ألف وسفه .. وألف يا حيف خاصةً عندما تصل الأمور ويصل الحال بقادتنا الأشاوس إلى هذا المنحدر وهذه الهاوية الخطيرة , لم نكن نتصور حتى في الأفلام الهوليودية والخيالية الأمريكية طبعاً .. بأن الأمور واصلة بين الأسياد والتابع ” لجري سعده ” كما نقول باللهجة العراقية , أي بين حكومة المنطقة الخضراء وبين أسيادهم الأمريكان .. بحيث يصل الصلف والوقاحة الأمريكية إلى هذا الحد من الاستهتار والاستخفاف بنا كشعب , وبحكومة تدعي أنها تمثل هذا الشعب .. ؟؟؟, والتي تتفاخر بأنها منتخبة من قبل أبناء الشعب العراقي في انتخابات حرة ونزيهة وديموقراطية قل لها نظير في العالم ؟؟؟, صح .. لو آني غلطان يا جماعة الخير !؟.. حتى لا يزعل علينا أصحاب الأصابع البنفسجية … !؟
ما وصلنا وما اطلعنا عليه اليوم .. شكّل لنا صدمة حقيقة , حيث كان أغلب الواهمون والحالمون بأن حكومة السيد حيدر العبادي لديها هامش من الحرية في اتخاذ بعض القرارات الوطنية والمصيرية !, المدعومة والمؤيدة بمؤازرة الشعب العراقي الذي استبشر ومازال يستبشر به خيراً , من أجل طي صفحة الظلم والاستبداد , ونهب وسرقة المال العام خلال فترة حكم نوري زاده وعائلته وحاشيته , لكن للأسف يبدو أن لا أحد يستطيع أن يتخذ أي قرار بدون الرجوع إلى مراجعه في البيت الأبيض , كما هم مراجعه في قم وطهران , وأن سكين الفيتو مسلط على رقاب الجميع مهما علا مقامه أو شأنه , وأن ليس كل ما يتمناه العراقيون حكاماً ومحكومين سيدركونه في القريب العاجل , لأن الرجل العبادي أو من كان قبله أو من سيأتي بعده سيبقون مكبلين الأيادي ومشلولي الإرادة والصلاحيات , حتى أن يتخلص العراق وإلى الأبد من الوصايتين الأمريكية والإيرانية .
الوضع ليس كما نتصوره .. أو كما يرسمه البعض في مخيلتهم بأنه وردي , والأمور للأسف تسير نحو المجهول , بل وتثير الإشمئزاز لدينا ولدى جميع المراقبين وليس الاستغراب والدهشة فقط , ليس دفاعاً عن حكومة السيد حيدر العبادي التي ولدت كسابقاتها ولادة عسيرة من رحم المعاناة والمأساة العراقية , وبقرارات وموفقات وتوافقات أمريكية – إيرانية محضة , ولكن بالرغم من أن الشعب العراقي لم يحصل أو لم يُحّقق له أي مطلب أو أي انجاز يذكر حتى هذه الساعة , بما فيها وعلى رأسها إعادة دولار واحد من أمواله المنهوبة , أو لم يتم التحقيق حتى هذه اللحظة مع أي فاسد أو قاتل تسبب في قتل أكثر من 1700 جندي في حادثة سبايكر الشهيرة وغيرها من المجازر الوحشية , ناهيك عن صفقة تسليم وبيع الموصل وصلاح الدين .
لكن هنالك ضغوط وفيتو تمارس على حكومة حيدر العبادي كي لا يخرج عن المالوف , ولسان حاله يقول بأنه حقيقة واقع بين مطرقة اللوبي الصهيوني بزعامة ” جون مكين ” من جهة , والسندان الإيراني من الجهة الأخرى , ولهذا نكاد نجزم بأن هذا الرجل مهما حاول ومهما استقتل للخروج من تحت عباءة اللاعبين الرئيسيين أو الأساسيين .. فإنه لم ولن يستطيع , ولا يوجد أمامه طريق ثالث .. فأما أن تتم تصفيته لا قدر الله وهذا ما لا نتمناه لأي عراقي حتى لو كان خصم أو كنا نعارضه , كما بدءوا يلوحون له بهذه الورقة .. أي ورقة الإغتيال !, أو سيستقيل بمحض إرادتهم وليس إرادته هو !؟؟ , والأيام بيننا .
وإلا ماذا تفسرون أو من كان منا يتصور ولو بالأحلام .. بأن الأمور قد تصل إلى هذه الدرجة من الاستخفاف بكرامة وإرادة الشعب العراقي , الذي للأسف أبسط ما يمكن أن يقال عنه بأنه نايم ورجليه بالشمس !؟.
ولهذا … هل يعقل يا عراقيين … خلكّ خرف صهيوني معتوه كـ ” جون مكين ” يتطاول علينا في بلدنا , ويهيننا من خلال الإساءة لرئيس الوزراء العراقي مهما اختلفنا معه ” حيدر العبادي ” , وكذلك من خلال وزير الخارجية ” إبراهيم الجعفري ” !؟؟؟, ويوجه لهم هذا الصهيوني الإهانات ويوبخهم في عقر عاصمتنا بغداد .. بل ومن داخل بيوتهم التي يستضيفونه فيها , كما حصل مع الجعفري, وأمام السفيرالأمريكي نفسه , الذي وبِخَ هو الآخر من قبل جون مكين , لعدم اطلاعه بشكل مفصل على مجريات الأحداث في العراق ؟, وعدم تزويده الإدارة الأمريكية بالتقارير الحقيقية .. وعن حقيقة ما يجري على أرض الواقع !؟.
لقد كنا ومازلنا وسنبقى نعيد ونكرر … بأن ماجرى ويجري وسيجري مستقبلاً لوطننا ولشعبنا منذ بداية العام المشؤوم 2003 وحتى أن يأخذ الله بأيدي العراقيين لكي يتخلصوا من تبعات وارهاصات وجرائم هذه الحقبة والفترة المظلمة , ما هو إلا تبادل أدوار في مسرحية تراجيدية , وسيرك وبازار سياسي ليس له مثيل في تاريخ جميع الشعوب والأمم التي تم غزوها واحتلالها خاصة من قبل امبراطورية الشر الأمريكية .
نعم .. الإدارة الأمريكية حتى قبل غزوها واحتلالها للعراق حاولت ومازالت تحاول تزوير وتشويه الحقائق , وتحاول الآن بشتى الوسائل أن تقنع العالم بأن العراقيين شعب رعاع لا يفهم معنى الحرية والديموقراطية , التي جلبتها لهم أمريكا وحلفائها عندما خلصتهم من النظام الدكتاتوري ؟, وحاولت ومازالت تحاول أيضاً وهي تتخبط بشكل مرتبك , لا تعرف كيف تخرج من هذا المأزق الذي وضعت نفسها فيه , أو وضعوها فيه مستشاريها وعملائها الأوائل .. كأحمد الجلبي وكنعان مكية وأياد علاوي وغازي الياور وموفق الربيعي ومن لف لفهم , وكلما حاولت أن تخرج من مطب وقعت بآخر أعمق منه .
كعراقيين مازلنا نتذكر كيف اختارت ونصبت مجلس الحكم في بداية الاحتلال كي توهم وتدغدغ مشاعر العراقيين بأن الكل سيمثل وسيشارك في حكم العراق وسيتمتع وينعم بثرواته وخيراته !؟, لكنها فشلت فشلاً ذريعاً , ونصبت بعده حكومة أياد علاوي وكيف غرقت في مستنقع الفلوجة , ومن ثم جائت بحكومة أول محاصصة طائفية وهي حكومة الجعفري وتورطت ورطة كبيرة بعد أن فجرت إيران المراقد في سامراء كي تشعل الحرب الطائفية , وبعدها جاء دور نوري المالكي بمباركة واتفاق مع إيران استمر لولايتين وكاد يستمر لولاية ثالثة لولا خوفها من انفجار وغضب الشارع العراقي , والتصدي له من قبل الإعلام الحر المنصف والمنصفين والخيرين من أبناء الشعب العراقي , والآن وبعد كل هذه الكوارث والمحّن جاء دور هذا المكرود ككبش فداء ألا وهو ” حيدر العبادي ” رئيساً للوزراء , ليصلح ما خربه نوري وأسياده على مدى ثمان سنوات , وبـ ” إبراهيم الجعفري ” وزيراً للخارجية , لترميم واصلاح وهندسة العلاقات الخارجية خاصة مع العالم العربي !؟.
لكن الأمور .. والحجي بيناتنا .. تسير من سيء إلى أسوء , ولا تبشر بخير أبداً بالرغم من التفاؤل المشوب بالحذر لدى البعض , الإدارة الأمريكية غاضبة ومستاءة جداً من أداء حكومة حيدر العبادي بالرغم من قصر عمرها , وكذلك من أداء إبراهيم الأشيقر كوزير خارجية أيضاً ..حيث كان اللقاء الأخير بين أعضاء الوفد الأمريكي برئاسة ” جون مكين ” عاصفاً بين الطرفين , وهذا يعني بأن الأمريكان بصدد اعادة تقيمهم لرئيس الحكومة وعدم قناعتهم أو رضاهم بأداء عمل هذه الحكومة خلال هذه الشهور الأربعة … ولا يهم ولا يأخذ برأي الشعب العراقي كونه أصبح صفراً على الشمال … وإنما المهم المخطط والنهج المرسوم والمصالح الأمريكية العليا خاصة بعد أن بدأت الولايات المتحدة .. بإستعادة عافيتها وهيمنتها الاقتصادية بعد هبوط أسعار البترول في الأسواق العالمية الذي تتلاعب به متى وكيف ما تشاء !؟؟.
آسف على الإطالة … ولكن أضع أمامكم هذه الحقائق الصادمة التي ستصدمكم كما صدمتنا …
استنادا الى مصادر دبلوماسية عربية التقت السناتور ماكين عقب اختتام زيارته لبغداد، فان وفد مجلس الشيوخ الامريكي عاد محبطا من العاصمة العراقية بعد ان اجتمع الى عدد من المسؤولين العراقيين واطلع على الاوضاع السياسية عن كثب، خرج على اثرها بانطباعات متشائمة عززت مخاوف الكونغرس من تدهور الحالة العراقية وانحدارها الى مستويات ليس من اليسير انتشالها منها في ظل عجز حكومة العبادي في التصدي للتحديات التي تواجهها على الصعد الداخلية والاقليمية والخارجية واخفاقها في تنفيذ اجزاء مهمة من برنامجها الذي بموجبه نالت تأييد البرلمان.وقالت تلك المصادر ان لقاء وفد الشيوخ مع العبادي كان عاصفا حيث وجه ماكين انتقادات لاذعة للعبادي وتحدث معه بلغة غير دبلوماسية وصلت في بعض مقاطعها الى التهديد وخصوصا عندما اعترف العبادي في معرض تبرير تأخره بوضع حد لقوات الحشد الشعبي وسحبها من المناطق والمحافظات السنية انه غير قادر على اتخاذ مثل هذه القرارات في الوقت الراهن لعدة اعتبارات دينية وامنية وسياسية اوضحها للمبعوثين الامريكيين ومنها ان الحشد الشعبي انتشر على الارض قبل ان يشكل حكومته وجاء تلبية لفتوى اصدرها المرجع الشيعي الاعلى آية الله علي السيستاني اضافة الى ان القوات المسلحة لا زالت تعاني من آثار سقوط الموصل وتحتاج الى مزيد من الاسلحة والتدريب لمواجهة تنظيم الدولة الاسلامية.ويعتقد السناتور ماكين الذي يرأس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الامريكي ان كثيرا من الاسلحة والمعدات العسكرية التي تبرعت بها واشنطن الى حكومة العبادي خلال الاشهر الثلاثة الماضية ذهبت الى قوات الحشد الشعبي التي تصفها الدوائر الامريكية بانها مليشيات شيعية تتبع القيادة الايرانية وتتلقى الاوامر منها.وحسب ما تتناقله هذه المصادر من معلومات يعتقد انها تسربت اليها من اوساط امريكية، فان ماكين وهو المعروف بتشدده السياسي ونزعته الهجومية حتى مع زملائه الجمهوريين، رد على العبادي بغلظة وقال له بصريح العبارة انك تحتاج الى ارادة وحزم في تسيير شؤون حكومتك وعليك ان تغادر ضعفك والا فان الولايات المتحدة الامريكية ليست في وارد تأييدك والاستمرار في تقديم الدعم لحكومتك وانت غير قادر على اتخاذ قرارات حاسمة تضفي قوة سياسية على شخصيتك وتعزز من ثبات حكومتك.
ووفق ما ترشح للمصادر الدبلوماسية العربية عن لقاء ماكين والعبادي، فان الاخير اشتكى للوفد الامريكي من مشاكسة نوري المالكي له شخصيا ولحكومته ايضا، ومما قاله بهذا الصدد ان المالكي يحرض عليه ويسعى الى تشويه سمعته في الوسط الشيعي، وانه ـ أي العبادي ـ تحدث بهذا الشأن مع المرجعية الشيعية في النجف التي طالبته بالصبر، وتكلم مع رئيس الجمهورية فؤاد معصوم الذي أحاله الى التحالف الوطني لكي يتخذ حلا لهذه المشكلة على اساس ان التحالف هو من رشح المالكي لمنصبه الجديد كنائب لرئيس الجمهورية وهو ما استغله رئيس الحكومة السابق لادارة صراعه مع العبادي.
ونقلت مصادر نيابية سنية على صلات مع السفير الامريكي في بغداد ستيوارت جونز الذي تعرض هو الاخر الى انتقادات من السناتور ماكين لتأخره في تقييم أداء العبادي وخلو تقاريره اليومية الى وزارة الخارجية من تفاصيل ما يجري على الساحة العراقية وهدده بالنقل، ان وفد الشيوخ ابلغ العبادي بان الكونغرس الامريكي سينتظر لغاية نهاية شهر آذار المقبل ويراقب أداء الحكومة الحالية في مدى نجاحها باستمالة السنة العرب وحشدهم في مواجهة دولة البغدادي، وكيف تتصرف في قضية تشكيل الحرس الوطني في المحافظات السنية حصرا، وما هي اجراءاتها بصدد تقييد حركة المليشيات الشيعية ومنعها من ممارسة انشطتها الخارجة على القانون حسب الوصف الامريكي.
اما بصدد لقاء ماكين مع وزير الخارجية ابراهيم الجعفري الذي جرى في منزل الاخير بالمنطقة الخضراء، فان المعلومات التي حصلنا عليها من مصادر في وزارة الخارجية ببغداد، تفيد بان السناتور الامريكي وبخ الوزير العراقي لان الاخير لا يداوم في مقر وزارته ولا يتابع اعمالها ويعتمد على سكرتيره وهو احد اقارب رئيس المجلس الاعلى عمار الحكيم في تسيير شؤون الوزارة، وينقل عن السفير الامريكي جونز الذي حضر اللقاء انه احس بالحرج عندما قال ماكين للجعفري وفي منزله : انت لا تصلح لتولي وزارة الخارجية في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها العراق الذي يحتاج الى تطبيع علاقاته العربية وانت حجر عثرة في هذا الاتجاه ، وهو ما دعا الجعفري الى الدفاع عن نفسه مؤكدا ان دواع أمنية تمنعه من الدوام في الوزارة ولكنه يمضي يوميا عدة ساعات وهو يتابع اعمالها ويوقع بريدها، وهو ايضا يشجع رئيس الحكومة العبادي في سياساته العربية وليس له شخصيا مواقف سلبية مع أي بلد عربي .
وتتهم مصادر نيابية وسياسية شيعية شخصيات سنية (في اشارة الى النجيفي وسليم الجبوري) بانها قدمت تقارير مضللة الى ماكين وحرضته على القيام بزيارة ميدانية الى بغداد ليطلع بنفسه على التخبط الذي يرافق عمل حكومة العبادي وفشلها في تنفيذ برنامجها الوزاري وعجز رئيسها في تبني ورقة سياسية كان اتحاد القوى السنية قد قدمها اليه في وقت سابق قبل تشكيل حكومته الحالية.