صادق اليوم مجلس النواب العراقي على حزمة اصلاحات وترقيعات قدمها له حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء ،لحكومته التي تشرف على الانهيار الكامل ،استجابة لثورة الشعب العراقي التي تملأ شوارع العراق غضبا ساخطا على حكومته التي فشلت في القضاء على الفساد واحالة رموزه وحيتانه على القضاء العراقي ،كما فشلت في تقديم ابسط مستلزمات الخدمات للمواطن العراقي الذي يتضور جوعا وحرمانا في الخدمات الكهربائية والبلدية والصحية والاجتماعية والتربوية والاقتصادية ،وقطع الرواتب والتعيينات، لهذا كله خرجت الجموع بثورة شعبية عفوية ،لم يقف خلفها احد ولم يدعمها احد ولم يمولها احد ،كما تدعى رموز الفساد في الحكومة ،والتي اراد القسم منهم ركوب موجتها وقطف ثمارها ،الا ان وعي العراقيين عاليا كما عهدناه ،افشل وفضح جهودهم في تجييرها لصالحهم ومنها المرجعية في النجف وغيرها، التي وجهت العبادي بضرورة تلبية مطالب الشعب المشروعة وهددت حكومة العبادي وطلبت منه ان يضرب بيد من حديد رؤوس ورموز الفساد ،وهذا التوجيه والدعم والتهديد من المرجعية لم نسمعه يوم خرجت محافظات العراق في نينوى والانبار وكركوك وديالى وصلاح الدين وسامراء بتظاهرات سلمية واعتصامات استمرت اكثر من سنة كاملة دون ان تهتز نخوتها وتتدخل لدعمها ،رغم انها اعترفت بمشروعية مطالبها ، حتى قطف ثمار هذا التجاهل من المرجعية وحكومة المالكي ،فسقطت المدن بيد داعش ،فما حدا مما بدا ، الان نفس التظاهرات ونفس المطالب ،ونرى تدخل المرجعية المباشر وصيحات ممثلها في خطبة الجمعة لحكومة العبادي بضرورة تلبيية المطالب ،على العموم نقول ان ثورة المحافظات الست لعام كامل واكثر قد اثمر اليوم بثورة عارمة لاهلنا في محافظات الجنوب الثائر البطل لتحطيم رؤوس الفساد وفضح العمائم المزيفة المتربقة باسم الدين ،وتسرق وتنهب وتقتل وتهجر باسم الدين،لهذا علت الهتافات العالية وحطمت الاصنام الدينية والعمائم المزيفة ،وكلكم تذكرون كيف سقطت هيبة العمائم هذه (ياعمار شيل ايدك اهل البصرة ما تريدك ،ويالمالكي يا زبالة ياقائد النشالة….وغيرها) الم تكن هذه رسالة واضحة وقوية ضد من يتستر بالدين وينهب ويقتل ويهجر الشعب ،من هنا كان العبادي يدرك قبل غيره خطورة واصرار الثوار والثورة على التغيير السلمي والقضاء على رؤوس الفساد واحالتهم للقضاء ،واعلن الثوار جملة مطالب واضحة وفورية ،قام العبادي بالتحايل عليها وتقديم اصلاحات وقتية ترقيعية خجولة ،لاتلبي طموح المتظاهرين ،ومن هذه الاصلاحات الغاء مناصب نواب الرئيس ومجلس الوزراء ،وتقليص الوزارات والحمايات والغاء الامتيازات ،وكلها لا تمس جوهر مطالب المتظاهرين الاساسية وهي الغاء مجلس النواب واعلان حالة الطواريء بحكومة طواريء لفترة محددة ،واعلان حكومة تكنوقراط واحالة رموز الفساد الى القضاء واولهم نوري المالكي ،الذي حاول الهرب الى ايران خوفا من غضبة الشعب وثورته المباركة ،وهكذا ذهبت الاصلاحات ووافق عليها البرلمان بالاجماع، مضيفا عليها ورقة اصلاحات برلمانية ثانية ،منها اقالة الوزراء الفاسدين فورا واحالتهم للقضاء ،وفتح ملفات الفساد منذ اول يوم للاحتلال ولحد الان ،والغاء نظام المحاصصة الطائفية ،وغيرها ،دعونا نناقش هذه الاصلاحات الحكومية والبرلمانية،وما هي نتائجها على الوضع الامني والاقتصادي والخدمي للعراقيين ،وهل هذه الاصلاحات تكفي لاعادة التوازن في الحكومة ورفع الاقصاء والتهميش واعادة النازحين والمهجرين الى ديارهم ،وفرض الامن في المناطق التي تديرها الميليشيات ،ووقف جرائم الميليشيات وداعش في المدن واعادتها الى سابق عهدها ، هذه الاسئلة وغيرها تظل ساخنة وحاضرة في ساحة التحرير،ويتطلب الاجابة عنها هناك،ولكننا سنفترض هنا الاجابة ،ونطلب من جماهير التحرير والمحافظات الجنوبية البطلة الثائرة التي ضربت مثلا عاليا في الوطنية وجهادية الموقف ،ولاغرابة على اهل ثورة العشرين ان تنتفض اليوم بوجه الظلام والتدخل الايراني الوقح ،هكذا هتفت جماهير كربلاء المقدسة (ايران برة برة كربلاء تبقى حرة)، وهل ابلغ من هذا الهتاف الصافي ،او (عمار شيل ايدك اهل البصرة ما تريدك) او(يامالكي يا زبالة ياقائد النشالة ) ، فماذا بقي من لهذه الاصنام من هيبة، بعد ان لفظهم ورفضهم الشارع الجنوبي قبل الشمالي،انه الصوت العراقي الجسور ،الذي حسم امره في التغيير مهما كانت التضحيات،ولكي نسلط الضوء على اصلاحات العبادي ،نقول انها خطوة واستجابة جيدة نتفهمها الان ،ولكنها لاتمس جوهر المطالب ،ابتداء العبادي لايمتلك مؤهلات التغير دفعة واحدة ،لانه جزء اساسي من مؤسسة حزب الدعوة الذي يدير السلطة من ورائه نوري المالكي رئيس الحزب ،وان مؤسسات الدولة ومخابراتها واجهزتها الامنية وهيئاتها القضائية والتنفيذية هي تحت سطوة ونفوذ المالكي ،اضافة الى هيمنة ايران بميليشياتها بدر والعصائب وحزب الله وسرايا السلام وعشرات الميليشيات الايرانية المرتبطة مباشرة بالولي الفقيه ،لذلك لايمكنه الان من اصدار قرارات جريئة مثل احالة المالكي(وهو رئيس حزبه) ،الى القضاء او اقالة واحالة مدحت المحمود الى القضاء وهو رئيس مجلس القضاء الاعلى ،وهما رأس الفساد في العراق ،هو الان اجرى اصلاحات تمهيدية (قال هو نفسه ان كل جمعة هناك اصلاحات)، اي بمعنى ان الاصلاحات التي يريدها الشعب ستكون على دفعات ،وهذا تسويف وتضليل للمطالب ،وهي اجراءات لاتنم على اصرار واضح على احالة رؤوس الفساد
وحيتانه الى القضاء،وهكذا جاءت ورقة اصلاحات البرلمان مشابهة لاصلاحلات العبادي،ولم يتطرق احد منهما ،على الغاء البرلمان ومجالس المحافظات والوزارات والمحاصصة وضرورة اقالة رأس الافعى رئيس القضاء الاعلى مدحت المحمود،وبدونه لايمكن ان يحصل اي تغيير وكشف الفاسدين في الحكومات المتعاقبة منذ بدء الاحتلال فهو احد اخطر رموز الفساد ممن غطى على الفاسدين وتزوير للانتخابات وحماية المفسدين واولهم نوري المالكي وجرائمه في سقوط الموصل وسبايكر والحوية واللوجة والبراميل المتفجرة وغيرها،والذهاب الى حكومة طواريء لمدة ثلاثة اشهر،تخرج منها حكومة عابرة للطائفية ومن التكنوغراط ،العبادي باصلاحاته يوهم الاخرين بالاصلاح والتغيير ،وهذا ليس بصالح حكومته،اذ ان مطالب الثورة ابعد من تلك الاصلاحات بكثير ،فالجمعة القادمة سيكون هتاف المتظاهرين والمعتصمين في ساحات الثورة في ساحة التحرير والمحافظات،هو الغاء البرلمان ،واحالة مدحت المحمود رئيس مجلس الفساد الاعلى الى القضاء ،واقالة كل الفاسدين من نواب رئيس الرئيس والوزراء الفاسدين وغيرهم، وتقديمهم فورا الى القضاء،قبل هروبهم ،واصلاح العملية السياسية برمتها ،مع الغاء قرارات بريمر والعفو العام والمصالحة الحقيقية والغاء اجتثاث البعث ، واطلاق سراح المعتقلين الابرياء،واعادة المهجرين والنازحين فورا الى مدنهم وديارهم وبيوتهم التي هي خارج سيطرة داعش،هذه هي الاصلاحات الناجعة الحقيقية،وليست اصلاحات العبادي او ورقة مجلس النواب البائسة …..