22 ديسمبر، 2024 2:40 م

العبادي والترحيب الكبير هاج الجن وتكالبت الشياطين

العبادي والترحيب الكبير هاج الجن وتكالبت الشياطين

ما ان تم الاعلان عن تكليف العبادي حتى تعالت  التعليقات واتخذت اشكالا عدة ومن المفيد رصد طبيعة هذه التعليقات والوقوف على مغازيها.
اول ذلك الترحيب  الغربي الواسع بالعبادي والتهنئة التي ارسلتها له الولايات المتحدة واوربا والسعودية ودول عربية اخرى وهذه كلها ارادت ان تقول له لم نكن راضين عن المالكي وسياساته والان نعطيك فرصة وسنسعى لتسويقك لا بعتبارك مناضل قديم في حزب اسلامي اصولي اصبح طائفيا في ممارساته الاخيرة  وكان المالكي خير معبر عما آل اليه حزب الدعوة من فكر وممارسة  ولكن سنسوقك باعتبارك ابن عائلة عراقية برجوازية مثقفة حصل على شهاداته العليا من جامعات بريطانية مرموقه وعاش اكثر من ثلاثين عاما  في دولة من ارقى الدول في ممارساتها الديمقراطية وانه رضع هذه الثقافة وشكلت فكره ولا باس من وجوده في حزبه  القديم فذلك عنصر قوة له . فهل العبادي فعلا كذلك؟
لا يمكن الاقتناع بهذه الصورة التي رسمها الاعلام الغربي ولكن امريكا بترويجها لهذا لا يعنيها مدى صدق الصورة بقدر ما يعنيها الرسالة التي تريد ارسالها له انك امام احد اختيارين اما ان تبقى دعوجي اصولي فيصيبك ما اصاب سلفك واما ان تنهج نهجا جديدا وايدينا مفتوحة لك وقد اوعزنا لاتباعنا في الخليج ان يفتحوا ابوابهم لك.
انا متأكد ان العبادي سيفكر في هذه الرسالة مليا ولكنه سيتداول سرا مع حلفاءه الحقيقيين في ايران ان كيف نستفيد ونخدع الامريكان وعرب الخليج لنحوز على دعمهم ونخدع الشركاء الاخرين من كرد وسنة ان اصبروا علينا ودعونا نرتب الاوراق ولا تخشون شيئا فامريكا هي الكفيل.
ذهب اخرون للحديث عن شخصية المالكي ابن القرية الذي تربى على يد مخابرات ايران والاسد والفقير الذي كان يستجدي المال في ايام غربته وكيف صنعت هذه السنوات شخصيته المعقدة ويقارنها بسيرة العبادي ليتعالى تفاؤله في التغيير القادم وفاته ان التغيير يرتبط بعوامل ادناها الصفات الشخصية للرئيس الجديد
اما اعلام السنة فقط وجد في بعض ما كتبه الغربيون من تحليل ومهمات قادمة واشتراطات الاسناد الامريكي  فرصة لكي يطلقوا لاحلامهم الخيال فصاروا يدبجون المقالات ويسطرون المطالب التي على العبادي القيام بها وهم يرتكبون هنا خطأين
الاول افترضوا ان ما حصل هو انقلاب ضد المؤسسة الشيعية الحاكمة وان هناك تغيير جذري سيتحقق بدعم امريكي
الثاني انهم جعلوا سقف الطموحات السنية عاليا وهذا سيؤدي الى اخطاء سيقع فيها المفاوض السني في عملية تشكيل الحكومة وسعطي فرصة لتقدم العناصر المصلحية  على حساب العناصر المبدئية
وسيقع المواطن السني بخطأ الوعد الحكومية  ومن ثم سيتعرض للاحباط الذي يدعوه لرفض العملية السياسية وان يذهب الى التطرف وسيكون قاسيا على من سيعتبرهم خدعوا بوعود لن تتحقق
ما الحل اذن
الحل هو في الادراك ان هناك صراع طويل الامد لكي  يتحقق للعراقين ما يريدونه من امن واستقرار وعدالة ورخاء ويقتضي صبرا كبيرا من الساسيين والمواطنيين على حد سواء ، وليس بامكان احد ان يصنع المعجزات في بلد هاج فيه الجن وتكالبت عليه الشياطين