بدأ رئيس الوزراء حيدر العبادي حملته الانتخابية المبكرة بعد تحرير الموصل والمناطق الاخرى من تنظيم داعش الارهابي ومن ثم السيطرة على المناطق المشمولة بالمادة 140 عبر اتفاقية ثلاثية بين ايران وشلة بافل الطالباني في قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني
والحكومة الاتحادية المتمثلة بقيادات الحشد الشعبي التي كانت طرفا اساسيا في الاتفاقية المذكورة.
وما اعلان العبادي بالشروع في حملة جديدة ضد مافيات الفساد الا جانبا اخرا من حملته الدعائية وادعى ان الحرب ضد الارهاب انتهى وسيشرع في حرب جديدة ضد رؤوس الفساد وذلك محاولة منه لذر الرماد في العيون وايهام المواطن العراقي انه المنقذ الحقيقي للعراق
من ازماته المتعددة ، ولكن لم تعد تلك الادعاءات الفارغة والواهية تنطلي على الشعب العراقي ، لان شبع من الوعود السابقة التي اطلقها رئيس الوزراء من دون تنفيذها ، حيث اعلن العبادي في اولى ايام وصوله للسلطة انه سيشن حربا حقيقيا ضد الفساد وادعى انه
كشف عن عشرات الالاف من الفضائيين في المؤسستين العسكرية والامنية للبلاد وسيتخذ الاجراءات بحقهم ، ولكن كل تلك الادعاءات كانت مجرد كلام الليل.
استمرار الحصار وتجويع الشعب الكوردي من قبل حكومة العبادي واستخدام سياسية المماطلة والتسويف في قضية دفع رواتب الموظفين واستمرار غلق المطارات والمنافذ الحدودية لاقليم كوردستان مع العالم الخارجي، لأثارة الشارع العربي ضد الكورد كانت حلقة اخرى من
الحملة الدعائية المبكرة للعبادي لنيل الولاية الثانية ناسيا او متناسيا ان الشعب الكوردي يشكل القومية والقوة الثانية في البلاد ولايمكن باستخدام تلك السياسات الرعناء من النيل منه وسيبقى رقما صعبا في الانتخابات المقبلة والتحالفات المستقبلية بالرغم من حالة الانقسام
والتشظي الذي يعانيه قواه السياسية في الوقت الحاضر.
كمااستغل العبادي الانتصارات العسكرية لغرض الدعاية الانتخابية عبر خطاباته وتصريحاته الاعلامية الرنانة وعبر جيشه الكتروني على مواقع التواصل الاجتماعي وفي نفس الوقت ارسل رسالة خاصة للغرب وبالاخص الادارة الامريكية مفادها انه سيقطع يد الحشد
الشعبي في البرلمان والحكومة المقبلة عندما اعلن عن معارضته القاطعة لمشاركة قادة الحشد الشعبي في الترشيح للانتخابات طبقا للقانون مما اثار سخط تلك القيادات والاوساط الشيعية المؤيدة لها.
بعد اسابيع قليلة من معارضته القوية لمشاركة قادة الحشد الشعبي في الترشيح للانتخابات وفي تخبط واضح تم تشكيل تحالف نصر العراق من قبل العبادي و تفاجأنا حين سمعنا ان ائتلاف الفتح المتشكل من القوى السياسية المشكلة للحشد بالاضافة الى تنظيمات صغيرة
موالية لايران اصبح جزءا من تحالف نصر العراق بقيادة العبادي ، ما اثار دهشة واستغراب المراقبين السياسيين المحليين والشارع العراقي وحتى مراكز القوى الاقليمية والدولية المهتمة بالشأن العراقي.
الا ان هذا التحالف لم يدم اكثر من 48 ساعة ، وفي خطوة ذكية وانتقامية من قادة الحشد ،اعلن ائتلاف الفتح انسحابه من تحالف العبادي موجها اليه ضربة قاضية وقاسية ليلقى مصيره بالفشل الذريع وينسف حلم العبادي للحصول على ولاية ثانية ، كما كان اعلان
انسحاب ائتلاف ( بيارق الخير) بقيادة وزير الدفاع السابق خالد العبيدي من قائمة نصر العراق ، ضربة موجعة اخرى لأتلاف العبادي وربما دق المسمار الاخير على نعشه.
لم تكن تلك الضربات خيبة امل للعبادي في الانتخابات المقبلة فحسب بل وضعه في موقف محرج امام الادارة الامريكية وحلفائها التي كانت تدعمه ، لان واشنطن وحليفاتها فقدت ثقتها بالعبادي لمواقفه المتذبذبة والانتهازية وبهذا ينطبق علىه وائتلافه المثل العراقي القائل
(لا حظت برجيلها ولا خذت سيد علي) ليلقي مصيره المحتوم.
ان تخبط العبادي وفشله الذريع في معالجة المشاكل والملفات الشائكة المحلية والاقليمية وأخطائه الفاضحة في محاولته مسك العصا من الوسط في حفظ توازن علاقاته بين ايران والولايات المتحدة و غروره الكاذب من نشوة الانتصارات العسكرية الاخيرة وعدم قراءته
الصحيحة للواقع العراقي وموقف القوى الاقليمية والدولية من الشأن العراقي ادى الى فقدان ثقة الجميع به وبالتالي خسر المعركة الانتخابية مبكرا وتبدد حلمه في تجديد ولاية ثانية وربما نهاية حياته السياسية في داخل حزبه وعلى مستوى العراق.