23 ديسمبر، 2024 10:26 ص

العبادي غير مؤهل لأن يقود مسيرة الإصلاح..وإليكم الأسباب

العبادي غير مؤهل لأن يقود مسيرة الإصلاح..وإليكم الأسباب

منذ توليه رئاسة الحكومة في الثامن من أيلول العام الماضي لم يتوقف السيد  حيدر العبادي عن القول مراراً وتكراراً , سراً وجهاراً بأنه يريد القيام بإصلاحات جذرية وشاملة , وينوي الكشف عن كل ملفات الفساد ومحاربة جميع الفاسدين والمقصرين . ولكنه كان يستدرك دائماً فيقول بأنه لا يستطيع القيام بخطوة واحدة في سبيل الإصلاح لأنه مكبل بالمحاصصة الطائفية والحزبية , ولم يحصل على أي دعم يذكر من شركائه في العملية السياسية .
وبعد الإحتجاجات الشعبية العارمة التي شهدها العراق , وما قيل عن دعم وتفويض الشعب والمرجعية الدينية المطلق له كان المتوقع من العبادي أن ينتهز هذه الفرصة السانحة ويشرع فوراً بالقيام بما ظل يعد به من إصلاحات فيحل الحكومة ويشكل حكومة مصغرة جل أعضائها من ذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة , ويقيل رئيس مجلس القضاء الأعلى المسؤول عن التستر على الكثير من ملفات الفساد ويحيله إلى القضاء , ويبادر إلى محاسبة كل المسؤولين المتورطين بقضايا فساد , ومعاقبة كل المتهمين بسقوط مدينة الموصل ومدن عراقية أخرى بيد تنظيم داعش وعلى رأسهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي .
ولكن السيد العبادي خالف كل التوقعات ولم يتخذ سوى بعض الإجراءات البسيطة والخجولة التي لا ترقى إلى أن تسمى إصلاحات .
وبطبيعة الحال إن موقف العبادي هذا قد أصاب الكثيرين بالإحباط , وفاقم يأسهم مراتٍ ومرات , وجعلهم يوقنون بأنه غير جاد بالمرة بمحاربة الفساد , ولا نية لديه مطلقاً بالقيام بأي إصلاح . ولكن الغريب في الأمر إن البعض مازالوا يدافعون عن العبادي ويقولون بأنه يحتاج إلى مزيد من الوقت حتى يفي بما ظل يعد به . وعلى ما يبدو إن هؤلاء على أعينهم  غشاوة وهم بحاجة إلى أن نذكرهم ببعض الحقائق المهمة حتى يستفيقوا من غفلتهم ويدركوا الأمور على حقيقتها .
أول هذه الحقائق هي أن السيد العبادي وصل إلى السلطة بناءً على اتفاق وتوافق كتل وأحزاب السلطة وليس بناءً على رغبة الشعب . ومن البديهي أن يكون ولاء العبادي لهذه الكتل والأحزاب التي أوصلته إلى هذا المنصب الذي لم يكن يحلم به مطلقاً أقوى بكثير من ولائه للشعب .
 وقبل ذلك كانت كل هذه الكتل والأحزاب ترفض رفضاً قاطعاً الولاية الثالثة لنوري المالكي . وفي ظل إصرار دولة القانون على التمسك بمنصب رئيس الوزراء كان المخرج الوحيد أمام هذه الأحزاب وعلى رأسها كتلة التحالف الوطني هو البحث عن بديل للمالكي من داخل دولة القانون بشرط أن لا يكون مستبداً ومستأثراً بالسلطة مثله ,والأهم من كل هذا أن يكون ضعيفاً وتسهل إزاحته عند الضرورة . وكان الشخص الوحيد الذي تتوفر فيه كل هذه الصفات هو حيدر العبادي ولهذا تم الاتفاق على توليه المنصب .وهذا الكلام لم نأتِ به من عندنا فقد جاء على ألسنة أعضاء بارزين في دولة القانون وفي أكثر من مناسبة .
وقبل توليه رئاسة الحكومة كان العبادي يشغل منصب رئيس اللجنة المالية في البرلمان وهذا يعني إنه على علم وإطلاع كامل على كل ملفات الفساد ويعرف جميع الفاسدين بأسمائهم ولكنه وطيلة شغله لهذا المنصب لم يبادر إلى استجواب أي مسؤول أو وزير متهم بالفساد . وحتى خروجه من اللجنة المالية كان الكثير من الوزراء والمسؤولين الفاسدين مازالوا لم يقدموا كشفاً بذممهم المالية .
بناءً على كل ما ذكرناه نقول إن العبادي لا يمتلك القدرة والمؤهلات التي تؤهله إلى أن يكون رجل إصلاح . فالإصلاح يحتاج إلى زعيم وطني صلب وقوي وشجاع ينتمي إلى شعبه أكثر مما ينتمي لحزبه وذو قدرة وجرأة على اتخاذ القرارات المصيرية الحاسمة في الوقت المناسب .
ولقد أثبت العبادي للجميع إنه لا يمتلك صفة واحدة من هذه الصفات . ولعل خير دليل على ما نقول هو إن العبادي لم يستطع حتى هذه اللحظة الوفاء بأبسط وعد من وعوده الكثيرة ألا وهو شمول بيوت السادة المسؤولين والوزراء والنواب في المنطقة الخضراء بالقطع المبرمج للكهرباء رغم كل ما يمتلكه من سلطة وصلاحيات واسعة .
إن رجلاً بهذا الضعف لا يُرجى منه أي خير  أو إصلاح .