فضيحة البرلمان الاخيرة و ما تم الكشف عنه من مساومات و صفقات و استغلال للمال العام جعلت الجميع يتجهون الى رئيس الوزراء ينتظرون ما سيصدر عنه من اجراءات تجاه من اتهمهم خالد العبيدي بمساومته خاصة و ان العبادي يردد في كل مناسبة عن استمراره في الاصلاح و مكافحة الفساد و ما حدث في البرلمان يكفي لينفذ وعوده و يستخدم سلطته في محاسبتهم بما يملكه من صلاحيات على الاقل ليثبت ان حكومته نزيهة فاتهام وزير الدفاع او غيره من الوزراء بتهم الفساد تعني في النهاية ان رئيس الحكومة فاسد و العكس صحيح.
ان اكتفاء العبادي بحزمة من الاجراءات كتشكيل لجان تحقيق و منع عدد من النواب من السفر او توجيه هيئة النزاهة للتحقيق معهم هي في الواقع قرارات روتينية لن تحقق الغرض المرجو منها و في الوقت نفسه تخفي الاسباب التي دفعت العبادي الى عدم اتخاذ اجراءات حاسمة كالتي توقعها الشعب منه لمواجهة الفضيحة التي هزت السلطة التشريعية .
ما يشغل بال العبادي الان هو تشكيل حكومته الجديدة بعد الاستقالة شبه الجماعية لوزرائه ليكمل فترته كرئيس للحكومة و من المؤكد ان الاحزاب لها الدور الرئيسي في اختيار الوزراء الجدد او رفض من سيقترحهم العبادي و بالتالي الدخول في مساومات و صفقات جديدة كالتي كشفها وزير الدفاع خالد العبيدي ان لم تكن اكبر أي ان العبادي الذي يفترض به محاسبة من ساوم و ابتز وزيره خالد العبيدي يتعرض لعملية المساومة مرة اخرى سواء لتشكيل حكومة جديدة او بقاءه شخصيا كرئيس للحكومة و من ذات الاشخاص اللذين اتهمهم وزير الدفاع و هو ما يفسر قوة التصريحات التي يطلقها رئيس مجلس النواب و النواب المتهمين بقضايا الفساد ( سواء من اعلن اسمائهم خالد العبيدي او غيرهم ) لأنهم يعلمون ان الامور تدار بهذه الطريقة التي اوصلت معصوم و العبادي و الجبوري الى مناصبهم و ان كشفها امام الشعب سبب احراجا دون ان يؤثر على مواقعهم او قوتهم و نفوذهم.
من الطبيعي ان يتعرض وزير الدفاع الى الضغوط طالما يتعرض لها رئيس الوزراء نفسه رغم ان الفرق هو ان الاخير لم يعلن عنها على عكس ما فعله وزير الدفاع و من الطبيعي ايضا ان يمارس رئيس البرلمان او النواب او غيرهم كافة الوسائل لغرض الحفاظ على مصالحهم الشخصية او الحزبية طالما تعمل الدولة على هذا الاساس الذي يبرر الفساد و يحمي من يمارسه للحفاظ على ما يسمى بالعملية السياسية التي لا يزال الشعب يعتقد ان هناك املا في اصلاحها او يمكنها ان تُخرِج من هو قادر على مواجهة الضغوط بمختلف اشكالها فقط ليرضي الشعب و يحقق مطالبه التي يرددها يوميا في تظاهراته و لا تجد من ينظر اليها .