23 ديسمبر، 2024 5:54 ص

العبادي والجبوري والاختبار الصعب!!

العبادي والجبوري والاختبار الصعب!!

لم يمر العراق على طول تاريخه الحديث المعاصر بفترة صعبة كالتي يمر بها الان، فعلى الرغم من ان البلد قد مرّ باحداث وحروب متكررة ومتتابعة، الا انه لم يمر بمحنة اقتصادية وامنية معا وبدرجة خطرة تهدد كيانه ووجوده ومستقبل شعبه، فالعراق ومنذ تأسيس دولته الحديثة عام 1921 وحتى فترة ما قبل الازمة الاقتصادية كان قوة اقتصادية جبارة ومحورا تجاريا وماليا مرموقا، بل وكان ذو تأثير كبير على اقتصاد المنطقة الاقليمية وحتى العالم، وبذات الوقت كان قوة عسكرية ضاربة منذ تاسيس جيشه قبل قرابة المائة عام والى حد الان.

اليوم؛ يعيش العراق معتركا صعبا وامتحانا مصيريا يناضل فيه من اجل الحفاظ على كيانه واستقراره ووحدة شعبه واراضيه، فهو يمر اليوم بازمتين متداخلتين ومعقدتين الى حد كبير، فبعد ظهور تنظيم داعش الارهابي في مناطقه الشمالية وسيطرة هذا التنظيم على ثلث مساحته مخلفا ملايين النازحين والمشردين والالف من القتلى، مع تدمير شبه كامل للبنى التحتية لهذا المناطق بل وان معظم المدن قد دمرت بشكل كامل، يناضل العراقيون اليوم من اجل استرداد هذه المناطق وتحريرها من نير احتلال هذا التنظيم الارهابي الذي ازهق الارواح واهلك الحرث والنسل، لكن مع كل هذه التحديات وغيرها مما يعيشه العراق اليوم، تأتي الازمة الاقتصادية العالمية والمتمثلة بهبوط اسعار النفط لتضيف عبئا آخر على البلد ليكون في مأزق حقيقي وغير مسبوق.

لكن، ومع كل هذه الاخطار التي يمر بها البلد يرى العراقيون ان الامور ستكون على ما يرام، لان التغييرات وخصوصا على المستوى السياسي جاءت مناسبة وانقذت البلد من كارثة حقيقية كادت ان تودي بمستقبله ووحدته ونسيجه الاجتماعي.

 فلو نظرنا الى اوضاع العراق السياسية في الفترة من 2010 الى 2014، فالبتاكيد كانت مرحلة صعبة اذ ان النزاع السياسي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية قد وصل الى حد القطيعة واسهم في هدر الكثير من الوقت فضلا عن الاموال الطائلة دون مبرر، وخلق بيئة مناسبة لاستشراء الفساد والاصطفاف الطائفي وتدمير كامل للمنظومة العسكرية والامنية، بل وادى ذلك الصراع الى استفحال المجاميع الارهابية والمليشاوية وسيطرتها على معظم مناطق العراق وهيمنة العصابات على مؤسسات الدولة المهمة مع سكوت تام ازاء الفساد المالي والاداري، على الرغم من ان ميزانيات البلد في هذه الفترة كانت الاعلى في تاريخ العراق.

فما الذي كان سيحصل لو ان تلك القيادات استمرت في دفة الحكم الى الان وفي هذه المرحلة الصعبة؟  بالتاكيد لاصبح العراق في خبر كان واختفى من المنطقة كليا وتحول الى دويلات متناحرة مع بعضها البعض.

والحقيقة ان قيادات اليوم والمتمثلة بالعبادي والجبوري ربما اكثر هدوئا وسكينة وحكمة من سابقيهما، وافضل تعاونا مع بعضهما، لاسيما وانهما تمكنا من انهاء الحرب الاعلامية الشرسة التي ظلت مشتعلة لسنوات بين الكتل السياسية الكبرى ونجم عنها كل هذا الخراب.

وبرغم الظروف القاهرة إلّا ان الرجلين يؤديان بشكل جيد، خصوصا وان العراق لازال صامدا امام الازمة الاقتصادية، وبدأ يحرز تقدما واضحا ضد مجاميع الارهاب وتمكن من تحرير الرمادي مركز محافظة الانبار اهم المعاقل التي كان يسيطر عليها داعش وقبلها تحرير محافظة صلاح الدين، ولم يتبق الا مدينة الموصل ويكون العراق قد حرر كامل اراضيه من التنظيم المتطرف.

لذا؛ فان اجتياز العراق لهذه المرحلة يعتمد على قدرة الرجلين في التعامل مع الاحداث، وفيما لو نجحا في ذلك يكونان بالتاكيد ارقاما صعبة في العلمية السياسية خصوصا اذا تمكنا ايضا من تحييد الفساد وضربه بقوة وتخليص العراق من آفته الخطرة، وهذه مهمة يجب ان لا يغفلها العبادي والجبوري في المرحلة القادمة.