قال رجل لأحد كبار المسؤولين في دولته:لمَ لا تدعوني في دعواتك وولائمك؟ فقال لأنك جيد المضغ، شديد البلع، إذا أكلتَ لقمة هيأت الأخرى، فقال الرجل: أتريدني إذا أكلتُ، أن أصلي ركعتين، بين كل لقمتين؟ مسيرة العراق كبيرة بتفاصيلها، فخيره وفير، وثمره كثير، لكن المؤسف في الأمر، أن المواطن البسيط، لم يذق طعم الخير والثمر، طيلة عقود الطاغية، ثم عقد الديمقراطية الجديدة، التي حملت إرثاً ثقيلاً، يضاف الى أثقال المحرومين سابقاً.لم يكن الشعب جيد المضغ شديد البلع، لأنه لم يأكل شيئاً من خيرات أرضه، إلا خلاصه من العفالقة المتوحشين، فالحكومة متكفلة بهذا الأمر، ولا تنتظر صلاة ركعتين أو أكثر، لتقوم بشرعنة أفعالها وإفسادها، حتى لكأنها تريد تغيير الشعوب، لخدمة مصالحها بدلاً من المعالجة، فما يخدمهم يسرعون بإقراره، أما خدمة الجماهير فالى طريق مجهول، لأن حريته مهددة بصمت إصلاحي، متجزأ لا ينفع للمضغ أو البلع، فالمصالح لا علاقة لها بالأخلاق إطلاقاً.الأحداث التأريخية التي مرت وتمر بالبلاد، تجعل الشعب متحركاً، داخل حاسة الإنتماء، والمواطنة، والتعايش، حيث إفتقدها السياسيون، فلم يعد الشعب يصدق الأعيبهم، بدءاً بالطائفية المقيتة، مروراً بالحزم الإصلاحية الزائفة، حتى موجة التكنوقراطية، التي طبل لها العبادي، بحيث كان جيد المضغ، وشديد البلع لخطاباته الحماسية الرنانة، رغم أن نتاج حكومات حزبه السابقة والحالية، لم يتم دعوة الشعب اليها، لانها ولائم دسمة، خاصة بالطبقة السياسية التابعة لكتلته، قائلاً: إهدروا وإفسدوا، وأنتم الاعلون.حقيقة دهاليز الإصلاح التكنوقراطي، الذي صدع رؤوسنا بها، حيدر العبادي غامضة، لكنه كان شجاعاً، في سرقة المشهد السياسي الثائر، وإستغل الفرصة لئلا يطاح به وأزلامه، ولأن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة، بدأ بلعبة التكنو قراط، ليتشدق بها دون معايير موضوعية مهنية، لتقييم أداء الوزراء، وحتى إجتماع التحالف الوطني، واللجوء الى طاولة الحوار المستدير، هي الأخرى لم تكن سوى صفحة للتوافق، والمحاصصة، والدليل عدم الاتفاق نهائياً، على صيغة التغيير الوزاري.التوازن المفقود في العملية السياسية، هو ما يشجع الأعداء والمتآمرون، على حياكة حلقات جديدة، بعد مسلسل داعش الإرهابي، لأنهم يشاهدون ساسة العراق، يقتسمون المكاسب تارة بالتوافق، ومرة بالمحاصصة، وتارة اخرى بالقوة تحت مسمى الوكالة، لعدم وجود المؤهلين، إذن كيف ستنتج حكومة، بكابينة وزارية تكنوقراطية، إذا كنا لا نستطيع حسم ملفات المناصب، التي تدار بالوكالة في المؤسسات، والهيئات المستقلة، وهي في حقيقتها غير مستقلة بتاتاً، أفحكم الجاهلية تبغون؟ ساء ما تحكمون؟