انتظر العراقيون ثورة على الفساد لكي يثقوا اكثر بمستقبلهم ويطمئنوا لوطنهم ، ويغيروا ما اعتقدوه بسياسييهم .
ومع انطلاق فكرة التغيير بعد الانتخابات الماضية ، ورغم بقاء ذات الوجوه ، الا ان العراقيين مازالوا يتمسكون بخيوط أمنيات ضعيفة بان التغيير سيكون ولو مضى بطيئا .
استمع العراقيون لخطابات العبادي وتبشيره بالثورة ضد الفساد ، ويعرف العراقيون تماما من هم المفسدون الذي اقتاتوا دمهم ولحمهم ، لكنهم حتى الان يستمعون لخطابات نارية دون ان تكوي مفسدا .
يخاف العراقيون ان يسمعوا جعجعة ولا يرون طحينا ، فقد ظلوا عبر عقود من الزمن يسمعون الخطب والتهديدات بشن ثورة ضد الفساد ، مثلما سمعوا يوما رئيس الوزراء السابق هو يصرخ في عام 2008 بأنه سيبدأ ثورة وصولة ضد الفساد ، بعد ان انهى كما قال صولته الفرسانية ، لكن الذي حدث ان العراق شهد اكبر موجة فساد في تاريخه وفي تاريخ العالم نهبت منه مئات المليارات من الدولارات ولم يتضح لون فاسد ، بل كثروا واصبحوا مثل قطط الظلام لاتمييز بينهم فاختلط حابل المفسدين بنابل السياسيين ، ولم تقم ثورة او صولة كما وعد الرجل الذي هاج الشعب عليه في عام 2011 ليصفوه بـ (الكذاب ).
اخي الدكتور حيدر العبادي …. دعني احدثك بصراحة اليائسين ، فاليائسون لايخافون ما سيلقون ، فاقول لك اننا منذ اربعة اشهر لم نسمع منك الا خطبا ضد الفاسد ، والمفسدون مازالوا يسرحون ويمرحون في الخضراء ، لا يبالون بما سمعوا ولم يهتز لهم جفن ، وباتوا اليوم اكثر اطمئنانا من امس ، دون ان نعرف السبب ، ولعله ادراكهم بان ( طشّار ) الكلام لم ينل منهم .
المفسدون الذي اثروا معروفون مثلما يعرف الناس اسماءهم ، واموالهم تتدفق ذات اليمين وذات الشمال ، ويضحكون من دموع اليتامى النازحين وابناء الشهداء والمعوقين والارامل والعاطلين ومن لم يجد لقمة او غطاء يتدثر به اليوم ، والمفسدون ينتظرون تكريمهم للاسف باحالتهم على التقاعد ليأخذوا رواتب ضخمة وهم ينامون في بيوتهم ، او اقالتهم في اقسى عقاب لينجوا بسرقاتهم وما نهبوه ، او نقل ما تيسر لهم من ملايين الى الخارج من عقود حصلوا عليها ، واصبحوا مقاولين ورجال اعمال وتجار ، ولم يكن احدهم يحلم يوما ما بالجلوس في مطعم من مطاعم الدرجات الاولى في بغداد للفوز بغداء دسم ، او ارتداء بنطال وربطة عنق .
اخي الدكتور العبادي .. سمعتك حين قلت ( اني اكره الظلم ) فهل بعد ما حدث ويحدث من سرقات علنية لاموال الفقراء ثمة ظلم اكبر ، فمتى نراك تبطش البطشة الكبرى بمن سلبوا ونهبوا وافسدوا ، واضاعوا مستقبل اجيال عراقية .
واتمنى ان لا تكون خطاباتك ضد الفساد كخطاب وصولة ذلك الرجل الذي سبقك في مكانك ، وانت تراه اليوم وقد افلس من حب الناس ، لكنه لم يفلس من المليارات ، فاضرب ولا تخف وكن حيدرا ، كحيدر.