23 ديسمبر، 2024 2:11 م

العبادي وحكومة اللحظة الاخيرة        

العبادي وحكومة اللحظة الاخيرة        

لم تشهد العملية السياسية بحكوماتها المتعاقبة ،منذ ان انشأها الحاكم الامريكي سيء الصيت بول بريمر ، ولحد الان، صراعا علنيا على السلطة والمناصب ، كما تشهدها الان ،والصراع السياسي الان يأخذ اشكالا متعددة ، منها الطائفي ومنها المادي، ومنها القومي ومنها العشائري وهكذا ، تعصف بحكومة العبادي العواصف التي تنذر بعوقب وخيمة دموية تصل حد الاحتراب بين الكتل والاحزاب والشخصيات ورجال الدين في العملية السياسية ، التي وصلت الى طريق مسدود للتخلص من المحاصصة الطائفية التي اوقعها بها الاحتلال الامريكي ، والذهاب الى حكومة من خارج هذه الاحزاب والكتل، وقد عماها الفساد والمغانم والسلطة والطائفية، عن ما يشهده العراق من دمار وخراب وتهجير وحصار وتجويع مدن بأكملها ،وقتل وانهيار قيمي واخلاقي وفساد منقطع النظير ، والان دعونا نستقريء المشهد السياسي الدامي ،وكيف ستؤول الامور بعد يوم غد، وانذار البرلمان الاخير للعبادي بأعلان حكومة التكنوقراط، مع تهديدات مقتدى الصدر بأقتحام رئاسة الوزراء والبرلمان واعتصاماته  امام بوابة الخضراء، فبالرغم من دخول ايران بكل ثقلها على مقتدى الصدر وتهديدها له عن طريق قاسم سليماني ورسالة خامنئي التي اوصلها للصدر عمار الحكيم ، فأن الصدر مصمم هذه المرة ان يذهب الى اخر الشوط من تهديداتها رغم علمه بأنه ربما يدفع حياته ثمنا لهذا الموقف ، وقد ظهرت علامات الاغتيال والتهديدات بالاعتقال عن طريق تحريك قضية (اغتيال الخوئي) التي اتهم بها مقتدى الصدر واتباعه، وفي خضم اجتماعات متواصلة ليل نهار بين زعماء الكتل والاحزاب ورموز الحكومة ،وتدخلات امريكية وايرانية واقليمية اخرى لطمطمة الاعتصامات وترضية الصدر ، واقناعه للعدول عن اسقاط الحكومة و(شلعها وقلعها) من جذورها كما يصر ،فان الاجتماعات لم تصل الى الا الى الفشل والمزيد من التناحر والافتراق ،واضعين مصالحهم الشخصية ومنافع كتلهم فوق مصلحة العراق ، الذي وصل بفضلهم الى قاع الموت والدمار ، الكتل كلها تصر على ان تكون ترشيحات الوزراء والمناصب الاخرى حصريا من قبلهم ، ومن داخل كتلهم واحزابهم، فيما يصر الصدر ان تكون حكومة كل وزرائها من خارج الاحزاب والكتل، والطرفان يصران كل على موقفه، فيما يهدد التحالف الكردستاني ، اذا لم يتم ترشيح الوزراء من قبل التحالف نفسه ،فأنه سينسحب من العملية السياسية كلها، وهكذا يهدد التيار الصدري الانسحاب اذا لم يتم الترشيح من خارج الكتل والاحزاب والمحاصصة ، اذن ما العمل وكيف نتوقع ان تكون الاوضاع بعد كل هذا الصراع والاقتتال ، ونحن نرى المشهد اكثر مما يتصوره البعض من انه صراع سياسشي على المناصب فقط، لا اعتقد ان الامور ستذهب الى الى الصدام الدموي مع الاعتصامات ومقتدى ، وكل الدلائل تشير الى ذلك لاسيما وان نوري المالكي يجد في اعتصامات مقتدى فرصة ذهبية للعودة الى السلطة ، بعد اصرار مقتدى على اقصاء الاحزاب من السلطة، وقد تسربت تحضيرات نوري المالكي بانقلاب عسكري تقوده الميليشيات وبعض  قطعات الجيش التي تحركت باوامر المالكي من كربلاء الى بغداد ، زائدا تواجد ميليشيات بدر والعصائب وحزب الله وغيرها وكلها تأتمر بوامر المالكي شخصيا ، وتنتهز الفرصة للانقضاض على السلطة واعادة المالكي على رأسها بدعم ايراني واضح ، فهل نتكهن ام نستقريء، لا نحن نحلل المشهد ونراه جيدا كيف يسير الى الهاوية السياسية بغباء وعنجهية واستهتار بدم العراقييين ومعاناتهم ، لانهم ليسوا رجال دولة ،بل نهاز فرص ورجال سلطة طائفية لاتهمهم سوى سرقة الثروات ونهب البلاد وزرع بذور الطائفية التي رفضها المجتمع كما لفظهم ورفضهم، ان اغراءات السلطة ودناءة انفسهم للمال والمكاسب وشهوة السلطة الطائفية جعلتهم يتقاتلون على المكاسب والمناصب وسرقة ثروات البلاد وارسالها خارج العراق، لذا فأن احتمال التصادم والانقلاب اقرب الحلول ، لادخال العراق في فوضى اخرى اخطر واعمق من سابقاتها ، لاسيما والعراق ، نصفه تحت سيطرة تنظيم داعش ونصف الاخرى تحت سلطة الميليشيات الايرانية الطائفية، السيناريو الايراني اعادة المالكي للسلطة ، ولو بانقلاب تنفذه الميليشيات التابعة لها ، والسيناريو الامريكي هو التفرج الى النهاية على اقتتال (الاخوة الاعداء)، وتأجيج حرب شيعية شيعية ، وانهاك الاطراف والاحزاب الشيعية، ووضعها امام الامر الواقع للتدخل وانقاذها من الورطة ، تماما كما فعلت مع( السنة)، واوجدت لهم داعش ومشتقاته ، واشتعلت بين الكتل السنية حرب التسقيطات والاقصاء،كما حصل مع رافع العيساوي وخلف العليان وعدنان الدليمي وطارق الهاشمي واعضاء الحزب الاسلامي بعد تفليشه وترك اعضائه الحزب وهكذا تريد ايصال الطرف الشيعي للاحتراب وقد اوصلته الان ، وهي تعرف تماما ماذا سيؤل الوضع بعد تهديدات الصدر (حيث صرح السفير الامريكي عن دخول الصدر الى بوابة الخضراء بان السفارة الامريكية مؤمنة تماما ولاخوف عليها من اتباع الصدر )، وهذا يعني ان هناك دعما واتفاقا بين الصدر والسفارة الامريكية واقلها نقول تنسيقا ، لهذا ستكون امريكا رابحة في كل الاحوال ،والخاسر الاكبر الشعب العراقي ،الذي يصدق الاحزاب الطائفية وتنطلي عليه (همبلات مقتدى) وتهديداته الفارغة ضد خصومه ، واكاذيب خصومه على الشعب، أنا اعتقد ان الاوضاع ستزداد تعقيدا وضبابية ، ويذهب الجميع الى الفشل دون الاتفاق على حكومة تنقذ العراق كما يتوهمون ويصرون على الفشل، في وقت كل الحكومة ووزاراتها فاسدة من رأسها الى اخمص قدميها، ولا يفيد بها ولا يرتجى اي اصلاح ،وان ما يقوم به العبادي هو اكذوبة (اعترف بها هادي العامري )، وان ما يقوم به الصدر والاعتصامات تدخل في باب المزايدات الشخصية لان تاريخ مقتدى وتياره معروف لدى العراقييين بعد الاحتلال ولانريد ان نفته ملفه وملف جيش المهدي وملف فساد وزراؤه ونوابه منذ الاحتلال ولحد الان بالرغم من انه (اعترف وتبرأ منهم ومن فسادهم) ولكن هذا لايعفيه من تحمل كل تبعاته ، لانها كانت تنفذ باسم (ال صدر ولحد الان)، على العموم ،حكومة العبادي والاحزاب والبرلمان ومقتدى الصدر في مأزق وورطة ، لايخرجون منها سالمين ابدا ، بل هم يضعون البلاد في نفق اعمق وخطر اكبر وهاوية سحيقة لايعرف مداها الا الله ، وان الفشل الاكيد هو ما يظهر على السطح وان حكومة العبادي تلفظ انفاسها الاخيرة يوم غد ، وتنتهي مدة الصدر وتحذيره بسحب  الثقة من حكومة العبادي هو رئيس البرلمان، ولهذا فان القول ان الاعتصامات ستحقق اهدافها هو محض خيال، او ان البرلمان سيحقق اهدافه باخراج حكومة تنكوقراط يقدمها العبادي غدا ،هو محض خيال ايضا ، سيد الموقف الان وغدا هو الصراع وعدم التوافق على شيء ، وهذا ليس من صنع خيالي وانما من اصرار الاحزاب والكتل السياسية على التمسك بخيار المحاصصة الطائفية وتوزيع المناصب فيما بينها، بالرغم من ان الجميع تعلن وتصرح وتكذب على الشعب حين تقول (يجب الابتعاد من المحاصصة ورفضها في تقاسم السلطة والنفوذ) ولكن الجميع يعتاش عليها ،وهنا بيت الداء،فلا الدستور يسمح لهم بغلق باب المحاصصة ولا هم قادرون على تعديل الدستور المفخخ بالطائفية ، لهذا سنكون على احتمالات مريبة ، وايام عصيبة لايحسد علىيها من يقف على رأس السلطة ، وستدفع الاحزاب والكتل ثمن هذا لاحقا، فالشعب العراقي يعرف تماما وادرك من وراء معاناته ودمار وخراب وتهجير وقتل اهله في المدن الاخرى، وان اليوم حان للاقتصاص من القتلة والسفلة وسرال المال الحرام ، وفضح الاحزاب الفاسدة، والعمائم الفاسدة ، وتقديمها للقضاء الوطني العادل ولو بعد حين، نعم اللحظة الاخيرة تعيشها بكل تأكيد حكومة العبادي، وكذلك الاحزاب والكتل التي تدير العملية السياسية كلها في السفينة التي ستغرق بهم غدا ، ان ما نراه هو تحصيل حاصل لافعال وفساد العملية برمتها ومتنذ ان انشأها بريمر وعصابة احمد الجلبي المقبور واركان المعارضة الخونة ممن، جاء بالبسطال الامريكي اثناء الغزو والاحتلال الوحشي للعراق، وهذه النتيج طبيعية لمن خان الوطن وسلمه بيد اعدائه التاريخيين ، اعتقد ان الاوضاع تسير كلها نحو كشف المستور، لكل من تلطخت يده بالدم العراقي ، وان الايام القليلة ستكشفهم كلهم ، من عمائم سوداء وبيضاء، ورجال جوف ، واشباه رجال ، وهذه هي حركية التاريخ لكشف العملاء وخونة البلاد …