زيارة الدكتور حيدر العبادي مؤخرا الى الولايات المتحدة الامريكية قد وضحت للإدارة الجديدة العديد من الحقائق لعل ابرزها هو عدم قدرة العبادي على إدارة ملف استقرار الموصل بعد داعش ( فالرجل لا يملك القدرة ولا البصيرة ولا قوة المواجهة ) وهو لا يصلح ان يكون رجل أمريكا في العراق هذه الصفات وغيرها وردت في تقرير اللجنة المختصة بتحليل أداء شخصية العبادي اثناء الزيارة وخلال الحضور الشخصي له في المعهد الأمريكي للسلام .
تمتاز الدول المتطورة بمراقبة أداء رؤساء الحكومات ودراسة شخصياتهم وسلوكياتهم من خلال عدد من المعاهد والمؤسسات والمراكز والشركات المختصة بذلك وتعتبر الولايات المتحدة الامريكية واحدة من افضل الدول في هذا المجال ، اما التقرير الذي تم رفعه الى الإدارة الامريكية الجديده فقد احتوى على العديد من المغالطات والمبالغة والكذب ولا ينسجم مع تقارير الاستخبارات الأسبوعية الواردة من داخل العراق ومن الموصل تحديدا ، فمثلا ذكر العبادي انه تم إعادة تأهيل ٢٥٠ مدرسة في الجانب الأيسر من الموصل فقط ! في الوقت الذي تمر به وزارة التربية في مأزق طبقا لتقارير اليونسكو بسبب عدم توفير ابسط مستلزمات التعليم الأساسية من كتب ومناضد ومختبرات ولوحات هذا بالإضافة الى النقص الحاد في المعلمين واكتظاظ الصفوف في المحافضات المستقرة فكيف تمكن من إعادة تأهيل هذه المدارس خلال شهر واحد، وفي منطقة تعتبر لحد الان ساحة عمليات ! طبعا الامريكان من عاداتهم تحري المعلومة وتمحيصها، وعلى عجالة ورد الرد من خلية الاستخبارات في الموصل ان هذا الادعاء كاذب بل ان العراق نفسه طلب مبلغا كبيرا من الدول المانحه تحت حقل إعادة تأهيل المدارس التي تضررت اثناء العمليات في الموصل ! وتوالت الهفوات فكان خطاب السيد العبادي في اجتماع دول التحالف لمحاربة داعش اكثر غرابة ، وبدا كأنه يتكلم عن دولة غير العراق ، ويصف قوات مسلحة ليست قوات العراق ! فوصف الجيش مثلا بانه يقاتل ويحررالمدن ويعيد البنى التحتية ويعيد الطرق والكهرباء ! في حين انهم يعلمون تماما ان هناك إخفاقات كبيرة ميدانيا كما ان تنظيم الجيش العراقي لا يمتلك مثل تلك الامكانيات الهندسية ! وان تقارير الاستخبارات الامريكية تشير الى تدمير شبه متعمد للعديد من محطات تحلية المياه ومحطات توليد الطاقة الكهربائية والبنى التحتية من قبل الجيش والشرطة الاتحادية او المليشيات حيث اشر التقرير انهما يرتديان نفس الزي العسكري ويتنقلون بنفس الاليات ، ! وهناك مدن محررة منذ عام تقريبا لم تتمكن الحكومة من إعادة تأهيل بناها التحتيه بكل ما تمتلكه من مؤسسات في صلاح الدين والانبار وجنوب بغداد ! المغالطات كثيرة وعديدة ولعل كاتب الخطاب نسي انه موجه الى الدول التي تشكل قوات التحالف لمحاربة داعش في العراق وسوريا أي ان لديهم قوات عسكرية في الميدان وايضا لديهم خلايا استخبارات تنقل لهم الموقف من ساحات المعارك يوميا ويعلمون يقينا مالذي يجري وماهو حجم الانتهاكات وكيف يتم القتال
وكيف هو أداء القوات العراقية على اختلاف مسمياتها . همس لي احد الأصدقاء حينما كنا نتابع الخطاب بتوصيف رائع فقال ( يبدو ان العبادي جلب معه خطابا كان سيلقيه امام البرلمان العراقي وليس امام محفل التحالف الدولي لمحاربة داعش اللي مفتحين باللبن ) !
الكذب يعتبر من اسوء الصفات التي يمقتها المجتمع الأمريكي والمؤسسات الإدارية فهم يقبلون كل امر الا الكذب او التزوير في الحقائق فانت بامكانك ان تزور خط خدمة ( سي في ) مثلا ولكن سرعان ما يتم كشف ذلك ويثبت في صفحة تاريخك انك مزور وكاذب ولن تجد لك أي عمل في كافة انحاء الولايات المتحدة الامريكية . فكيف الامر اذا كان الشخص المزور للحقائق هو قائد لحكومة وهو يحاول خداع المتحالفين معه وتشويه الحقائق مع انهم جميعا يتبادلون نفس المعلومات الاستخباراتية والمخابراتية !
التقرير الذي سبق الإشارة اليه توصل الى خلاصة استنتاج مفادها ان الدكتور حيدر العبادي لا يمكن الوثوق به كرجل مرحلة وليس بمقدوره تحييد المليشيات ولا الحشد الشعبي لانه أضعف من ذلك وان الفساد في كابينته الوزارية يؤثر على عمليات إعادة الاعمار للمدن المحررة وما تحدث به عن الإصلاحات ومحاربة الفساد ماهي الا جمل إعلامية لا تمت للواقع بصلة بل ان نفس المعهد الذي استضاف السيد العبادي ذكر بعد يومين فقط ان الحكومة العراقية ليست لديها أي رؤية لما بعد داعش ولا تمتلك أي خطط لاعادة الاستقرار ولا للتلاحم المجتمعي بل وحتى لنوع الحكومة المحلية القادمة والتي بإمكانها حل إشكاليات التنوع المجتمعي والأقليات وحل الاشكال مع الكرد .
الوقوف امام المحافل الدولية هو حرفة وفن لا يعلمه اقزام السياسة ونقل الحقائق اصبح من المسلمات خصوصا في عصرنا الحالي حيث كل حركة مراقبة ومرصودة الكترونيا وفضائيا وميدانيا ، وان القائد الذي يخادع في خطابه بالتاكيد يخادع في اداءه .. وكم من قائد فذ حصل على كبريات المغانم من خلال وقوفه امام المحافل الدولية مطالبا بنصرة قضية شعبه بصدق وأخلاص وشرف ، ورحم الله المهاتما غاندي النموذج الرائع للقائد الأب .
طبعا عاد العبادي للعراق رافعا راية الفتح موهما بانه قد حصد التأييد المطلق وأتمنى ان يسمع ماقيل عنه بعد المؤتمر هو وفريقه المرافق فطاحل الإدارة والسياسة ، ومن بين ما سمعناه هو ( بعد خروج العبادي من قاعة مؤتمر التحالف اخذ يسأل وفده المرافق والسفير العراقي بل وحتى اعلاميي العراق الحاضرين وافراد حمايته بجملة ( ها شلوني ) وطبعا الوعاظ والمتحذلقين يخبروه باروع جمل المديح ( وانت وبس ، والحكوك تريد حلوك ، وعاشت ايدك ) وان كنت تدري فتلك مصيبة .. وان كنت لا تدري فالمصيبة أعظم .