الا بانتهاء امريكا من عملياتها العسكرية في العراق ضد داعش ،الذي يحاربه الجميع ، ولا ينتصر عليه الجميع ، لان الجميع غير جاد في محاربته ويستخدمه وسيلة لتنفيذ مشاريعه وأجندته واستيراتيجيته في المنطقة بعد ان صنعه وانقلب عليه …