ترقبنا ظهيرة الأثنين بشغف؛ كل شيء يسير بِبطء، حتى عقارب الساعة، كأِنها تراقب المشهد هي أيضاً، وتوقفت عن الدق! ولم نعد قادرين على تحمل السجالات العقيمة، وإثارة التكهنات بين محبي هذا وذاك، في معرفة من سيتولى منصب رئيس الوزراء؛ فالتغيير، ربما يكون معجزة؛ والأخيرة حضرت بتولي” العبادي” هذا المنصب بعد ترشيحه من قبل الكُتل المنضوية داخل التحالف الوطني، والكُتل الاخرى.
لم يكن تكليف العبادي، مجرد إملاء فراغ سياسي، بعد إرتفاع وتيرة الجدل داخل التحالف الوطني، وأنما كانت هنالك مقبولية، وتوافقية، عن شخصية رئيس الوزراء الجديد، فهذا بحد ذاته نجاحاً يُحسب للقوى التي ساهمت في توثيق التداول السلمي للسلطة، والرغبة في تغيير المناخ السياسي المتعكر طيلة السنوات الثمان، والجو المشحون طائفياً، والذي أصاب جسم الدولة من قدميه حتى النخاع، بأمراض سياسية هددته بِبتر بعض أجزاءه، ولايزال يعاني خطر التهديد.
قد تعافى الحكومة في حقبة ” العبادي” شريطة، أن تكون الكابينة الوزارية بعيدة كل البعد، عن التحزبية، والتحاصص، وإعتماد أناس مهنيون في تولي إدارة الوزارات، وترشيق الحكومة، وتشكيل فريق قوي منسجم، يضم كافة المكونات، والإستفادة من تجارب الفشل في الحكومات السابقة، وكيفية التعامل مع مجتمع متعدد الطوائف، والأديان، ووضع الحلول الفورية، سياسياً، وعسكرياً، لتطهير محافظات تعيش في هذه اللحظة زمن العصور البدائية؛ جراء وطأت عصابات داعش، وشريعة الدم التي تمارسها، في حكم الخلافة، والبيعة للخليفة(المنفيس) الجديد!
قد تكون صناعة الأمن مُعجزة البلاد برمتها، ونتيجة الفشل المتوالي، لازالت صناعته مزيفه، ولازلنا غارقين في وحل الدماء، فهل يلعب العبادي دور المُنقذ هذه المرة، وينجح سياسياً، وعسكرياً في كسب الحرب، وتحرير الأراضي التي بحوزة عصاباتِ داعش؟!
مُهمة” العبادي” في رئاسة مجلس الوزاء الجديد، ليست بالسهلة، بل هناك موجات من التحديات، والأزمات، تتطلب تكاتف القوى السياسية، والإبتعاد عن ثقافة الإنتقام، المتوارثة من الحكومات السابقة( راح أبو السبح.. جاء أبو الكبة) هذه الثقافة لاتجدي نفعاً أبداً، بل تكون ضراً، في جعلنا نتصارع في دومات الزعيق، والموت، حتى تأتي حكومةٍ جديدة أخرى، وكأن شيء لم يكن؛ لنبقى( نفس الطاسة ونفس الحمام) ولم يتغير شيء في واقعنا المرير!
قد يكون تكليف” العبادي” فسحة من الأمل، ينتظرها العراقيين، فهم يترقبون التشكيلة الحكومية الجديدة، التي قد تلبي طموحاتهم في العيش بأمن وأمان؛ أو قد تجعلهم يتباكون على ما قبلها، لكن حتماً سيكون لديهم بصيص أمل، فالتغيير ورقة ليست خاسرة.