23 ديسمبر، 2024 5:19 ص

العبادي بين الواقع والطموح

العبادي بين الواقع والطموح

على عهد أيام المالكي الأخيرة كانت النفوس قد وصلت التراقي والإشمئزاز وصل حد التقيء والرجل يعرف هذا لكنه لا يستطيع العيش بعد هذه السنوات الثمان بدون منصب أو بالحقيقة بدون مناصب ويتساءل مع نفسه أو مع المحيطين به من الشلاة إلى الفتلاوي إلى السنيد:  ترى من يستطيع إدارة رئاسة الوزراء والداخلية والدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة وتوجيه القضاء وضبط عقارب النزاهة ومسك مفاتيح زنزانات المخابرات وأسرا ر قوات سوات . والمرتزقة من حوله يؤكدون  صحة كلامه ويقولون : لو ذهبت ستأتينا داعش إلى أوكارنا لأنك الوحيد القادر على جعلها ترتجف خوفا
 وهلعا . لهذا تجمدت في سهل نينوى .
هكذا وصلت قناعته . والدكتاتوريون دائما يفسرون الأمور على هذا الهوى ويوما بعد يوم يرتفع  عندهم مستوى التضخم الكاذب ويصبح هو المقياس للوطنية والتمسك بالكرسي , لذلك طال الوقت فالكل لا يريد الرجل حتى من فك الرباط عن عينيه وأجلسه على الكرسي بدأ يدرك مخاطر وجوده , من المرجعية إلى أمريكا إلى إيران إلى حزبه,  اللهم إلا جلاوزته  ومستشاريه لأن مصيرهم مرتبط بمصيره ,وإنه  ولا كأن الأمر يعنيه فلو راح سيروح العراق إلى جهنم , وهو يريده إلى الجنة .  هذا المهووس كان يرى نفسه على غير الحقيقة الآدمية مع كل الفشل والبؤس والجفاف ولو كان ناحجا  بواحدة
 لقلنا له غير هذا .
أنا شخصيا كنت أتصور سلوكه فرديا ولكن مع الأيام إتضح لي أنه سلوك متجذر في عقلية أي حزب ديني لج عالم السياسة ولهذا للآن الإخوان المسلمون  في مصر يبكون على الشرعية ويذبحون الناس قرابين لعودتها .
  لقد فشل الرجل في مسعى البقاء لإربع سنوات أخرى وإنتهت طروحاته بدعوى الحق الإنتخابي وحكومة الأغلبية  وضرورات الشرعية  . وترشح العبادي لمنصب رئيس الوزراء  أشعر أن الهم العراقي إنزاح عن الكاهل المتعب حتى أخبار  داعش وميليشات الخزعلي منظمة بدر لم يعد لهم  في عقل الفرد العراقي  من أثر,  كأنه الخلاص الأبدي من مرحلة إتشحت بالسوداوية والتلون والكذب . لعل المالكي كان الطوق الثقيل على الجميع , الآن ولى بلا رجعة والكل مستبشر بالقادم الجديد كل وسائل الإتصال ومواقع التواصل وصفحات البحت والتقصي والتحليل والنشر مستبشرة بالقادم الجديد إلا
 المالكي فقد كضم غيضه على المرجعية وأمريكا وتوعدهم مع نفسه بالويل والثبور . ولا كأن المرجعية هي التي نفخت في صورته وحسنت خلقته ,  وهو منتشي يضع إسمه تحتها حتى أسموه الكذابون “ولي العصر” والناس بين الإحترام للرأي وبين الخوف لزموا الصمت , هذا الصمت المر . الآن الكل  ينظر للعبادي  كمخلص ومنقذ وقائد سفينة العراق إلى مرفا الآمان ونتمنى أن يكون هكذا,  لكن الرجل بين مطرقة التمنيات وسندانة التوازنات , فالقوى السياسية تريد حقها الإنتخابي كما تعودت , والطوائف تطالب بتمثيلها السكاني , وإيران تريده بلدا شيعيا , وأمريكا تريده ديمقراطيا على هواها
 , خاويا باهتا لا صوت له ولا صورة ,  وطموح الرجل يتعثر بين تمنياته وسدود الآخرين حتى لتجد أن العراق الوحيد من لا إحد   يتكلم بإسمه , هذا العراق الذي ذبحته أمريكا بإحتلالها  وسجنه برايمر بدستوره الأسود ولأول مرة بلد عضو في الأمم المتحدة وأحد أهم مؤسسي  جامعة الدول العربية يرتهن برئيس وزراء شيعي ورئيس جمهورية كردي ورئيس برلمان سني وطوائف تقتسم المناصب الوزارية إبتدأ من السيادية للخدمية ونسمع أن مزايدات  علنية وسرية وصفقات تجري في عواصم وأماكن لمن يبيع وزارته بالملايين إن شراء المنصب أو بيعه هو المأساة الأكبر لأنها تعني بيع المواطن .
أتصور أننا سنظل عاطفين حد العظم عاقدين الأمل على من لا يستطيع تحقيق حلمنا  لأن المتغير الجديد هو أحد الكيانات التي عانينا منها كثيرا , وهو إبن حزب الدعوة  وأحد رجالات العهد الجديد وجاء كغيرة على  ظهر الدبابة  الأمريكية حسب القول المتداول , فهو المالكي ولكن بلقب وإسم آخرين , ولو فرضنا جدلا أن الرجل  مثلنا  موجوع القلب مجروح الشعور يعرف الكثير لكنه لا يستطيع البوح والشكوى أو قل ليس هناك من يسمعه لأن الزمرة العليا نزولا بيد الطائفيين والعملاء ومصاصي الدم ولاحسي العظام , وغداً حين تفتح أبواب الوزارات للجدد يتغير كل شيء على مزاج الوزير
 الطائفي ونرجع نحن المتأملين الخلاص نجتر شكوانا لمن لا يسمع الشكوى , أو يسمع ويتحسر لأنه لا يستطيع أن يقدم لنا شيئا .