17 نوفمبر، 2024 1:48 م
Search
Close this search box.

العبادي بين سندان المرشد ومطرقة ترامب

العبادي بين سندان المرشد ومطرقة ترامب

الانتخابات المقبلة في العراق في ايار القادم ستكون مفصلية ليس فيما يتعلق بالوجوه بل بالاتجاهات . الادارة الامريكية والغرب يراهنان على ولاية ثانية للدكتور العبادي ، لاسيما وان الطرق معبدة أمامه ، فشعبيته في اوساط العراقيين ازدادت بعد الانجازات التي تحققت في ولايته ، ومن اهمها الانتصار على داعش وتحريره للمدن والاراضي التي كان قد استولى عليها، و لتحركه السريع في احباط استفتاء الكورد في 25 من ايلول الماضي واستعادته للمناطق المتنازع عليها ووضعها تحت سلطة الحكومة المركزية.
ايران بدورها ، لا تمانع من وجود العبادي على رأس ولاية ثانية طالما كانت قادرة على احتوائه . وستكون محاولة المالكي للعودة الى منصب دولة الرئيس محفوفة بالمخاطر ، وهو يعرف ذلك ويتفهمه ويقبل به ، ويدرك ان ايران لا تريد المجابهة مع امريكا في الوقت الحاضر بغض النظر عن شعارها المحبب الموت لأمريكا . بيد ان على العبادي استحقاقين ينبغي ردهما لأصحابهما ، فالانتصار على داعش ما كان يتحقق من دون دعم التحالف الدولي بقيادة امريكا عسكريا واعلاميا . وما كان يتحقق أفشال استفتاء الكورد واسترداد المناطق المتنازع عليها من دون ايران . وفي كلا الحالتين تجيّر الانتصار والنجاح للعبادي .
دعونا نتصور احتمال ما سيكون اذا ما حاز العبادي على الولاية الثانية . ستطلب امريكا منه في أحسن الاحوال بالنسبة له ، عدم التورط في محور ايران ومعالجة وضع الحشد الشعبي بما يضمن وجود السلاح بيد الدولة وتحقيق مصالحة وطنية حقيقية . أما أسوؤها ، فدعوته لكي يكون شريكا من ضمن الشركاء الذين يعملون معها لأحتواء ايران وتقليم مخالبها ، وان يتحرك العراق اقليميا في هذا الاتجاه ، وان يندمج اكثر مع دول الخليج العربية ، وان يحقق مصالحة وطنية تقوم على شراكة حقيقية يشعر فيها العرب السنة والكورد انهما فعلا يساهمان في قيادة البلد . مقابل هذا سيلقى العبادي الدعم الغربي والعربي على مختلف الاصعده ، وسيساهم الغرب والدول العربية الخليجية في عمليات الاستقرار واعادة الاعمار ، وسيضمن وحدة العراق واستقرار الاوضاع الداخلية ، فلا الكورد يطالبون بحقوق اكثر مما ضمنه الدستور ، ولا السنة يفكرون بأقليم سني .
اما ايران فستطلب من العبادي ، في أحسن الاحوال بالنسبة له، ان لايكون متعلقا بدرجة كبيرة بالحبل الامريكي ومتفهما لأهمية نفوذها في العراق . أما اسوؤها فهو ممارسة ضغوطها باتجاه ان لايتخذ اجراءا تنعكس اثاره سلبيا على ايران أو على نفوذها في العراق ، وان يكون دور العراق واضحا في دعم سياسات ايران الاقليمية، والابتعاد عن السعودية ودول الخليج العربية الضالعة في الخطط الامريكية الموجهة ضد ايران . وخلال ذلك ستفهمه انها ، بما تمتلك من نفوذ في العراق ، قادرة على الاطاحة به بسهولة ، لاسيما بوجود طامحين لمنصب رئيس الوزراء لا يترددون في الاعلان عن استعدادهم لأن يكونوا طوع بنان المرشد الاعلى في ايران.
وضع الدكتور العبادي في الولاية الثانية لن يكون سهلا ، فسيمتحن بين سندان المرشد ومطرقة ترامب. أما سياسة مسك العصا من الوسط ، التي حافظ عليها العبادي خلال الولاية الاولى فلن يكون خيارا مقبولا في الولاية الثانية، لامن قبل المرشد ولا من قبل ترامب . فهو بين خيارين اهونهما مر ، بين خيار الاطاحة به من المرشد أو الاطاحة بوحدة العراق من ترامب.

أحدث المقالات