ليس دائما هطول المغنم شيء مفرح فقد يجلب معه من المشاكل ما ينغص حياة الموهوب, ربما العبادي ما كان يحلم أن يكون رئيس وزراء, ليس نقصا في شخصيته ومقامه لكنه ما كان الأكثر أثيرية في مجموعته لأنه الأقل تصريحاً وعرض عضلات, بحكم نشأته وتحصيله الجامعي وتربيته الإجتماعية , مع أن في دولة القانون ثعالب وذئاب عرفت نقص رئيسها فقدمت له ما كان يطمح فيه , تصور مثلا عزة الشابندر عضو حزب الدعوة وجليس مقعد رئيس الوزراء في البرلمان من خلال ما أسموها المقاعد التعويضية , يهاجم رموز بحزب الدعوة على هوى الرئيس لأنه يعرف أن هذا الكلام يفرحه , فينال من العبادي والآخرين , ليقدم نفسه على أنه الأعلم “عمي كلكم الأعلم ولكن لخراب العراق” .
لقد رحبت الأوساط الداخلية والخارجية وأعداء المالكي بمقدم الرجل , نستطيع القول انه حظي بمقبولية الجميع , ولكن كل يريد منه أن يحقق ما كان المالكي قد إجترحه ظلما وعدوانا , ربما معهم حق , فاذا لم يحقق ما يصبون إليه كانمأ شيء لم يحصل , والجميع يعرف مقدار الجروح التي خلفتها سنوات المالكي من دم وفتك وعبث حتى صار العراق يتنافس على المرتبة الأدنى مع دول حتى خرائط الجغرافية تهمشها .
العبادي هو أبن حزب مسؤول عن خراب العراق وعضو في قائمة خالفت الجميع من أجل أن تحقق لرئيسها ولاية ثالثة , ومسؤوله الحزبي أُستلت منه الرئاسة وكأنما أُستلت روحه . والأدهى من ذلك أن القانون البغيض “الدستور” الذي أوجده بول برايمر على عقليتهم يعتبر سداً هائلا أمام أي تغيير جذري , فقد أوجدوا لأنفسهم المشروع الذين كانوا يطمحون اليه بل أكثر بكثير .مما كانوا يصبون ويتمنون .
في الدول المتقدمة الناس لا تحتاج لأحزاب ولا تعلق عليها أهمية تذكر ,لأن القانون ضامنا للحقوق , في حين أن دول مثل العراق يتافس طامحوا إحتياز المغانم تأسيس الأحزاب لا حباً بنقل الشعب إلى مصافي ما يدمج من برامج في لوائحهم , بل في كيفية إحتواء المجتمع لحوزتهم . ولهذا ولدت أحزاب وأنشطرت أحزاب وتحولت مع كل بدء إنتخابات إلى مسميات جديدة ولأنها وجِدت من أجل نفسها قدمت قوائم بطلباتها للرجل , مع أن أغلب الطلبات تتعارض مع ما تقدمه الأحزاب الأخرى , وما يريده الوطن .
والمشكلة الأكبر هي الإملاءات الخارجية فلأمريكا أجندة خاصة ولإيران أجندات أكثر خصوصية وربما تتعارض بعض الشيء مع الأجنده الأمريكية ولا تنسى تركيا ودول الخليج . وما يحصل في سوريا يمتد بل إمتد وتسطح على أراضي نينوى وما يحيط بها , وهناك مليشيات سنية وأخرى شيعية والناطقون باسمئهن كثر , والأخوة الأكراد لهم حقوق بموجب الدستور وولدت لهم حقوق بفعل ما حصل أخيرا حسب ما يصرحون وفي الداخل كل يغني على ليلاه وفي الخارج بائعوا العراق يتفاوضون على حقائب وزارية بملايين الدولارات, في عواصم لها تأثير على الساحة العراقية , من أجل ملايين جديدة لبطونهم التي لا يملؤها غير الله بالتراب .
والكل يعتبر نفسه الثقل الأكثر وزناً , وكأن العبادي قد فجر إنقلاباً وهو خيار نفسه في كيفية المعالجة . الرجل قد لا يستطيع التوفيق بالسهولة التي جاءه المنصب , ومن الصعوبة حمل الأطراف إلى تصوره . ولا أتصور هناك طرف قادر على أن يضع العراق على الجادة المستقيمة التي يتمناها العراقيون , فالذين كانوا لا يملكون القنطار اليوم يتحدثون عن مليارات والكل ينظر للأعلى وكيفية التسابق مع الآخرين , والفقراء في بلاد مابين النهرين أما رهين البيت لا حول له ولا قوة وأما مشرداً خارج الحدود يأمل بفرصة تأتيه من السماء لتنقله الى بر الأمان , ولا تسأل عن الأرامل والأيتام والمعوقين كذلك لا تسأل عن الآف المركونين في السجون ولا أحد يعرف ما هي التهمة التي سيقوا بها إلى المعتقل من سنين .
الكل يأملون من العبادي أن يحقق إرادتهم , والعبادي لا يدري من يحقق إرادته.