بعد الثامنة ليلاً، الصراع يكون في أشده بيني وبين أبني علي؛ فكل منا يريد أن يتابع ما يبتغيه وما يطلبه، وأكثر المنازلات تنتهي بأنتصار علي، مما يضطرني الى البحث عن مصدر أخر لكي لا أضيع الفترات السياسية التي تبدأ منذ الساعة المذكورة في أعلاه، وأنتهائها عند منتصف الليل.
هذه الفترة الزمنية؛ تكاد تكون وجبة كاملة الدسم، بالنسبة للمهتمين والمتابعين للقضايا السياسية، حيث تكثر فيها الإشارات والتصريحات التي تكشف لنا كثير من الحقائق، التي يدلي بها بعض العرابين المهمين، في العملية السياسية، ولا نريد أن نبحث عن الهدف من أطلاق هكذا تصريحات، بل نبحث عن مدى ملائمتها للواقع وبتجريد مطلق .
لا أريد الاطاله في هذا الموضوع؛ كانت حصة الساعة التاسعة مساءاً من نصيب قناة العهد، والضيف هو السياسي عزت الشاهبندر، تلك الشخصية التي تنقلت بين العديد من الكتل السياسية، وكان لها دور كبير في العديد من الاتفاقيات والعمليات السرية والعلنية، ولست هنا في صدد التطرق لتلك القضايا .
ما جذبني للكتابة هو عندما سأل السيد الشاهبندر عن السيد حيدر العبادي قال ؛ أن العبادي هو رجل الساعات الاخيرة، وقد فسر هذه الجملة ببساطة عندما وضح أن الكتل السياسية أرادت أن تزيح السيد المالكي بأي طريقة كانت، ولم يتقدم من رجالات الدعوة أحد، الا السيد العبادي.
السيد الشاهبندر وضح أن السيد العبادي، لم يكن أختيار كتل التحالف الوطني، بل كان حلً للتخلص من البعبع، ويقصد السيد المالكي، قبل أن نحكم على هكذا تصريحات علينا أن نضعها في كفتي ميزان التوازن، ونبحثها من جانبين، لكي يتضح لنا مدى مصداقيتها وملائمتها لمجريات الاحداث .
الجانب الاول؛ في رأيي الشخصي أن مصداقية هذا الكلام كبير، خصوصاً أن هناك شخصيات كبيرة من حزب الدعوة، كان لها دور كبير أبان فترة حكم السيد المالكي، لكن لم يتم أختيارها لهذا المنصب، أمثال وليد الحلي وعلي الأديب، وأن أختيار السيد العبادي من أجل أبعاد السيد المالكي فقط، هي كارثة تكاد تكون بقدر بقاء السيد المالكي نفسه .
الجانب الثاني؛ أذا كان أختيار السيد العبادي جاء عن قناعة أطراف التحالف الوطني، ولا علاقة لإبعاد السيد المالكي بذلك، فلم لا يتم القيام بعملية أصلاح حقيقية، تقوده الكتل الداعمة لرئيس الوزراء، خصوصاً وهم يملكون الأغلبية داخل قبة البرلمان، ولا يستطيع أي طرف أن يقف بوجه أي قرار يمكنهم أتخاذه.
هذه هي القناعات التي توفرت لدي، بعد أن فشل التحالف الوطني في قيادة عملية الإصلاح، وعدم أهتمامهم بالأزمات التي تهدد البلاد، وتمسكهم بالامتيازات والمناصب التي يتكالبون عليها، حتى وصل صراعهم على رئاسة التحالف الى باب مسدود .
خلاصتي هذه المرة تتفق مع ما جاء به السيد الشاهبندر، وأن أختيار السيد العبادي لم يتم الا من أجل الخلاص من الولاية الثالثة، ولم يأتي على أساس القدرة على أدارة هذه المرحلة الصعبة، رغم أنني أتمنى أن ينجح، ويكون صادقاً في إدارة الإصلاح المطلوب، وأن يدحض الفكرة التي تقول أنه كان اختيارا في الساعات الاخيرة .