ينظر رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى التكنوقراط : ذلك الرجل الذي تجاوز السبعين عاماً وتقوس ظهره وسجد رأسه إلى الأرض وابيض رأسه وتقسم وجهه وارتعشت يده وعاشر كل الحكومات وكل الازمات في البلاد ولديه مئات الشهادات العالمية ومئات الاسماء العلمية.
يظهر ذلك واضحا في عين العبادي من التغيرات الأخيرة التي طرأت على شكل الحكومة فقد اختار أربعة وزراء(شياب) فقد تجاوز سن وزير النفط جبار لعيبي الـ(70 عاماً) بينما بلغ وزير التعليم عبد الرزاق العيسى 70 عاما ودخل وزير النقل كاظم فنجان في العقد السادس من عمره و واحتلت وزيرة الاعمار والاسكان آن نافع المرتبة الاقرب إلى الشباب فقد وبلغ عمرها 52 عاماً.
يكتفي الدستور العراقي في التحدث عن عمر رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء في مادتين صريحتين هما المادة (67): ثانياً التي تتحدث عن عمر شروط الواجب توفرها في رئيس الجمهورية التي تنص” كامل الاهلية واتم الاربعين سنةً من عمره ” والمادة 77 اولاً التي تنص ” يشترط في رئيس مجلس الوزراء ما يشترط في رئيس الجمهورية، وان يكون حائزاً الشهادة الجامعية او ما يعادلها، واتم الخامسة والثلاثين سنةً من عمره”.فيما يغض المشرع العراقي الطرف عن عمر الوزير والنائب وكذلك رئيس مجلس النواب.
بات واضح في العراق أن هناك أزمة جيلية؛ فالجيل الذي يقود العراق هو جيل عاش المعارضة والسلطة معاً واذا اردنا الوصف أكثر دقة أنه يدير السلطة بعقل المعارضة لا بعقل الدولة ومن هذا الجيل من تربى على طعم الخوف والرعب من السلطة فتراه يبحث عن التبعية والظلية دائماً وبطبعية الحال يمكن الاستفادة من الجيل الذي تجاوز العقد الخميسن في البرلمان والقضاء والتخطيط بينما هناك ضرورة واسعة نحو تطبيق مشروع إدارة الشباب لاسيما أن ذلك يتطابق مع التقارير الأممية التي تقول أن العراق بلد شاب.
يتحدث القران الكريم عن الشباب بأريحة وثقة فتارة يقول (إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى وربطنا على قلوبهم) وتارة يقول (واتيناه الحكم صبيا) ومرة يقول “حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة”.
الواقع المرير يقول أن هناك كتلاً سياسية عجوز تسعى إلى تصغير الجهود الشبايية وتحويل الشباب في العراق إلى قوة نصف قوة في المدار السياسي والحكومي في البلاد.
فشلت الحكومات العراقية بعد نيسان 2003 بما فيها حكومة حيدر العبادي فشلاً غليظاً في تحقيق التنمية البشرية في المجتمع والانتفاع من الشباب كقوة أساسية في تحقيق الإصلاح الجذري في الدولة العراقية، الدولة التي مازال نشاطها شيابي وعجوز لايتناسب على الأطلاق مع الجهود الداعية لتحقيق الإصلاح ويحكي واقع الحال أن الدولة بكل مؤسساتها بما فيها وزارتا الشباب والتخطيط فشلت في تحويل فئة الشباب إلى رأسمال بشري متحرك نحو الامام لانها ماتزال تفكر في عقل تكنوقراطي عجوز وكسول لايبني دولة ولاينمي مجتمع.
في هذه الحكومة أربعة وزراء شباب فقط هم محمد شياع السوداني ووزير الزراعة عبد الفلاح حسن اللهيبي و ووزير الهجرة ووزير الشباب عبد الحسين عبطان لكن بعضهم تعامل مع الوزارة بطريقة عجائزية غريبة ولم ينفع عمره الشبابي في تخطي العقل العجوز في إدارة الدولة.
لايعني ماذكر اعلاه هو عداء للشياب ورفض تسنمهم السلطة في البلاد فهم اهل الخير والبركة ،لكن يأتي من باب: يصلح الشباب مفاسد الشياب في 13 عاماً من الاعوجاج في العملية السياسية والعوق في الاداء الحكومي !