كلّ شيءٍ في العراق باتَ يتوجّب النظر اليه من اكثر من زاوية , باستثناء قطاعات وشرائح اجتماعية كبيرة ممّن لم يتلوثوا ” ولا يمكن ان يتلوثوا ” بنهج الأحتلال الأمريكي – البريطاني منذ سنة 2003 والى يوم يبعثون , وكذلك مناعة هذه الجماهير من التعرّض و الأصابة بفيروسات العملية السياسية – القيصرية وما تحمله من ميكروبات لا تقتصر على الجوانب المالية الحرام او المحرّمه .!
بِعَودٍ الى العنوان , فسيّد حيدر جواد العبادي هو ” دعوجي ” بأمتياز , حيث انتمى الى حزب الدعوة وهو في سنّ الخامسة عشر عاماً .! , وهذا له اكبر واعظم التاثيرات السيكولوجية والفكرية + التعبوية في عدم قدرته على اتخاذ قراراتٍ تتطلب الحسم في كثيرٍ من الشؤون الداخلية والخارجية في ادارة الدولة , ويتجسّم ذلك بشكلٍ مضاعف بأنّ مكوثه ودراسته التقنية في بريطانيا لنحو ربع قرنٍ من الزمن في مجتمعٍ متفتّح , فأنها لم تغيّر من آفاقه المحدده بالأطار الدعوجي ! , وما ادلّ على ذلك هو تحالفاته الأخيرة الضيقة الأفق والبعيدة كلّ البعد عن المفاهيم الوطنية المجرّدة , والمتقوقعه في الزوايا الطائفية – التأريخية الشديدة الضيق .!
أما معارك التحرير والأنتصار فيها على تنظيم الدواعش , فالبرغم من انها محسوبة على السيد العبادي , لكنّ لو كان ايّ رئيسِ وزراءٍ آخر ” من غير رؤساء الوزراء السابقين ” قد اتخذ قرار الشروع بتلك المعارك وبذات الظروف السياسية والأقتصادية والعسكرية , لكانت نتائج الأنتصار في المعارك واحدة , فقد كانت ارادة القتال في اعلى جهوزيتها لدى القوات المسلحة وبوجود قادة عسكريين اكفّاء , وكان اداء القطعات العراقية شرساً في مقاتلة الدواعش , ولا نغفل الدور الغربي في الأسناد الجوي والمدفعي وخصوصاً الأستخباري لإنجاح المعركة .
وَ رئيس الوزراء كان قد حصل على الدعم العربي والدولي منذ الأيام والساعات الأوائل لتسنّمه رئاسة الوزراء في عام 2014 ” ولم يكن قد قدّمَ شيئاً او منجزاً بعد ” , لكنّ ذلك الدعم كان فقط نكايةً بنوري المالكي لا اكثر .! , لكنّ العبادي المحاط بمراكز القوى من احزاب الأسلام السياسي لم يتمكن من استثمار ذلك الدعم العربي – الغربي نتيجةً للتأثيرات الأقليمية من شرق الحدود , ولا ايجاد حالة من التوازن النسبي بينها وبين والأدارة الأمريكية , بالأضافة الى التأثيرات النفسية المتراكمة في العمل الحزبي – الديني المغلق الآفاق .!
ومع تعاطفٍ وتأييد نسبي وجماهيري بعد القضاء على داعش وعودة المحافظات والمدن المحتلة من ذلك التنظيم , لكنّ نقطتين ستراتيجيتين وقفتا بالضد من رئيس الوزراء , واولهما جموع الآلاف المؤلفة من النازحين وعوائلهم والذين اضحوا يشكلون مأساةً انسانية قلّ مثيلها في العالم , وافتقد العبادي القدرة على حلّ هذا الملف الأنساني – الوطني الأسهل من القضاء على الدواعش ! , أما النقطة الساخنة والمتوترة الأخرى , فكانت وكأنّ العبادي يعمل بالضد من نفسه .! , فقد خلت قائمته وتحالفاته الأنتخابية من الغالبية العظمى من مكونات الشعب العراقي < الذي كان من مكوّنٍ واحد قبل الأحتلال الأمريكي > , وحشر رئيس الوزراء موقعه ونفسه في الزاوية الضيقة التي لا تليق بأيّ مسؤول , ومهما كان .! ويبدو أنّ لذلك اسباباً تراكمية ولا تخلو من تأثيراتٍ من خارج الحدود , ودونما حدود .!