23 ديسمبر، 2024 4:06 م

العبادي والعهد الجديد .. ديك وتسعة واوية والمحكمة الادارية

العبادي والعهد الجديد .. ديك وتسعة واوية والمحكمة الادارية

مضت السليقة الشعبية العراقية على نهج خاص تمتاز به عن بقية الشعوب العربية كما الشعب المصري الذي يمتاز بسرعة النكتة مثلاً، اما العراقيون فامتازوا بتشبيه الاشياء بمصطلحات ارتبطوا بها هم دون غيرهم على طريقة تسمية السيارات والآليات الاخرى مثلاً.

والسياسيون كشريحة من هذا الشعب لم يخرجوا عن هذا النطاق ومن المصطلحات التي تطلق على السياسي القديم الذي له مركزاً وتاريخاً مشهور في واقع السياسة العراقية يطلق عليه (بالواو العتيق )، فاذا ما ذٌكر سياسي بهذه المواصفات بين اثنين او مجموعة من السياسيين ترى احدهم ومن باب المزاح ينطلق بالقول هذا واو عتيق اختصاراً لتاريخه ومركزه السياسي كما نوهنا، وهو اسلوب يعرف في اللغة ( بالمدح بصيغة الذم ) او ذم يشبه المدح، اي انه مدحاً وليس ذماً ولكنه بالطريقة التي اعتادت عليها تلك الفئة.

كان ظهور الدكتور العبادي على قمة الواجهة العراقية مبشراً بالخير لكثير من الامور ضمن الواقع التغييري المنشود، ومهما تكن النتائج فاننا نقولها بوضوح وصراحة لارجعة فيها ان الرجل مخلص في توجهه لخلق عراق جديد على سياق المنهج الاوربي مهما حاول البعض النيل منه والتقليل من شانه كما نلاحظ من البعض الذين اعتادوا على الانتقاد فقط وهم لايحسنون غير ذلك ومعلوم ان قيمة المرء مايحسنه.

وقد شاهد العالم كيف انبرى ديكاً وهو يصدح في ليلة السادس عشر يوم التصويت على الوزراء الامنين مؤكداً على كل مايؤمن به وبكل حزم في سبيل خط واقع اصلاحي جديد غير آبه بالجموع وكأني به يخاطب ابناء الشعب العراقي المسكين وهو يتخيلهم امامه بقوله ( من يقول لكم انه بامكان شخص ادارة ملفات كل هذه الوزارات مع مجلس الوزراء فهو واهم )، الله الله على هذه الشهامة التي افتقدها العراق وليت شعري ماذا سيجيب من يعنيه هذا الكلام وكيف تلقف اعضاء الكابينة الجديدة هذا الحزم من رجل تسلم هذه المسؤولية وهو يعلم ما يحتاجه من اصلاح للخراب الذي الم بها؟؟. انها اسئلة ستجيب الايام القادمة عليها ولكن اصبح من الواضح الان ماهو دور ابناء الشعب العراقي وكيفية ابراز هذا الدور لتحمل كامل مسؤوليته امام كل من لايروق له هذا المنحى التصحيحي.

ويكفي ان نراه وقد اكد على موضوع النظام الداخلي لمجلس الوزراء وحسمه بالسرعة الممكنة رغم انه لم يمضي على تسنمه للسلطة ثمانية ايام بينما ترك الامر من قبله ثمان سنوات. انه موضوع غاية في البساطة ولكن حسمه من شأنه تحديد تحرك رئيس الوزراء وضبطه ضمن النظام وبهذا يمكننا ان نفهم لماذا ترك الحبل على الغارب في الكثير من الامور سابقاً ولا اقلها التعيين بالوكالات ليصل البلاد الى ما هو عليه.

ولكن هذه الهمة الجادة المخلصة لايمكن لها ان تؤتي ثمارها ما لم تجد لها مناخاً ايجابياً للاستعداد في التعاون للبناء فاليد الواحدة لاتصفق كما يقال.

انني متأكد من اجابة احد الواوية العتق لو انني سألته لماذا قبلتم بمنصب وزير وانت صاحب التأريخ المعروف ورئيس التحالف ورئيس الوزراء السابق وووو… فستكون اجابته مئة بالمئة بحكم معايشتي ومعرفتي القريبة له ( انني اتعبد بذلك ) وهو السيد الجعفري. ولكن لا ادري ماهي اجابة بقية الواوية الثمان.

ان الدكاترة علاوي وروز شاويس والشهرستاني وصالح المطلق والسادة النجيفي و نوري المالكي وعادل عبد المهدي وباقر جبر الزبيدي هم الان في امتحان حقيقي امام الله وانفسهم قبل ان يكونوا امام الشعب والتاريخ فهم يعلمون اكثر مني بان للتاريخ كما للشعب عيون ولسان.

هؤلاء القادة يستطيعون بحق فعل اي شيئ يؤمنون به بل حتى انهم يستطيعون تسيير كتلهم على ما يريدون فنرجوهم ان لا تاخذهم العزة بالاثم ويدركون جيداً انها آخر فرصة لهم وفرصتهم هي فرصة العراق وان الدكتور العبادي هو الخيار الذي منَّ الله تعالى به عليهم كي يكونوا تحت عبائته لامور كثيرة عدة تتصل بشخصه وبالظروف التي يمر بها العراق وبالواقع الذي تمر به العملية السياسية بما فيه تواريخهم الشخصية.

فلا مجال الا العمل المخلص للتعاون مع الرجل لان ما نخشاه بصراحة هو وضع العصا في عجلة التصحيح المبتدأة التي ستعرقل سيرها ان بدأوها لاسمح الله ونحن ننزههم من هذا الا ان الشيطان شاطر كما يقال والحكم عقيم كما هو منقول عن هارون الرشيد والدنيا غرور وعوامل شتى وهي التي اعبر انا عنها دائماً بالمهلكات الثلاث ( السلطة والمال والمرأة )، اقول انهم وبكل صراحة بامكانهم خلق المتاعب وربما حتى افشال منهج التصحيح الجديد ولكن ماذا ستكون النتيجة؟؟؟، بالتأكيد مخالفة للهدف المعلن وهو تحقيق حكومة الفريق القوي المنسجم.

انا متأكد ولكنني ارجو فقط ليطمئن قلبي ان لايستغلوا مراكزهم هذه للضغط على الرجل في تسيير الامور كما يشتهون ونحن لانبغى الا التعاون على الطريقة الفطرية الخالصة ( كوم التعاونت ماذلت).

لقد كان مقياس شكاوى الموظفين في المحكمة الادارية في بغداد في الفترة السابقة مرتفعاً جداً وما نتمناه الان هو ان نرى هذا المقياس وقد انخفض بشكل كبير في هذه المرحلة لتطمئن قلوبنا “فهو احد المقاييس الجيدة لمراقبة وضع المسؤولين الاداري ” حينها سنقدم للجميع جزيل الشكر ويمضوا في صحفهم الاخروية تماماً كما سيسجله تاريخهم ( يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية ) فكل نفس ذائقة الموت والحليم من يتعظ.

نتمنى للمسيرة الجديدة ولابناء عراقنا الجريح كل خير وتقدم والله تعالى من وراء القصد.