28 ديسمبر، 2024 11:09 م

العبادي إلى اليسار درّ

العبادي إلى اليسار درّ

اختار الصحفي مارتن كلوف والذي يحقق في شؤون الشرق الاوسط للغارديان عبارة النائب مشعان الجبوري “الجميع فاسدون، من القمة إلى القاع. وأنا من بينهم” ليقول انه تعبير “يوجز بدقة احداث دولة العراق اليوم”.فلابيانات رئيس الوزراء حيدر العبادي ولاتصريحات المتحدثين باسمه ولا الكلام الناعم للمحللين السياسين ولا الحج إلى السفارة الايرانية ولا العمرة إلى السفارة الاميركية تنفع انزعاج المواطنين من الاداء السيء لبعض الوزراء واخفاق العبادي في محاسبتهم. ذات الانزعاج من كثرة تصريحات العبادي عبر وسائل الاعلام التي يتحدث فيها كثيرا عن اصلاح على الورق لم ترّ النور ولا السرور إلى قلوب المواطنين. العبادي على ورقة الاختبار، من يتذكر كلمتةفي يوم تشكيل الحكومة الذي قال وهو يؤشر بيده على وزراءه الحاليين الراغب بـ”تغيرهم جذريا” قال: بهولاء سأنفذ البرنامج الحكومي الذي بيدكم ايها السادة النواب وسننجح جميعاً” هذه الجملة مازالت تضرب في ذهني كلما سمعت العبادي يتحدث عن الفريق المنسجم وغير المنسجم ولماذا آلان وبعد أن وضع على المحك مع الشعب بدأ يتحدث عن حكومة كفاءات وتكنقوقراط وعلماء ومصلحيين. والسؤال المحير لماذا ادار العبادي ظهره عن كل الانتقادات الاعلامية وغير الاعلامية التي وجهت إلى وزراءه والذين اغلبهم من صقور الكتل السياسية. العبادي في ورطة وحيرة من أمره لايحسد عليهما، لاسيما بعد الانسحاب الدبلوماسي للمرجعية الدينية من دعم الحكومة التي يتولى رئاستها وانعزالها عنه تتطلب موقفا واضحاً يضع العناوين لمشاريع تائه. وبطبيعة الحال يبقى الحديث في الاعلام عن الإصلاح اسهل مايمكن لكن الاصعب أن تترجم هذه الإصلاحات على الارض وأن يلمسها المواطن بيده لا بسمعه، وان يكون الاصلاح شاملاً لا جزئيا، والعبادي الذي انتجته هذه الكتل السياسية لايملك القوة الشعبية أن يجري عملية جراحية للنظام السياسي. ليست المشكلة في الحكومة ولا في البرنامج الحكومي وقد تكون ايضا ليست مشكلة في اختيار الوزراء او حتى طريقة اختيار الوزراء لكن المشكلة الاكبر هو في طبيعة انتاج الحكومة وولاددتها وهذا الامر لايتم الا عن طريق استبدال الجلد السياسي .  اختلفنا أم اتفقنا مع النائب حنان الفتلاوي لكنها وضعت سؤالاً محيرا ً هو من يقيم اداء رئيس الوزراء؟ ومن يضعه في خانة التكنوقراط؟ ومن يصنفه في خانة الكفاءات؟ واذا كان كل هذا لماذا لايستقيل من حزب الدعوة ليستمر في عمله كرئيس للوزراء. هذه الفرصة الاخيرة وهذا الاختبار الاخير ليس للعبادي فحسب بل لهذه الطبقة السياسية المتشققة المنقسمة المتوزعة التي لاتتفق الا نادرا على مصلحة المواطن. هامش لاتنفع العبادي المقالات التي تمدحه وتصف له العراق  اشبه بجنائن الاندلس ولاتنفع كذلك الاقلام التي تشهر به ليل نهار بل الامر يحتاج إلى قليلاً من الترويض والحديث بمكاشفة بلا رتوش ولا تزييف ، فالوقت ليس بصالحنا جميعا ….   …