هل يمتلك حيدر العبادي , شجاعة وإرادة وحزم صدام حسين ومحمد بن سلمان , في تحديد الشخصيات الفاسدة وحصرها في مكان واحد , ثم تضييق الخناق عليها وبالقانون , لاسترداد ولو بالحد الادنى ما نهب طيلة الاربعة عشر عاما .. وهل يخشى العبادي تصفيته قبل النطق بأسماء مافيات الفساد , أو أنه ينتظر الاقتراب من موعد الانتخابات التشريعية ليعرض على الشعب العراقي نتائج فريق التحقيق الدولي لمتابعة الاموال العراقية المهربة الى الخارج , والبنوك التي تعاملت وسهلت تحويل المليارات الى بنوك أجنبية خارجية ..
الجواب قطعا , لا .. فالعبادي لا يمتلك المؤهلات والرغبة الصادقة في مواجهة حيتان الفساد , وهي الصفحة المكملة لحيتان الارهاب , التي أستطاع القضاء عليها بمعاونة داخلية وخارجية .. وهو يدرك جيدا , أن الشعب العراقي قد ينقلب عليه بمجرد المساس برمز فاسد , يضيع نجاحه ومقومات إعادة وجوده ثانية في الساحة السياسية .. والذي يدعو الى السخرية , أن العبادي نفسه يعرف شخوص الفساد والمصارف الاهلية التي تعاونت في تحويل الاموال العراقية الى الخارج , وأموال النظام السابق التي أختفت حال رفع الوصاية عنها , وذهبت في جيوب السحت الحرام , ولانه كان رئيس اللجنة المالية النيابية فهو مضطلع عن كثب على حجم الفساد المالي والادراي في العراق , ألا أنه سيكتفي بالاسماك الصغيرة في المرحلة المقبلة دون التحرش بالحيتان المفترسة ..
حيدر العبادي لا يمتلك شجاعة صدام وقوة بن سلمان في إتخاذ القرار , لانه يخضع بشكل يومي لضغوطات داخلية وخارجية , وليست لديه قاعدة شعبية كما عند نوري المالكي ومقتدى الصدر مثلا , يستند عليها لبدء الاصلاحات المزعومة , وقد يتعرض لمحاولة إغتيال أو تصفية جسدية أو يبلعه حوتا , بمجرد التحرش بهؤلاء الناهبين ..وكل المؤشرات تثبت أن العبادي يريد المحافظة على الانجازات التي حققها , والدخول في قائمة منفصلة عن المالكي في الانتخابات القادمة , ولا يريد خوض صراعات مع أية جهة أو حزب أو شخصية , تضعف من رصيده الشعبي ودوره المؤثر في الساحة السياسية ..
مهمة فريق التحقيق الدولي عن الاموال العراقية المهربة ( وهي مكاتب عالمية ) , خلاصتها ليست ملزمة التطبيق على أرض الواقع , فهي تحدد المبالغ المهربة إجماليا وتواجد بعضها في البنوك الخارجية وكيفية إدارة غسيلها وتبيضها , وبالمقابل تحصل هذه المكاتب على نسبة قد تكون خمسة بالمائة من مجموع المبالغ المهربة , وهي الى حد ما تشبه العديد من اللجان الحكومية والنيابية التي توصلت الى نتائج ختامية , ألا أنها تركن في مستودعات الحفظ ..
العراقيون لا يحتاجون الى من يرشدهم للشخصيات الفاسدة والفاشلة التي دمرت البلاد والعباد , فهؤلاء محصورون في قصور فينسيا وفكتوريا بالمنطقة الخضراء , وما زالوا يعبثون في مصير الوطن , عبر تشريعات سخيفة , الغاية منها إلهاء الشعب وتخديره بقضايا سمجة , لتمرير ما يريدونه من قوانين تحكم قبضتهم التسلطية ودفاعا عن ديمومة أحزابهم الوقحة ..
المصيبة في العراق , أن هذه الاحزاب المتسلطة منذ أربعة عشر عاما , ( في التحالف الشيعي وإتحاد القوى السني والتحالف الكردي ) متهمة بالفساد والتحايل وقشمرة الشعب عبر صفقات وهمية ومشاريع على الورق , وتأسيس مفوضية للانتخابات تابعة لتلك الاحزاب الفاسدة , وقانون إنتخابي تمت صياغته بكل عناية وجهد , فالذي يخرج من الباب سيدخل عبر الشباك , ولكن بهيئة أخرى وباسلوب جديد تحت يافطة المدنية .. واللافت للنظر أن هنالك من وعاظ السلاطين والحاشية المنتفعة وصحفيي زمن جيجو , من يروج لهؤلاء الحرامية في مواقع التواصل الاجتماعي , وهنالك من ينشأ حاليا مواقع في الفيسبوك وتويتر لبث الدعاية المبكرة للاحزاب التي فشلت فشلا ذريعا في إدارة حكم العراق , ونهبت خيراته وأوصلت الانسان العراقي الى أدنى مستوى من الفقر والعوز والمرض ..
ولو قدر لهذه الاحزاب والعوائل الاقطاعية الناهبة الوصول مرة أخرى الى سدة الحكم , فأعلموا أن تقسيم الوطن قادم لا محالة , والمجرب لا يجرب …