23 ديسمبر، 2024 7:14 ص

العبادي والجبوري والمتظاهرون.. مَن يقاضي مَن؟!

العبادي والجبوري والمتظاهرون.. مَن يقاضي مَن؟!

مرة اخرى عاد رئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري يلوحان بمقاضاة ومحاسبة المتظاهرين الذين اقتحموا مبنى البرلمان، وكأنهما ينظران الى هؤلاء الناس الغاضبين على أنهم أشخاص خارجون على القانون تجاوزوا على هيبة الدولة وسلطتها التشريعية..!
هنا لابد أن نطرح على السيدين العبادي والجبوري جملة من الأسئلة : من هم هؤلاء المتظاهرون الذين اقتحموا مبنى البرلمان معبرين عن غضبهم ونقمتهم على السلطتين التشريعية والتنفيذية؟ ومن أين جاءوا ولماذا؟ وبغض النظر عن كونهم منتمين الى جهة سياسية أم لا، هل هم عراقيون أم من كوكب آخر ؟! وما الرسالة التي أرادوا إيصالها الى الأشخاص الذين يفترض أنهم يمثلونهم في الحكومة والسلطة التشريعية؟
إن الحقيقة المؤلمة التي لا تخفى على العبادي والجبوري ولا على القاصي والداني هي أن هؤلاء المتظاهرين أناس فقراء ليس لديهم ما يخسروه، ولذا من السهل على أية جهة أن تلهب مشاعرهم وتحثهم على التظاهر، هؤلاء الذين استبشروا خيراً بعهد جديد وبحكومة منتخبة هم بالكاد يحصلون على قوت يومهم ويعيشون ظروفاً مأساوية في بلد يفترض أنه غني بثرواته وموارده، هؤلاء البسطاء انتظروا تحقيق حلمهم بأن يعيشوا حياة حرة كريمة منذ سقوط النظام السابق قبل ثلاثة عشر عاماً ولغاية اليوم، وكل أحلامهم اصطدمت بواقع شديد المرارة، واقع مليء بالفساد المالي والإداري في بلد لاتتوفر فيه أبسط مقومات الحياة .
نحن ضد العنف والإساءة وتخريب ممتلكات الدولة، كما إننا نرفض وبشدة تسييس المظاهرات وتجييرها لصالح أية كتلة سياسية أو جهة حزبية، ولكن لابد لنا أن نتساءل: هل ضاعت هيبة الدولة عند دخول هؤلاء الفقراء الى مبنى البرلمان؟ أم أن هيبة الدولة ضاعت بالفساد ونهب المال العام أم بترك الشعب المغلوب على أمره يئن تحت وطأة الفقر والحرمان أم بانعدام الخدمات أم بسقوط ثلث البلد في أيدي الإرهابيين ؟!
ونحن أيضاً ضد كسر هيبة الدولة وضد استخدام الجماهير وسيلة لتحقيق أهداف حزبية، ولكن ألم يقم عشرات النواب بكسر هيبة الدولة داخل مجلس النواب عندما أساءوا الى هيئة رئاسة المجلس والى رئيس الوزراء والنواب في مشهد تناقلته الفضائيات ووسائل الإعلام؟ وألم تكن تلك الحادثة عاملاً مشجعاً للجماهير على التصرف بالمثل أو أكثر؟
ختاماً، من المعيب التهديد والتلويح بمقاضاة ومحاسبة المتظاهرين الذين لاعلاقة لهم بفشل الطبقة الحاكمة في إدارة الدولة ، ونأمل من السيدين العبادي والجبوري أن يسألا نفسيهما : مَن يجب أن يُقاضي مَن ؟!