22 ديسمبر، 2024 9:58 م

العبادي: لا جبر ولا تفويض؛ بل مسألة بين إثنتين

العبادي: لا جبر ولا تفويض؛ بل مسألة بين إثنتين

لا شك إن المظاهرات باب من أبواب الديمقراطية الحقيقية؛ وحرية التعبير عن الراي، وهذا الأمر قد كفله الدستور العراقي، وخير دليل على ذلك ما نشاهده هذه الايام الحراك الشعبي الهائل، الذي يخرج بعد صلاة الجمعة وسماعه توجيهات المرجعية الدينية؛ التي حثت السلطة التنفيذية بالضرب بيد من حديد على أطناب الفساد، وقطع رأس الأفعى التي جثمت على صدورنا منذ عقد، وإعاقة تقدم البلد وعطلت معظم القوانين المهمة، التي تهم مصلحة المواطن البسيط.
بعض الأحزاب وأيتام السلطة ومهرجي الإعلام، أعدوا هذه المظاهرات بالثورة وإنقلاب الشعب على الحكومة؛ التي إنتخباها في 2014، وركب موجتها في الايام الأولى لحرفها عن مسارها الحقيقي، وأهدافها المنشودة لتصحيح وتقويم العمل السياسي، ومحاسبة المفسدين والفاسدين في جميع مفاصل الدولة، وتشذيب الترهل الكبير والبيروقراطية والمحسوبية، وغلق مشارب الفساد التي أنشأتها سقيفة أربيل عام 2010، التي جاءت ب 42 وزير ومجالس إسناد وصحوات، ومجالس مصالحة وشيوخ الدمج ودرجات خاصة، ومستشارين بالجملة ووكالات للأحزاب.. الخ.
هذه السيول البشرية الهائلة في بغداد والمحافظات الجنوبية؛ التي لا تخرج حتى تسمع توجيهات المرجعية الدينية، من خلال خطبة الجمعة في الصحن الحسيني الشريف؛ وهذا دليل وأضح على إن هذه الجماهير هي أتباع المرجعية ولا شك في ذلك، وأتباع المرجعية هم إسلاميين قطعاً، فمن أراد أن يوجه بوصلة الجمهور ضد المرجعية ومن يقف معها؛ ويرمي الاخطاء والإنهيارات الأمنية والإقتصادية، والفساد الإداري والمالي، برقبة المرجعية والتيارات الإسلامية التي تمثلها، فهو غارق في غيبوبة الحزب والأموال المغتصبة.
الدعم الذي حصل عليه السيد العبادي، من المرجعية الدينية والشعب العراقي والقوى الوطنية، لا يعني ضرب القانون والدستور، ولا يعني القفز على إرادة الأخرين أو الغاء مكون أو طائفة، أو حزب مشارك في العملية السياسية؛ وإنما التفويض لتطبيق القانون والدستور، الذي” أهملته” الحكومات السابقة وعطلت معظم البنود، التي تنفع المواطن وتصب في مصلحة البلد؛ الذي مزقته الطائفية والحزبية والقومية، نتيجة القرارات الإرتجالية والسياسة المراهقة، التي بنت نظرية حكمها على الإنفعالات، والإتهامات والتخوين للأخرين.
إن ما حصل علية السيد العبادي من تأييد وتفويض، لم يحصل علية شخصية سياسية حكمت العراق منذ قرون، وهذا التفويض الكبير سلاح ذو حدين كما يقال؛ أما تقتل فيه الطائفية والحزبية، وتجفف منابع الفساد وتحرر العراق، وترتقي به إلى مصاف الدول المتقدمة، يعيش بحرية وسلام خالي من لغة الدم، والمفخخات والمهاترات الحزبية والطائفية؛ وأما يقتلك تحت عنوان الحزب ومستشاريه، الذين أغرقوا قارب الحزب والعراق بالكامل خلال ثمان أعوام.